حنّا غريب: لا تعتذر.. ليتهم حرامية وبسّ

حنا غريب
لم يعتذر أحد للّبناني على ضياع كرامته على عتبة منازل هؤلاء النواب لاستجداء الخدمات الّتي من المفترض أن تكون حقوقاً للمواطن. لم نسمع نائباً مرّة يقول للشعب "سامحني، لقد أخفقت" أو "لم أستطع في أن أسائل الحكومة عن مواقفها وقراراتها كما كان يجب أن أفعل". هؤلاء النواب الذين اعتذر منهم حنّا غريب لأنّه قال عنهم "حرامية" هم أنفسهم الذين لم يحضر أكثر من عشرين منهم جلسة اليوم من دون أن يكلّفوا أنفسهم عناء الاعتذار عن الحضور.

لم يرضَ النوّاب أن يتّهمهم أحد بأنّهم لصوص. شعروا بالإهانة ولم يرضَ رئيس المجلس نبيه بري أن تمرّ إهانة كهذه مرور الكرام. انتفض لكرامة النوّاب أو ربما كرامة “المجلس” وطالب باعتذار فوري  من رئيس هيئة التنسيق النقابية حنّا غريب عمّا صدر منه بحق النواب. وجد غريب نفسه مضطراً للاعتذار أو لتصحيح أقواله لأنّ هدفه الحالي هو إقرار السلسلة وليس خوض معركة مع رئيس المجلس، معركة قد يشعر أنّه سيخرج منها خاسراً.

قال غريب أنّه لم يقصد النوّاب بتعليقاته بل “حيتان المال” واستردّ “المجلس” كرامته واعتباره ليصبح الطريق سالكاً أمام السلسلة. يبدو برّي دائماً كـ”الرجل الصعب” الّذي لا يستطيع أحد أن يغلب حنكته أو مكره السياسي ويعرف كيف “يقطف” الانتصارات ويسجّل المواقف.

اعتذر حنّا غريب من المجلس لكنّ الرئيس برّي لم يخطر له مرّة واحدة أن يطلب لنا اعتذاراً من النواب الّذين مدّدوا لأنفسهم وبالتالي وجودهم قد يكون غير مرغوب من شريحة كيرة من اللّبنانيين. لم يعتذر لنا أيّ من النواب حين بقي المجلس والعمل التشريعي في لبنان معطّلاً على مدى أشهر ولم “يعوّض” النواب الشعب اللبناني عن هذا “القصور”. أدخلوه في المتاهة وتركوا مصالحه معلّقة هناك ثم خرجوا منها من دون أيّ شرح أو مبرّر مقنع لتصرّفاتهم.

لم يعتذر النواب عن عدم رغبتهم بانتخاب رئيس جديد للبنان. لم يسأل هؤلاء النواب الّذين من المفترض أن يمثلوا المواطن اللبناني هذا “العبد الفقير” مرّةً عن أمنياته وطلباته. يفتح هؤلاء النواب أبواب منازلهم على مصراعيها قبيل الانتخابات ويساعدون في توظيف ابن أحد الأقارب وتسريع معاملة أحد الأصدقاء لحصد المزيد من الأصوات. يأتون إلى الناس في الأفراح والأحزان في واجبات فولوكلورية لا ترتقي إلى علاقة وثيقة بين هذا المواطن ومن يُفترض أنّه يمثّله.

لم يعتذر أحد للّبناني على ضياع كرامته على عتبة منازل هؤلاء النواب لاستجداء الخدمات الّتي من المفترض أن تكون حقوقاً للمواطن. لم نسمع نائباً مرّة يقول للشعب “سامحني، لقد أخفقت” أو “لم أستطع في أن أسائل الحكومة عن مواقفها وقراراتها كما كان يجب أن أفعل”. هؤلاء النواب الذين اعتذر منهم غريب هم نفسهم الذين لم يحضر أكثر من عشرين نائباً منهم جلسة الامس من دون أن يكلّفوا أنفسهم عناء الاعتذار عن الحضور. نحن يا أستاذ برّي، نحن متأسّفون فعلاً، مأسّفون فليتهم كانوا “حرامية” فقط.

السابق
توجيه تهمة القتل لـ4 من طاقم السفينة الكورية الغارقة من بينهم الربان
التالي
موظفو مستشفى رفيق الحريري: قضية الرواتب تراوح مكانها