لهذه الأسباب خسر حزبُ الله حربَه ‘الوجودية’ في سوريا 1

خسارة حزب الله في سوريا
كيف يمكن اعتبار الصمود 33 يوماً في حرب تموز انتصاراً مدوياً رغم السلاح الحديث مع المقاومين ورغم الصواريخ العابرة للحدود؟ (التي يفتقر إليها مقاومو حمص). ورغم شساعة المعركة مقابل حصار حمص، كيف يمكن التهليل والتطبيل لـ"النصر" رغم آلاف الشهداء والجرحى والدمار الكبير ولا يمكن – وفق هذه المعادلة – اعتبار من صمد ألف يوم.. "منتصراً"؟ إلا إذا اعترفنا بـ"انتصار" العدو الإسرائيلي في حرب تموز وكلّ الحروب.

نتكلم بدايةً عن “حرب” وليس عن مجرد معركةٍ لا تؤسس بالضرورة لنصر او هزيمة, خسارةُ حربٍ “وجودية” هي اكثر إيلاماً وهلاكاً ولا بد ان تترك تداعياتٍ وندوباً على اجيالٍ واجيال ولعقودٍ طويلةٍ قادمة.. هي حربُ المئة عام, الحروب بين الدول تنتهي بهدنة او بمعاهدة, اما الحروب بين المذاهب فلا يعود ممكناً لجمُها متى افلتت من عقالها, فكيف إذا كانت حرباً “بين انصار الحسين وانصار يزيد” على ما اسماها احد ابرز وجوه المذهبية في حقبتنا المتوترة هذه واعني به رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي, “حرب الحسين ويزيد” اندلعت -لمن يريد ان يتذكر- منذ نحو الفٍ وخمسمئة عام!؟

لا يشكل المسلمون علامةً فارقة في ذلك, خذ مثلاً الحرب بين البروتستانت والكاثوليك التي امتدت لثلاثين سنةٍ متواصلة بين عامي 1618 و 1648 واستمرت تداعياتها في إيرلندا الشمالية حتى امدٍ قريب! يشكل الشيعة في العالم ما نسبته 7.5 % إلى 11 فيما يبلغ عدد المسلمين السنة نحو 90%, وليس إلا غافلاً من يتعامى عن مدى الإنقسام المذهبي العامودي بين هذين المكونَين “المتفجرَين”! في المعارك الصغيرة يمكن لطرفٍ ما إدعاءَ نصرٍ هنا او هناك, إلا انه حين تتحول “المعارك” إلى حربٍ ماحقة تمتد لعقودٍ وعقود فلا بد نظرياً ان تكون الغلبةُ للأكثر عدداً خاصةً في ظل هذا الكم البشع من التجييش في كل مكان.. اضف إلى ذلك -وهذه نقطةٌ محورية- فإن اعداد القتلى هنا وهناك لا قيمةَ إنسانيةً لها, لن تُشكِّلَ ضغطاً ولن يسأل عنها احد, هي فداءُ زيد هنا, وفداء عمر هناك, وبالتالي فإن هذا “التفصيل” لن يكون حاسماً في تحديد مآل الحرب المتأججة في كل منطقة وكل دولة تضم نسبةً مؤثرة من المسلمين.

توزيع البقلاوة وإطلاق رصاص الإبتهاج ورفع الأعلام الحزبية وشارات “النصر” من شبابيك السيارات, مظاهر الإبتذال هذه كلها ليست معايير علمية ل”النصر”! خذ مثلاً “النصر” الذي يحكي عنه حزب الله الآن (ومن وراءه النظام السوري) واعني به “تحرير” حمص! وإذا اعتمدنا على معايير حزب الله نفسه في “النصر” والهزيمة فإن “المنتصر” في هذه الحرب هو من صمد ثلاث سنوات تحت الحصار والقصف والجوع, احكي عن صمود ثلاث سنوات وليس عن شهر واحد او بالتحديد ثلاثين يوماً ونيف.. وضعت كلمة “المنتصر” بين مزدوجين لأقول بالمقابل ان من يملك الطائرات والسلاح الحديث والبراميل وفَشِل رغم كل هذا في إخضاع مدينة محاصرة خلال ثلاث سنوات ولم يستطع رفع رايات النصر إلا على اشلاء وركام, هذا إذا لم يكن مهزوماً فماذا يكون !؟ (ومهزوماً, اكتبها بلا مزدوجين).. وعليه وبمقارنةٍ موضوعية: كيف يمكن مثلاً اعتبار الصمود 33 يوماً في حرب تموز انتصاراً مدوياً رغم السلاح الحديث مع المقاومين ورغم الصواريخ العابرة للحدود (التي يفتقر إليها مقاومو حمص) ورغم شساعة المعركة مقابل حصار حمص, كيف يمكن التهليل والتطبيل ل”النصر” رغم آلاف الشهداء والجرحى والدمار الكبير ولا يمكن -وفق هذه المعادلة- اعتبار من صمد الف يوم.. “منتصراً”!؟

إذا كانت المعادلة ان مَن يملك الطيران والبراميل ويحرق الأخضر واليابس منتصراً, (خللي الروح المعنوية عا جنب)، افليسَ من الموضوعي إذن ان نعترف ب”انتصار” العدو الإسرائيلي في حرب تموز وكل الحروب!؟ النصر تحدده فقط لجنة اكاديمية نزيهة متخصصة على غرار لجنة “فينوغراد”.. نعم على غرار فينوغراد”الإسرائيلية إياها التي امتدحها السيد حسن نصرالله نفسه!”.. معايير النصر او الهزيمة او مجرد الإخفاق لا تحدده احزاب إيديولوجية ولا جماعات تهاب مجرد طرح سؤال.. الإيديولوجيات لا طائل منها وهي تُجيد تحويل كل شيء إلى “نصر مبين”, المهم ان يبقى “الشعب” مأسوراً منتشياً ب”نصرٍ ما” ولو على الأشلاء والركام!! شارات النصر تبقى مفهومة إذا كان القصد منها مثلاً القول ” لن نركع” وهذا إستثناء!
الجزء الثاني ينشر الاحد

السابق
الوزاني: مضخّة معطّلة وبلدات عطشى وإسرائيل المستفيد الأكبر
التالي
فتفـت: الفراغ مرشّح 8 آذار