السقف الأميركي لدعم المعارضة السورية

رئيس الائتلاف السوري المعارض

ما من شك في أن زيارة رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا الى واشنطن على رأس وفد يضم القيادي في المجلس العسكري الأعلى عبد الاله البشير هي الأولى من نوعها للمعارضة السورية. كما أن لقاءه الثلثاء بالرئيس الأميركي باراك أوباما هو سابقة في العلاقة، وكون الأخير، وعدا عن استثناءات خطابية، حفظ لنفسه طوال ثلاث سنوات مسافة من الأزمة.
الزيارة ككل تعبر عن احتضان أميركي سياسي لما يمثله الائتلاف، ودعم معنوي ورمزي لأركانه في هذا المنعطف من النزاع في سورية. غير أن هذا الدعم يصطدم اليوم بسقف عسكري وديبلوماسي يمنعه من تخطي اطار الاجراءات التجميلية والتصعيد البطيء والتدريجي، مثل ترقية مكاتب الائتلاف الى بعثات أجنبية، أو تقديم معونات انسانية أو أسلحة غير نوعية سرا. فواقع الأمور على الأرض وحال الفوضى التي ساهم أوباما بشكل غير مباشر في الوصول اليها، تمنع الادارة اليوم من ارسال صواريخ مضادة الطائرات أو ايصال سلاح بكميات كبيرة. كما تقيد أي استراتيجية تصعيد اليوم اتفاقية السلاح الكيماوي برعاية روسية-أميركية والانتظار حتى اخراجه بالكامل من سورية في تموز (يوليو) المقبل قبل وأد المعركة.
فمعادلة تغيير التوازن على الأرض للوصول الى حل سياسي والتي يلتقي حولها الائتلاف والادارة الأميركية بعد فشل “جنيف ٢”، لن تتم بين ليلة وضحاها. ويدرك مسؤولون في الائتلاف قبل البيت الأبيض حجم العوائق على الأرض والحاجة الى عمل تنظيمي لتنظيف البيت الداخلي قبل المضي في أي عمل عسكري جدي. ويقول مسؤول في الائتلاف لـ “الحياة” ان “هناك القاعدة وحزب الله وتجار الحرب والحدود السائبة”. ويرى أن هذا الواقع يساهم الى حد كبير في “تقطير السلاح” الذي يصل الى الجيش الحر. كما يشير الى “فيتو دولي وليس فقط أميركي في موضوع تسليم صواريخ ضد الطائرات للجيش الحر”. من هنا ستشهد مرحلة ما بعد زيارة واشنطن، جهودا مكثفة لدعم تعزيز الهيكلية المركزية للقيادة السياسية والعسكرية للائتلاف، والمحاربة على جبهتين ضد النظام وضد تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” (داعش) . فالمخاوف من وصول الصواريخ والأسلحة النوعية الى هذه المجموعات حاضر في ذهن الدوائر الغربية، كما هناك رغبة في دعم القدرات التنظيمية للجناحين السياسي والعسكري للائتلاف.
أما أميركيا، فيفرض اتفاق السلاح الكيماوي واخراج الترسانة الكيماوية بالكامل من سورية نمطا بطيئا في أي تصعيد تراه واشنطن ضروريا لتقوية حلفائها وتفادي تراجعهم امام نظام الأسد أو حلفاء “القاعدة”. فتنفيذ الاتفاقية يحتاج الى تعاون من النظام وتسهيل وصول المفتشين والمراقبين من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية الى المواقع، وتسهيل نقلها وتدميرها. وهذا ميدانيا يتضارب مع أي تصعيد عسكري جدي قد يعرقل ممرات اخراج السلاح الكيماوي، أو يدفع النظام لاستخدامه بشكل عشوائي في الداخل أو ضد دول اقليمية.
مع ذلك، هناك اعتبارات أميركية واقليمية، وبحسب المراجعة الأخيرة التي أعدها مستشارو أوباما حول سورية، تذهب باتجاه قلب المعادلة ضد النظام السوري، من دون المجازفة بتدخل أميركي أو تكرار تجربة أفغانستان. من هنا، تحمل زيارة الجربا أول مؤشرات الاستراتيجية، من خلال بناء الثقة وترتيب البيت السياسي والعسكري للائتلاف قبل المضي بخطوات أخرى.

السابق
أزمة حكم مزمنة
التالي
مصائر تراجيدية في الثورة السورية