جامعات لبنان: ثقافة ضحلة ومدرّسون جهَلَة والواتس آب ملك المشهد

التعليم العالي في لبنان
الطالب هو طبقة خاصة تعيش على اكتاف غيره، وبالتالي هو غير مسؤول عن تصرفاته العوجاء، فكيف اذا كانت الخدمات التعليمة تساعد على تنمية هذا الشعور. فالطلاب الذين يفتقرون الى المعرفة والثقافة يفتقرون إلى الأدب والعلم واللغة. وإذا حاولنا التجوال في مقاهي الجامعات نرى الطالب فيها كأنّه في مقهى من مقاهي الحياة الجميلة يستخدم النرجيلة والواتس آب والثرثرة مع زملائه، كما لو أنّه يؤدي واجبه العائلي بوجوده في الجامعة.

يعاني التعليم العالي في لبنان من أزمات مفتوحة تهدّد الثقافة والتعليم العالي، ما يترك آثاره السلبية على الأجيال الصاعدة. وتتعدد الاسباب التي تقف عائقا يمنع حلّ هذه الازمة الكارثية التي يتعرض لها ابناؤنا والتي قد تترك آثارها المباشر على اولادنا ومجتمعنا من خلال الكارثة الثقافية.

فالأزمة متعلقة مبشرة بنوعية الخدمة التعليمية التي تقدمها الجامعات المنتشرة على الاراضي اللبنانية الى الطلاب في ظل انتشار الفوضى التعليمية التي تغيب عنها الرقابة التعليمية.

فتعدد المعاهد والجامعات في بلد يعاني من ازمة ثقافية وانقسام عمودي يترك آثاره الفعلي على مستوى الخدمات التي تقدم. فالجامعات تتقاتل فيما بينها لاستحواذ العدد الاكبر من هؤلاء الطلاب الذين لا يتزايد عددهم. وهناك كم كبير من التسهيلات التي تقدمها الجامعات هذه على حساب التعليم. طبعا الجامعات التي تعمل من خلال براج اجنبية تضمن لنفسها العدد الاوفر من هؤلاء الطلاب من خلال استخدامها للغة الانكليزية التي لا يتكلمها اغلبية الطلاب اضافة الى غياب الكتب التي يمكن ان يعتمدها الطلاب اثناء دراسته في الجامعة وكذلك مستوى المدرسين الذين يفتقدون الى الخبرة والشهادات الاكاديمية، ناهيك عن كون هذه الجامعات تفتقد الى تعديل الصفوف التي انهاها الطلاب في حال تغيير مكان اقامته او الجامعة.

طالب اليوم  يفرض شروطه الدائمة على الجامعة كونه دافع القسط الذي يساهم باستمرار الحياة فيها، وبالتالي الطلاب على حق دوما وفقا للمعادلة الاقتصادية التي تقوم على: “الزبون على حق مهما كانت تصرفاته”.

وفي ظل غياب مبدأ العقاب والإنذار والتهديد في الجامعات يبقى الاستاذ هو المخطئ  الأول، ما يساهم في ضعف قوة العمل الاكاديمي لدى الجامعات والتي تساهم  بدورها بغياب المتخصصين والكوادر العلمية منها.

ووفقا لهذه الحالة الهشة في التعليم التي تقوم على مبدأ العلم بالتراضي في الجامعات الخاصة، من اجل بقاء الطالب “دافعا” أقساطه الجامعية، نرى مستوى العطاء التعليمي والأكاديمي ضعيفا جدا، ما يساعد على نمو جيل أمّي بكل معنى للكلمة، لكنّه يحمل شهادات عالية. فالأغلبية من الاجيال الناشئة تعاني من ضعف وفقر في الثقافة بسبب عدم القراء في بلد تنخره المذاهب والطوائف نخرا..

الطالب هو طبقة خاصة تعيش على اكتاف غيره،  وبالتالي هو غير مسؤول عن تصرفاته العوجاء ، فكيف اذا كانت الخدمات التعليمة تساعد على تنمية هذا الشعور. فالطلاب الذين يفتقرون الى المعرفة والثقافة يفتقرون إلى الأدب والعلم واللغة. فإذا حاولنا التجوال في مقاهي الجامعات نرى الطالب فيها كأنّه في مقهى من مقاهي الحياة الجميلة يستخدم النرجيلة والواتس آب والثرثرة مع زملائه، كما لو أنّه يؤدي واجبه العائلي بوجوده في الجامعة.

هذكا يمكن القول إنّ طلاب هذه الأيام يعانون من غياب الثقافة الجامعية. يبدو ذكل جليا على وساءئل التواصل الاجتماعي حيث لا لغة أنكليزية ولا فرنسية ولا عربية، بل لغة “التشات” والمستوى الثقافي ضحل جدا. وهدف الطلاب العلامات والشهادة وليس الخبرة والعلم والتثقّف. زد على ذلك ثقافة “copy & past” وسرقة المعلومات والأبحاث عن الانترنت. والطلاب في معظمهم مدمنو واتس آب وبعضهم ينقلون الأجوبة عن هواتفهم من الانترنت أثناء المسابقات، وفوق ذلك هناك ضعف الكوادر التي تمارس مهنة التعليم، ليبقى مستقبل الاجيال مهددا بالجهل والأمية المدعومة بالشهادات، ما يهدّد مستوى الثقافة العامة وسط ابنائنا الاعزاء…

  • كاتب وباحث في الإعلام السياسي والدعاية
السابق
استراتيجيتا اليابان والهند: نحو العسكرة
التالي
MTV: نادر الحريري أبلغ الراعي أن لا مانع لدى سعد الحريري في بقاء سليمان بعد 25 أيار