مفاوضات إيرانية سعودية أم تفاهمات؟

المفاوضات تتم حول اليمن وسوريا أما العراق فيخضع للتفاهم

عندما دعا وزير الخارجية السعودي، الامير سعود الفيصل، نظيره الايراني محمد جواد ظريف الى “زيارةالمملكة في اي وقت يراه مناسباً”، دخل الجميع في متابعة العد العكسي، لتطبيع العلاقات السعودية – الإيرانية، وحل الخلافات حول الملفات العالقة بينهما.

بداية ذلك كان في تحديد موعد وصول الرئيس روحاني الى الرياض، أو الشيخ هاشمي رفسنجاني، العزيز على قلب الملك عبدالله بن عبد العزيز. ما عزز هذا التفاؤل، جملة خطوات سياسية وإعلامية اعتبرت “مبادرات حسن نية من الجهتين”، تمهد إلى إنجاح مسار المصالحة ومن ثم التطبيع. من بين هذه المبادرات:

نشر صورة السفير السعودي في ايران وهو يقبل جبهة رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، هاشمي رفسنجاني. وتسريبات عن دعوة مفتوحة له من العاهل السعودي للقائه في الرياض. زيارة نائب وزير الخارجية الإيرانية حسين عبد الامير اللهيان إلى الرياض وتصريحاته الإيجابية عن مستقبل العلاقات بين البلدين وخدمة الأمن والسلام المشترك في المنطقة.

* اعلان طهران عن إقفال ثماني محطات فضائية بحجة “افتقارها لترخيص رسمي للنشاط في ايران”، علماً انها كانت ناشطة منذ فترة طويلة حيث لا أحد يجسر على مخالفة القوانين المشددة في قطاع الاعلام. المعروف ان هذه المحطات تضخ يومياً برامج ودروس فقهية تثير الفرقة وتشعل الأحقاد المذهبية. وقد اعتبر إقفالها، خطوة كبيرة الى الامام لوقف مسار المواجهة المذهبية الشيعية – السنية. والمحطات، “الإمام الحسين، سلام، أبو الفضل العباس، شبكة المدرسة العالمية للإمام الصادق، البقيع، مرجعيت، أنوار1، أنوار2”.

بعد اقل من أسبوع على هذا التفاؤل، تبع هذه الخطوة الى الامام خطوتين الى الوراء، من الجانبين الايراني والسعودي على السواء. وبدا الوضع وكأن لم يعد أحد مستعجلٌ للانتقال من مرحلة المبادرات الى التنفيذ. إيرانياً وضع اللهيان النقاط على الحروف فقال : “الزيارة (زيارة الرئيس حسن روحاني) بحاجة الى عمل وإجراءات خاصة”. اللهيان نفسه لم يقفل الباب، فتركه مفتوحاً إذ قال “طهران تعرف أهمية السعودية ويمكننا معاً لعب دور مؤثر في المنطقة”.

سعودياً لم يصدر أي تصريح رسمي، لكن الاعلام تولى ومن خلال كتّاب معروفين ولهم وزنهم مثل جمال خاشقجي وطارق الحميد الى التبشير، سواء “بفشل المفاوضات” مسبقاً أو “أن السعودية لا تتعجل المفاوضات”.

طهران لم تعد مستعجلة لأن الاتفاق النهائي مع مجموعة الـ”5+1″ يبدو معلقاً على حل الشروط الجديدة، ومنها سلاح الصواريخ. كانت طهران تأمل بالتفرغ للمفاوضات مع السعودية من موقع القوة، أو على الأقل وهي في وضع مريح. أما الرياض، فإنها ستكون في وضع أفضل كلما كانت طهران مرهقة بالضغوط أكثر فأكثر.

هذا من حيث المبدأ، أما في الأساس، فيوجد تباعد حول مسألة التفاوض نفسها. الرياض تريد التفاوض على سلة كاملة تضم: سوريا والعراق واليمن والأمن في الخليج بعد النووي. أما طهران، فهي تعتبر ان المفاوضات تكون حيث تملك لتعطي وتأخذ، في حين أن كل ما هو خارج ذلك، فإنه تتم حوله تفاهمات، يأخذ الطرف الأقوى في حسابه بعض مطالب الطرف الاخر.

من ذلك، فإن المفاوضات تتم حول اليمن وسوريا، أما العراق فيخضع للتفاهم. فتؤخذ بعض المطالب السعودية بعين الاعتبار، مثلما أن السعودية تأخذ في حساباتها لحل الأزمة في البحرين موقع طهران، وما تريده للمعارضة الشيعية كما قال اللهيان: “أن تهتم الحكومة البحرينية بمطالب المعارضة، وإيران مستعدة من خلال نفوذها المعنوي لأي تعاون مع الحكومة لحل الأزمة”. المعادلة واضحة.

أما ما يتعلق بسوريا، فإن البحث عن حل بدأ عملياً بطرح مشاريع عبر تسريبات مدروسة. لكن الحلول الفعلية ما زالت بعيدة وخاضعة لمعدلات موازين القوى على الأرض.

تأخير زيارة الرئيس روحاني إلى الرياض، مهما كانت الحجج، لا تعني أن مسار المصالحة قد سقط، أو أنه قد توقف لفترة غير محدودة. ما يحصل، أن الطرفان، كما يبدو، سيتابعان تكثيف بوادر حسن النية حول الملفات الملحة، أو حيث إمكانية التفاهم ممكنة. إما لأن كل طرف يعرف حجمه في دول مثل البحرين والعراق، أو لأنه توجد مصلحة مشتركة بالحل مثل لبنان، حيث الجميع من قوى إقليمية ودولية، تريد المحافظة على السلم الأهلي البارد فيه.

ما يساعد على ذلك، أن الكويت تلعب دوراً في إبقاء الحوار مفتوحاً بين الرياض وطهران، بدلاً من سلطنة عُمان، لأن السعودية مازالت مستاءة من إخفاء عُمان، المفاوضات الأميركية – الإيرانية عنها، التي كانت تجري عندها.

السابق
صفقة لبيع لبنان لتجار النفط الدوليين مقابل وصول عون
التالي
ما هي أسرار عقل الرجل؟