ندى عبد الصمد تغادر الميدان

كان صوت ندى عبد الصمد، أوّل ما يبثّ عبر أثير «صوت الشعب» عند انطلاقها العام 1986. الشابة التي تلعثمت وهي تطلق إشارة البثّ الأولى قائلةً «هنا صوت الشعب البثّ التجريبي»، حفرت عميقاً في مهنة المتاعب، بين عدّة منابر إعلامية. ففي العام 1990، التحقت بفريق عمل قناة «نيو تي في»، لتعمل مديرة للأخبار، ومراسلة، ومقدّمة ومعدّة برنامج المحطة السياسي «وجهاً لوجه». وفي العام 1995 استقالت لتؤسِّس مشروعها الخاص، وهو شركة أفلام وثائقيّة وخدمات إخبارية. لكنّها وجدت أنّه من المبكّر أن تترك العمل الميداني، فكان أن انضمّت في العام 1996 إلى فريق عمل «بي بي سي»، كمدرّبة ومراسلة ومديرة مكتب.

تنكبّ عبد الصمد اليوم على التحضير لبرنامج «دنيانا» المقرّر بدء عرضه الجمعة المقبل عند التاسعة مساء عبر شاشة وإذاعة «بي بي سي عربيّة». تتعاون الصحافية في ذلك مع المنتجة المنفّذة للبرنامج منى حمدان، والمعدّة هند الإرياني، والمخرج طوني السويدي. تصوّر حلقـات البرنامج في استوديوهات «المؤسسة اللبنانية للإرسال» التي تملك الحق في بثّ الحلقات، بحكم الاتفاق المبرم مع «بي بي سي».

تقلّب عبد الصمد في دفتر تجاربها الإعلامية الغنيّة، منذ بداية حياتها المهنية، وحتى اليوم. «قمت بتغطيات كثيرة، منها محاكمة سمير جعجع، مؤتمر مدريد، واتفاق أوسلو، وحرب العراق وأحداث لبنان، وسوريا وغيرها الكثير، واليوم حان الوقت لأودع عملي كمراسلة». تقول في حديث مع «السفير»: «أحضّر لبرنامج «دنيانا» منذ أربعة أشهر، ومتفرّغة تماماً له، إذ أنّ عملي كمديرة لمكتب «بي بي سي» في بيروت انتهى. وقد قمت مع فريق العمل بجولة اتصالات في العالم العربي، وطلبنا اقتراحات لمواضيع، وحضّرنا لوائح أسماء الضيوف».

تقول عبد الصمد إنّها «متحمّسة جداً» لفكرة «دنيانا» لأنه «ذو طابع خاص»، بمعنى أن معظم ضيوف البرنامج من النساء، مع أنه ليس برنامجاً نسائياً وفق الصيغة الشائعة للبرامج التي تتحدّث عن الجمال والتنحيف والبوتوكس. «لن تكون النساء ضيفات بل مشاركات في التقديم، لديهن الحرية في طرح المواضيع، ومناقشتها وطرح الأسئلة، وهنّ لسن صاحبات اختصاص، ولا خبيرات بل نساء عاديات، وناشطات ولديهن ما يقلنه، ومن الممكن أن نستضيف إحداهنّ أكثر من مرّة».
من المقرّر أن يناقش البرنامج الجديد عدّة عناوين راهنة، منها قتال الأجانب في سوريا على خلفيّة موقف السعودية والاتحاد الأوروبي، والاحتجاج بالتعرّي، تكفير النشطاء في العالم العربي، الدساتير العربية في الدول التي شهدت حراكاً شعبياً، المنع والرقابة، ظاهرة الكاتبات السعوديات، والانتخابات في العالم العربي وغيرها. في الخلاصة، «يعطي البرنامج شريحة لا تُسمَع آراؤها، مساحة لتقول ما تفّكر به»، بحسب عبد الصمد.

لا تبدو عبد الصمد نادمة على مغادرة الميدان، إلى «بلاتو» الحوار. ترى في البرنامج المرتقب تحدياً كبيراً لها، هي الآتية من عالم الأخبار والسياسة والتغطيات المباشرة والتحليل، إلى نوع آخر من العمل الإعلامي. «أنا مرتاحة لهذه النقلة، إذ أنّ فكرة تركي العمل كمراسلة تجول في رأسي منذ سنتين، والسبب أنّني قمت بتغطية تعطيل الانتخابات الرئاسية في لبنان في العام 1988، وها هي الأحداث نفسها تعود لتتكرّر نفسها أمامي اليوم».

تعمل عبد الصمد على رسالة الدكتوراه تحت عنوان «مذهبية الإعلام اللبناني» وستناقش رسالتها قريباً في «جامعة سيتي» البريطانية. «رسالتي تتمحور حول اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري باعتبارها نقطة مفصلية في أداء الإعلام اللبناني، وأحداث السابع من أيار وأحداث مار مخايل». وقد تقوم بإصدار أطروحاتها في كتاب، هي التي صدر لها «وادي أبو جميل: قصص عن يهود بيروت» (2009)، و«أيام الحجارة» (1990). تختم عبد الصمد حديثها بالقول: «تابعت دراستي من منطلق أنني يوماً ما سأترك المهنة لأتفرّغ إلى التعليم، ولكن لم أتخذ قراري بالاعتزال بعد، فأنا أعيش حالياً مرحلة التحدّي في تقديم برنامج أريد له أن ينجح».

السابق
الجيش يلقي القبض على شخص يرتدي زيّ امرأة شرق عين الحلوة
التالي
انزال ركاب من ’الفانات’ في المريجة