ردّا على قاسم قصير: تحية للجماعة الاسلامية خارج 8 و14

كتب الزميل قاسم قصير أنّ الجماعة الإسلامية "لا تستطيع مجاراة تيار المستقبل وقوى 14 آذار سياسيا وشعبيا ولا تستطيع نسج علاقة قوية مع حزب الله بسبب الموقف من الازمة السورية". فهنيئا لها لأنّ استقلال القرار هو قيمة ايجابيّة بحد ذاته، وهو ظاهرة صحيّة نادرة في وطننا بظل التبعيّة السياسيّة لكل الأحزاب، وهو رديف للحريّة الدينيّة سيصنّفها "جماعة اسلاميّة" متنوّرة في عصر هيمنة الفكر الديني الشمولي.

كتب الزميل الحاج قاسم قصير في موقع “ناو ليبانون” قبل أيام، لمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس “الجماعة الإسلاميّة” في لبنان ما نصّه:

” في ظل هذه الظروف الصعبة سياسيا وشعبيا تحيي الجماعة الاسلامية الذكرى الخمسين لتأسيسها وهي تحاول اتباع نهج سياسي يحفظ لها استقلاليتها ومواقفها المتمايزة داخليا وخارجيا، لكن من الواضح للمراقب لاداء الجماعة السياسي انّها تعاني من ازمة كبيرة على مستوى الاداء والموقف، فهي لا تستطيع مجاراة تيار المستقبل وقوى 14 آذار سياسيا وشعبيا رغم انها تلاقت معهما احيانا. ما ادخلها في اشكالات عديدة، وهي لا تستطيع ان تعود لنسج علاقة قوية مع حزب الله بسبب الموقف من الازمة السورية، كما انها لا يمكن ان تجاري التيارات السلفية والمتشددة على الساحة الاسلامية لأنّ ذلك يخالف نهجها الاعتدالي والوسطي وسيؤدي ذلك الى إدخالها في صراعات ومشاكل في غنى عنها”.

الجماعة الإسلامية

وتعليقا على ذلك نقول إنّ استقلال القرار هو قيمة ايجابيّة بحد ذاته، وهو ظاهرة صحيّة نادرة الوجود في وطننا في ظل التبعيّة السياسيّة القائمة لدى غالبيّة احزابنا، وهو ايضا رديف للحريّة الدينيّة سيصنّفها “جماعة اسلاميّة” متنوّرة  في عصر هيمنة الفكر الديني الشمولي والاقصائي لدى جميع المذاهب. وهذه القيم النفيسة تستأهل التضحيّة بكل تلك الشعارات المبتذلة والزائفة الرائجة هذه الأيام التي تمجّد القوّة وتحصي الاتباع والمريدين الذين أضلتهم تلك الشعارات وأعماهم التعصب بعدما غسلت أدمغتهم بعقائد ديماغوجيّة تقدّس عقيدة المذهب او الطائفة.

نفتقد نحن اللبنانيون الشيعه لاستقلالية القرار منذ أمد بعيد، سابقا في ظل الهيمنة السورية على لبنان يوم كانت حركة “أمل” هي من يمثلها سياسيا، ولاحقا في ظل الامتداد الايراني العضوي والعقائدي لحزب الله الذي بدأ يتحكم بالقرار الشيعي عقب الانسحاب السوري من لبنان عام 2005.

ومثالا: هل يستطيع  حزب الله  ان يتخذ قرارا منفرد بالخروج من الصراع العسكري في سوريا؟ وبالتالي استعادة سمعته يوم كان عنوانا للوحدة الإسلاميّة ورمزا للمقاومة بعدما تمكن من مقارعة اسرائيل بجدارة وهزيمتها مرتين وأكثر؟

وكان فؤاد سلامة قد كتب قبل عام يتنبّأ بالمأزق الشيعي الذي يتعاظم يوما بعد يوم بفعل تبعيتهم للقرار الايراني قائلا:

“من الواضح أن “الشيعة” اللبنانيين، الذين يحددون أنفسهم كطائفة (كمعظم اللبنانيين) في مأزق كبير لا يحسدهم عليه أحد. فبعدما كانوا عنواناً عربياً وإسلامياً وحتى عالمياً للمقاومة ضد الإحتلال، ها هم يواصلون انحدارهم من القمة التي مكثوا فيها لسنوات نحو الهاوية التي ينجرفون إليها بسرعة ولا يستطيعون حتى أن يدوسوا على كوابح مركبتهم المندفعة نحو القاع. فماذا حصل؟ مؤامرة، يقول منظّرو حزب الله ومن بقي من داعميه اليساريين المتهاوين بدورهم.. إذا كانوا يعرفون أنّها مؤامرة لجر حزب الله للقتال في سوريا ضد المتشددين السنة، كما يُفهم من قول زعيم حزب الله عندما حذر جماعة القاعدة من القدوم إلى سوريا لكي لا يتعرضوا للإبادة هناك. فلماذا يدفع حزب الله بأبنائه إلى سوريا لقتال الجهاديين ليعود مقاتلوه بالأكفان إلى القرى الشيعية؟ “

شعار الجماعة الإسلامية في لبنان

فلتنعم الجماعة الاسلامية بمأزقها “الاستقلالي” الذي لن يجعلها تتحكم بالقرار السني اللبناني قريبا، فهي بعيدة عن الفكر التكفيري كما قال الزميل قاسم قصير في مقالته، ولا تستخدم “الحقيقه” في قضية اغتيال الشهيد رفيق الحريري شعارا لشد العصبيّة الطائفيّة كما يتقن ويتفنن به تيار المستقبل… لكنها، وإن خسرت جمهورها اليوم، فهي ربحت تاريخها الخالي من وصمها بـ”الجماعة المأجورة”، وسوف تربح لاحقا جمهورا أكثر رقيا ووعيا بعد زوال موجة العصبيات التي تضرب النفوس والعقول حاليا، لتتبوّأ الاسلام المعتدل الخالي من ادران التكفير وكراهية الآخر واقصائه.

السابق
عون وجعجع: أحلام لا تسع وطناً
التالي
سعد الحريري: أكثرية اللبنانيين يسجلون في هذا اليوم للرئيس سليمان سياسته الحكيمة في إدارة البلاد