الجمهورية: عودة عسيري تُنشّط الإستحقاق وتعيينات المحافظين تتجاوز التحفّظات

مجلس الوزراء

لم تحمل الساعات الماضية أيّ معطى جديد أو تطوّر في ملفّ الاستحقاق الرئاسي يدفع على الاعتقاد أنّ الدخان الأبيض سيتصاعد من المجلس النيابي وأنّ جلسة الأربعاء المقبل ستنتج رئيس جمهورية جديداً، على رغم الأصوات الدولية والإقليمية والمحلّية الداعية إلى انتخاب رئيس “صُنع في لبنان”. إلّا أنّ عودة السفير السعودي علي عواض عسيري المفاجئة إلى بيروت بعد غياب أشهر، حملت في طيّاتها أكثر من دلالة، لجهة توقيت هذه الخطوة مع اقتراب موعد انتهاء المهلة الدستورية في الخامس والعشرين من أيار، والتي لم يتبقَّ منها سوى 22 يوماً، وبعد اللقاءات اللبنانية ـ السعودية التي شهدَتها المملكة أخيراً. ما يوحي بأنّ الرياض تريد أن تلعب دوراً فوق العادة لتجنيب لبنان الفراغ، غير أنّ هذه العودة تشكّل بحدّ ذاتها مؤشّراً مهمّاً لناحية الارتياح السعودي إلى الواقع الأمني في لبنان، ما يعني أنّ الأمور تتّجه بشكل أو بآخر إلى مزيد من التطبيع بين القوى المتصارعة، كما إلى مزيد من التبريد السياسي، الأمر الذي يجعل التساؤل مشروعاً حول الرؤية الدولية والإقليمية لانتخابات رئاسة الجمهورية، وما إذا كان الهدف منها استكمال التسوية الحكومية بأخرى رئاسية؟

العقبة الأساسية أمام أيّ مسعى خارجي للتوافق الرئاسي تكمن في رفض رئيس تكتّل “الإصلاح والتغيير” النائب ميشال عون أيّ تسوية لا تأتي به رئيساً، ولكن هل سيتمكّن من الوقوف في وجه الاندفاعة الخارجية، على غرار ما حصل في اتفاق الدوحة، خصوصاً أنّ تشابك المصالح الإقليمية وتقاطعها قد يؤدّي إلى تغليب حلفاء عون الاعتبارَ الخارجي على التحالف معه في حال إصراره على موقفه؟

وكان عسيري أكّد أنّ اللبنانيين هم من يختارون رئيسَهم وهم قادرون على ذلك، وأنّ الخيار يجب أن يكون لبنانياً – لبنانيا. وقال: “ما نعمل عليه هو ان يكون هناك توافق بين جميع القوى اللبنانية السياسية في ظلّ هذه الفترة المتبقّية بعيداً من الفراغ، لكي يختاروا رئيساً للبنان للمرحلة المقبلة”.

في مجال آخر، خرج 5 محافظين من جلسة مجلس الوزراء التي انتقلت “على شرفِهم” من السراي الحكومي الى قصر بعبدا، في خطوة أخرَجت ملف تعيين المحافظين من دوّامة المماطلة والتأجيل والتسييس والمحاصصة التي عطّلته لسنوات عدة.

فأعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق انّ عقد تعيين المحافظين انتهى وستنتهي معه سنوات من الفساد أصابت بعض المحافظات المفترض أن تنتقل الآن إلى مرحلة التطوّر والإنماء.

لكنّ تعيين المحافظين الخمس لم يستأثر على رضى كلّ القوى السياسية، حيث أظهرَ بعض الوزراء قبل دخولهم الى الجلسة استياءً واضحاً من “إنزال” هذه التعيينات عليهم بعد منتصف الليل من خارج جدول الأعمال، ومن دون مشاورات بين القوى السياسية.

لكن حِرصاً على التضامن الوزاري وافقَ الجميع بعد اعتراضات توزّعت بين محتجّين لعدم إجراء مشاورات معهم قبل بتّ التعيينات، وبين مطالبين بتحقيق توازن طائفي في كلّ سلة تعيينات تُطرح على طاولة مجلس الوزراء، وبين من احتجّ على عدم إدراج هذه التعيينات على جدول أعمال الجلسة.

ولفتَ هنا ما قاله الوزير وائل ابو فاعور قبل الجلسة أنّه يفضّل أن “تأتي التعيينات من ضمن جدول الاعمال، لا أن يتمّ إنزالها على الوزراء”. وقال: “سأطالب بالالتزام بالآليّة بكلّ مضامينها، ونحن ملتزمون بها.”

والمحافظون الجُدد الخمسة الذين تمّ تعيينهم هم: زياد شبيب (ارثوذكسي) محافظاً لبيروت، وبشير خضر (علوي) محافظاً لبعلبك الهرمل، وفؤاد فليفل (سنّي، مدير عام وزارة الاقتصاد حاليّاً) محافظاً لجبل لبنان، ورمزي نهرا (كاثوليكي) محافظاً للشمال وعماد لبكي (أقلّيات لاتيني قريب من فريق 14 آذار وهو رئيس بلدية بعبدات حاليّاً) محافظاً لعكّار.

وقبِلَ مجلس الوزراء استقالة المحافظ ناصيف قالوش. وعلمت “الجمهورية” أنّ النقاش حول التعيينات استمرّ نحو ساعتين من الوقت، وأدلى كلّ فريق سياسي بدلوه قبل ان يتمّ التوافق عليها.

وكشفت معلومات انّ المفاوضات التي رافقت الاتفاق على التعيينات قبل نقل الجلسة من السراي الى بعبدا أنهت مطالبة وزراء “التيار الوطني الحر” بتعيين بيتر جرمانوس مكان محافظ البقاع انطوان سليمان، وأنّ التفاهم على تثبيت سليمان في البقاع أعاد الصيغة التي أنجِزت أمس الى الواجهة فصدرت التعيينات.

وسأل أحد الوزراء لدى خروجه من الجلسة: “هل هي جلسة تعيين 5 محافظين أم هي جلسة انتخاب رئيس جمهورية؟”

السابق
الأخبار: هل بدأت 14 آذار مشوار تبني ترشيح حرب؟
التالي
فرنجية يكشف سرّ 8 آذار: «لا نخاف الفراغ ونخشى التهويل على بكركي»