مليون دولار أعادت جورج وسوف لمصر

عاد جورج وسّوف إلى مصر كأنّه لم يغب. فإطلالته ترسم البهجة رغم الحزن الذي وراء ملامحه والشقاء الذي تحتهما. يحاول إخفاءهما لكنّ صوته يفضحه… وحفاوة استقبال محبّيه المصريين جعلته يبكي. هو الذي كان دائماً يسأل أطبّاءه متى يمكنه العودة إلى الغناء.

فور وصوله إلى مصر لإجراء حوار إعلامي قامت الدنيا في الصحافة. فالوسّوف سيتكلّم بعد كلّ هذا الغياب على أثير قناة “الحياة” المصرية، وسيجلس قبالته الإعلامي اللبناني نيشان ديرهاروتيونيان مقابل أجر قيل إنّه وصل إلى مليون دولار.

جورج وسوف لم يقفز إلى عالم الطرب بالمظلّة بل عانى كثيراً. وأحياناً كان يفقد الأمل لكثرة العراقيل التي واجهها. وكان يصاب بالإحباط. لكن سرعان ما كان يستفيق على صوت الإصرار. توالت سقطاته ونجاحاته، صعوداً وهبوطاً، حتّى حفر اسمه عميقاً في عالم الفنّ. العالم الذي دخله من باب الحفلات المدرسية بموّال كان والده دائماً يردّده أمامه: “سألتها من وين قالت من حاصبيّا، ولمّا غمزت إمّها حاص بيّا، ولمّا جيتها بالليل حسّ بيّا، أتاري الملعون بعدو ما غفا”.

وبعدما غنّى الوسوف هذا الموّال أذهل كلّ من حوله. فكيف يخرج هذا الصوت القوي من صبيّ صغير عمره لا يتعدّى أصابع اليد الواحدة. ومن بعدها عرف كلّ من حوله أنّ هذا الصبي سيصبح ذا شأن كبير في الأغنية. وبمرور السنوات بدأ يتلقّى عروضاً للغناء في الحفلات والملاهي الليلية. وكان يثير إعجاب كلّ من يسمعه.

وقد كان للفنان جورج يزبك تأثير كبير في قطع الوسوف درجات سريعة على سلّم الاحتراف، إذ تبنّاه فنياً وكان له الناصح الأمين. فغنّى أبو وديع، رغم صغر سنّه، أغنيات لعمالقة الفنّ المصريين، أمثال عبد الحليم حافظ وأم كلثوم، كما غنّى باكراً لوديع الصافي.

لكنّ اللحظة الفاصلة في مشواره الفنيّ كانت حين غنّى للمطرب العراقي كاظم الساهر أغنية: “سلّمتك بيد الله”. فأذهل الملايين، وبعدها بدأ يسجّل أغنيات خاصّة به، فتألّق بأغنياته الخاصّة إذ تعاون مع كبار الملحّنين، مثل المصريين بليغ حمدي وسيّد مكاوي، وكل من زهير عيساوي ونور الملاح.

منذ البداية لم يهتم أبو وديع بكمية الأغنيات بل كان يركّز على النوعية. فالفنّ بالنسبة إليه ليس “بالكيلوجرامات” بل بتأثيره وبتوقيت عثوره على الكلمات والألحان المناسبة التي تتناسب مع قوّة الطبقة الصوتية التي يملكها.

كان أوّل ألبوم غنائيّ كامل له بعنوان “الهوى سلطان” في العام 1984، من 5 أغنيات فقط. ثم توالت لتصير 19 ألبوماً كان آخرها “سكت الكلام” مع شركة روتانا في العام 2013.

جورج وسوف لا يحبّ الفيديو كليب، لكنّ شركات الإنتاج هي التي كانت تقنعه بتصويرها. وبالفعل صوّر عدداً منها، ولم يحبّ منها إلا أغنية “أنا آسف” من ألبوم “طبيب جرّاح” الذي أنتجته روتانا في 1999.

أبو وديع له إبنان غير وديع، هم جورج جونيور وحاتم. لم يتمنَّ لأحدهم يوماً سيرة فنية بعد المشقّة التي تذوّقها وسلبت من عمره الكثير، على ما ردّد كثيراً.

قبل 3 سنوات أصيب سلطان الطرب بجلطة دماغية، بحسب طبيبه الخاصّ خليل توبات، أقعدته على كرسي متحرّك 6 أشهر بمستشفى في سورية. وأكّد طبيبه أنّه لم يخشَ الموت وكان في الوقت نفسه متعلّقاً بالحياة بشكل كبير، وكان يسأل باستمرار متى يمكنه العودة إلى الغناء.

اليوم ها هو يعود إلى الشاشة قويّاً مثلما بدأ. وها هو في مصر حيث استقبله جمهوره المصري بحفاوة كبيرة لم يملك معها الوسوف سوى أن يدمع فرحاً. فحبّه في القلوب مثلما كان.. كما لو أنّه لم يَغِب.

 

السابق
اعتصام للمعلمين وموظفي الادارات امام سراي زحلة
التالي
رئيس يدير الأزمة يظّل أفضل من الفراغ