حزب الله في سوريا 2: هل يحكم نصر الله دمشق؟

السيد حسن نصر الله
برزت إشكالية تكتية في العلاقة بين النظام السوري والحزب، عبّرت عنه بثينة شعبان، بقولها على الفايسبوك: "بعض المحطات الصديقة أقدمت في الآونة الأخيرة على بثّ مقابلات وتقارير توحي نوعاً ما بأن ّسوريا ودولتها لم تكن لتصمد لولا دعم فلان وفلان من الدول والأحزاب، وهذا أمر مرفوض". وفي اليوم التالي تنصّلت من الكلام. ترافق ذلك مع قرار منع وزارة إعلام النظام السوري محطتي "المنار" و"الميادين" من البثّ المباشر من سوريا قبل الحصول على ترخيص. وانتقدت جريدة "الأخبار" المقرّبة من الحزب هذا الإجراء.

تبادل الرسائل السلبية بين حزب الله والنظام السوري وصل الأمر إلى حد إجراء مقابلات مع قيادات عسكرية في الحزب – على مواقع إخبارية قريبة جداً من الحزب – تقول: ّ”إن معركة القصير أثبتت عقم مشاركة الجيش السوري النظامي في أيّ معركة مقبلة، إذ أنّ مشاركته تحوّلت إلى عبء حقيقي، خصوصاً مع الانشقاقات التي حصلت في صفوفه… لذلك لقد قرّرت غرفة عمليات الحزب، بموافقة  القيادة العسكريّة السورية، أن يقتصر دعم الجيش السوري لقواتنا المُهاجِمة على القصف الجوي فقط في يبرود، وحتّى الدعم البري المدفعي والتقدّم بالدبابات أصبح الحزب يتولاه”.

ثم برزت إشكالية تكتية في العلاقة بين النظام السوري والحزب، عبّرت عنه مستشارة الرئيس بشّار الأسد، والناطقة باسمه، بثينة شعبان، بقولها على صفحة الفايسبوك الخاصة بها: “بعض المحطات الصديقة أقدمت في الآونة الأخيرة على بثّ مقابلات وتقارير توحي نوعاً ما بأن ّسوريا ودولتها لم تكن لتصمد لولا دعم فلان وفلان من الدول والأحزاب، وهذا أمر مرفوض”.

وفي اليوم التالي تنصّلت من الكلام. ترافق ذلك مع قرار منع وزارة إعلام النظام السوري محطتي “المنار” و”الميادين” من البثّ المباشر من سوريا قبل الحصول على ترخيص. (انتقدت جريدة “الأخبار” المقرّبة من الحزب هذا الإجراء).

بعد ذلك مباشرة جاء كلام نائب أمين عام “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم الذي أوحى من خلاله أن انسحاب الحزب من سوريا من شأنه ضرب قدرة النظام على الصمود، لأنّ وجود الحزب في سوريا “ضروري وأساسي” حالياً (9/4/2014)، الأمر الذي فتح الباب أمام كلام جديّ عن خلافات ميدانية على الأرض في القلمون وفي حلب بين الحزب وجيش النظام السوري.

 

الطفيل والقصْير

عندما قرّر “حزب الله” الإقرار بتدخله في الأتون السوري فهو فعل ذلك من باب أنّه “يوجد عدد من القرى اللبنانية داخل الحدود السورية بمحاذاة منطقة الهرمل. هذه القرى هي بلدات سورية، وهذه الأرض هي أرض سورية، ولكن يسكن هذه القرى والبلدات لبنانيون”. كما جاء على لسان السيد حسن نصر الله. وبما أنّ الدولة لم تفعل شيئاً لحماية هؤلاء، فقد قرر أهل هذه القرى ” الدفاع عن أنفسهم، وأخذوا السلاح، واشتروا السلاح، نحن – حزب الله – كنّا نرسل حصصا تموينية مثلما نرسل إلى ناس آخرين، كانوا يبيعوا التموين لكي يشتروا السلاح”!

قرية الطفيل ليست داخل الأراضي السورية، وإنما جزء من الأراضي اللبنانية (قضاء بعلبك)، لكن لا طريق صالحاً لها من لبنان، وإنما يحتاج أهلها للعبور عبر الأراضي السورية، ليخرجوا منها إلى باقي الأراضي اللبنانية.

أهل الطفيل لبنانيون؛ سنة ومسيحيون، وعددهم في الأصل 5000 نسمة (لم يبق منهم إلا بضع مئات)، تجرعوا الحرمان أضعاف باقي مناطق البقاع، ويكفي أن الطريق إليهم مسافتها 22 كلم، يحتاج سالكها إلى ساعتين للوصول بسبب وعورتها، فليجأون إلى الطرق داخل الأراضي السورية للانتقال من قريتهم إلى باقي وطنهم، ولهذا السبب ارتبطت حياتهم بسوريا أكثر من لبنان، فدولتهم لم تؤمن لهم مجرد طريق تربطهم ببلادهم، فصاروا يتعاملون بالعملة السورية، ويرتبطون خدمياً بالدولة السورية لا اللبنانية.

لجأ إلى الطفيل مؤخراً آلاف السوريين بسبب معارك القلمون، وقُصفت البلدة بالطيران، ودُكت بالمدفعية، وصار وضعها كارثياً، بعدما فُرض حصار عليها، لكن بدل مساعدتها، أخذ إعلام الحزب بالتحريض عليها بدعوى أنها تؤوي مسلحين، وهنا المفارقة وبيت القصيد. ففي قرى القصير قال أمين عام الحزب السيّد حسن نصر الله التالي: “أخذوا واشتروا وباعوا للحصول على السلاح… من حقّهم ما فعلوا ومن قاتل فهو شهيد”. أما في الطفيل فليس من حقهم حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم (نفى أهل البلدة في مؤتمر صحافي أنهم فعلوا ذلك) بل على العكس ينشط “حزب الله” في محاصرة القرية، وربما مهاجمتها لاحقاً، في صورة تعكس المعايير المزدوجة، وأذُن الجرّة التي تديرها الحسابات المذهبية والحزبية للحزب حيثما تريد.

السابق
تقرير «سكايز» لنيسان: مسلسل الانتهاكات مستمر والأبرز كان قتل أفراد طاقم «المنار» في معلولا
التالي
’أبشع’ تمثال للسيدة العذراء!