إيران والهيمنة الشيعية

في الوقت الذي لم تحسم فيه نتائج الانتخابات العراقية التي يسعى فيها نوري المالكي لولاية ثالثة، حتى كتابة هذا المقال، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» تقارير استخباراتية أميركية تشير إلى أن إيران، التي تدعم إعادة انتخاب المالكي تسعى أيضا لدعم بعض منافسيه الشيعة لتحقيق هدف إيران الأكبر وهو الحفاظ على الهيمنة الشيعية في العراق.
وهذا يعني أن إيران تسعى لتعزيز مخططها الرامي لدعم تمددها ونفوذها في كل المنطقة من خلال استخدام ورقة الطائفية في العراق وسوريا ولبنان، والأمر نفسه يتم من خلال دعم المعارضة الشيعية في البحرين، ودعم الحوثيين في اليمن. والحقيقة أن هذا المخطط الإيراني الطائفي ليس بالجديد، بل هو ترجمة لأهداف الثورة الخمينية، لكنه مخطط لا يحظى بقبول كل أبناء الطائفة الشيعية بالمنطقة، حيث إن هناك معارضة لاستغلال إيران للورقة الطائفية، لكنها معارضة تقمع بالقوة والترهيب من قبل إيران وعملائها في المنطقة، خصوصا بعد أن تزايدت أصوات الانتقاد الشيعي لاستغلال إيران للورقة الطائفية بالمنطقة. في العراق، مثلا، رأينا انتقادات السيد مقتدى الصدر لنوري المالكي، وسعيه لاستغلال الورقة الطائفية مع تحذير الصدر من عملية تشييع العراق سياسيا، وهو ما تسعى له إيران. ورأينا انتقادات في لبنان لتوريط أبناء الطائفة الشيعية في سوريا بسبب تورط الحزب في القتال هناك دفاعا عن الأسد، ورأينا أيضا بيانا صادرا عن علماء ووجهاء الشيعة في السعودية ضد استغلال أبناء الطائفة في قضايا عدة، وهو بيان قوي، وتاريخي.
وعليه فإن التحرك الإيراني في العراق، ومنذ سقوط نظام صدام حسين، من أجل بسط الهيمنة الشيعية هناك ليس بالجديد، بل هو مخطط إيراني واضح له هدفان؛ الأول هو ضمان أن لا تقوم قائمة للعراق، والثاني هو ضمان أن يكون العراق مجرد تابع لإيران مثله مثل لبنان وسوريا ومن خلال عملاء عراقيين، أو عبر ميليشيات شيعية تضمن فرض النفوذ الإيراني هناك، وهو ما يحدث الآن سواء فاز المالكي أو لم يفز، فكل ما يحدث بالعراق يسير وفق المخطط الإيراني وليس للعراق وحسب، بل وفي كل المنطقة.
وهذا الأمر الذي تجاهله الأميركيون، وخصوصا إدارة أوباما التي تحذر الآن من تغول إيران في العراق، بينما هي، أي إدارة أوباما، من سارعت في مغادرة العراق غير مكترثة للثمن الذي ستدفعه أميركا نفسها لاحقا هناك، وما سيترتب على ذلك الانسحاب بالنسبة للمنطقة ككل، حيث ترك العراق فريسة سهلة للإيرانيين. والأدهى من كل ذلك أن إدارة أوباما لا تزال تنساق خلف وهم الاتفاق النووي مع إيران التي تسعى الآن من خلال «تبريد» الخلاف مع أميركا بسبب المفاوضات النووية إلى تعزيز نفوذها في سوريا والعراق ولبنان، وغيرها، ويتم كل ذلك من خلال استغلال إيران لمهزلة الانتخابات التي تحدث بالعراق، أو عملية اختيار الرئيس اللبناني الآن، وكذلك من خلال أكبر مهازل المنطقة وهو إعلان الأسد خوضه الانتخابات الرئاسية في سوريا!.

السابق
الحزب يُعَولم مذهبيته!
التالي
التطرف الاسلامي ينتشر في المدارس البريطانية