الإجراءات الأمنية في الضاحية إلى تراجع

تستعيد الضاحية الجنوبية حياتها الطبيعية إثر فترة عصيبة عاشتها وخصوصاً في بئر العبد وحارة حريك والرويس والمريجة، بعدما دفع الأهالي فاتورة باهظة ربطاً بتداعيات الأزمة السورية، وسقط عشرات الضحايا وجرح المئات بفعل التفجيرات الانتحارية، مما دفع الاهالي الى اتخاذ اجراءات أمنية مشدّدة لوقف تلك التفجيرات، وأبرزها رفع المتاريس والعوائق الحديد لمنع ركن السيارات.

قبل ثلاثة أشهر كانت التفجير الانتحاري المزدوج في بئر حسن، وتحديداً في 19 شباط الفائت الذي يبدو أنه كان خاتمة مسلسل ارهابي ضرب الضاحية، وبدأ بتفجير بئر العبد في 9 تموز الفائت. بعد موجة التفجيرات، شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت اجراءات أمنية مشدّدة بدأها “حزب الله” بإقامة حواجز تفتيش على مداخل الضاحية، قبل أن يسلّمها للقوى الأمنية وفي مقدمها الجيش، بموجب الخطة الأمنية التي شرع في تنفيذها في 23 ايلول الفائت.
وفي موازاة ذلك عمد الحزب واتحاد بلديات الضاحية الجنوبية ولجان الأحياء الى تنفيذ ما يشبه الخطة الأمنية المصغرة في الضاحية، وتضمنت رفع العوائق الحديد أمام المحال والمباني، فيما اتخذت اجراءات أمنية مشددة أمام المقار الحزبية وكذلك على طريق المطار، وتحديداً أمام مستشفى الرسول الأعظم والمجلس الاسلامي الشيعي الأعلى وغيرها، علماً أن أكثر الاجراءات تشدداً كانت أمام المستشارية الثقافية الايرانية في بئر حسن التي استهدفها التفجير الانتحاري المزدوج قبل ثلاثة أشهر.

تخفيف الإجراءات
بعدما نجح الجيش السوري بدعم “حزب الله” في استعادة السيطرة على معظم الحدود السورية مع لبنان، بدءاً من تلكلخ وصولاً الى القلمون وجرود عرسال، تراجع احتمال دخول السيارات المفخخة خصوصاً من القلمون الى جرود عرسال ومنها الى الهرمل والضاحية الجنوبية. وعلى رغم أن مسؤولين حزبيين كشفوا سابقاً لـ”النهار” أن عدداً من السيارات المفخخة استطاعت عبور الحدود الى لبنان بالتزامن مع استعادة دمشق سيطرتها على القلمون، يلاحظ زائر الضاحية الجنوبية تراجعاً واضحاً في الاجراءات الأمنية. وأمس أزيلت العوائق الحديد من أمام مبنى المستشارية الايرانية في بئر حسن، فيما أزال الجيش اللبناني بعض الحواجز من مداخل الضاحية، ومنها ذاك الذي أقيم على مقربة من كنيسة مار مخايل لجهة غاليري سمعان.
ويعتقد رئيس بلدية الغبيري أبو سعيد الخنسا أن التطورات الميدانية في سوريا تركت ارتياحاً في الضاحية وأن “البلدية تعمل على تخفيف الازدحام عبر إزالة العوائق غير الضرورية في أحياء عدة منها في بئر حسن، وتحديداً من أمام المستشارية الايرانية وتلفزيون “المنار” وغيرهما، عدا عن أن بعض المؤسسات نقلت الى أماكن أخرى وبالتالي لم يعد من داع للاجراءات الأمنية، والاوضاع تميل الى الاستقرار بعد الاجواء الداخلية الايجابية منذ تشكيل الحكومة الحالية، مما انعكس ارتياحاً سياسياً وشعبياً في البلاد انسحب على الضاحية الجنوبية. ويلفت الخنساء الى أن اجراءات أخرى ستتخذها البلدية لإزالة العوائق الحديد وغيرها.
أما في أحياء الضاحية الجنوبية، فعمد أصحاب المحال والمقاهي والمطاعم الى إزالة أكياس الرمل ورفع العوائق الحديد والكتل الأسمنت من امام مؤسساتهم، في خطوة تشي بأن خطر التفجيرات تراجع الى حد كبير وربما بات مستبعداً.
ويقول محمد ص. صاحب أحد المطاعم على أوتوستراد السيد هادي نصرالله أن “هاجس وصول السيارات المفخخة الى الضاحية لم يعد موجوداً بعدما نجح الجيش السوري وشباب المقاومة في استعادة السيطرة على القلمون التي شكلت المصدر الأساسي للسيارات المفخخة”، ويلفت الى أن الجيش اللبناني والقوى الأمنية تواصل اجراءاتها الأمنية، ويمكن أي زائر للضحية ملاحظة هذه الاجراءات، خصوصاً على المداخل”.
ويعرب أصحاب المحال التجارية عن أملهم في استتباب الأمن، خصوصاً أنهم تكبدوا خسائر كبيرة خلال الأشهر الفائتة، بعضهم استدان مبالغ مالية لتسديد بدل إيجار محلهم. ويوضح صاحب محل لبيع الخردة في الشارع العريض الذي استهدفه ارهابيون بتفجيرين انتحاريين في كانون الثاني الفائت أن “حركة البيع عادت الى طبيعتها بعد فترة من الركود امتدت أكثر من 4 أشهر، ووصلت الى ذروتها مطلع السنة، ولكن بدأت الأمور تعود الى طبيعتها في الفترة الأخيرة، ونأمل ان تستقر الأوضاع لنتفرغ لعملنا وتحصيل لقمة العيش ونعوّض خسارتنا”.
ويرى صاحب مقهى في شارع الاستشهادي أحمد قصير أن “الفترة الحالية هي الأفضل التي تشهدها الضاحية الجنبوية منذ نحو عام، واليوم عادت وتيرة العمل الى طبيعتها، وأنا من الذين نجوا مرتين من التفجيرين الانتحاريين في هذا الشارع، ودُمِّر محلي”.
إذاً تستعيد الضاحية حياتها الطبيعية، ولكن هناك من يسأل من يعوض المواطنين خسائرهم المباشرة وغير المباشرة بفعل تردّي الأوضاع الأمنية واضطرار البعض الى الاستدانة لدفع بدل إيجار محله او مؤسسته؟

السابق
تستحم 25 مرة وتغسل يدها 300 مرة يومياً
التالي
22 قتيلاً في قصف على تجمع مؤيّد للأسد