رائحة ترئيس عون تفرط 8 و14 آذار في البقاع

ميشال عون
"الجماعة الإسلامية" تحرّكت باتجاه النائب السابق عبد الرحيم مراد. ومراد يتقرّب من شيوخ "دار الإفتاء". والشيخ خليل الميس نراه في مؤسسات مراد التربوية. في المحصّلة يبدو أنّ الحوار القائم بين النائب ميشال عون والرئيس سعد الحريري قد أرخى بثقله في غير مكان. فالجماعة باتت تدرك أنّ "دلعها" السياسي على تيار المستقبل لن يؤتي أكله والمفتي خليل الميس أراد أن يُعيد المياه إلى مجاريها بشكل هادئ ومتدرّج وغير مباشر عبر اعتماد منطق التنسيق والتعاون المؤسساتي.

“الشيخ خليل (الصيفي) أحبّ (النائب البقاعي السابق) عبد الرحيم مراد بسبب أثره في المؤسسات، فلنتلاقى معه ومع غيره بالمؤسسات، ولننصحه ونتخذ منه موقفاً مخالفاً في السياسة بعيداً من ألوان المذهبية”، يقول الدكتور محمد خير فرج. ويضيف: “أنصح قيادة الجماعة الإسلامية أن تسبق الحدث وتؤيّد العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية”. ويختم متسائلا: “إذا خسرت الجماعة الإسلامية بيئة (تيار) المستقبل السياسية، وبيئة 8 آذار بكل تنوّعها الطائفي والمذهبي، وبيئة رئيس الجمهورية في موقع الرئاسة، فأين يكون حراكها السياسي بتأمين مصالح الناس ومن ثم حفظ حقوقهم عبر مؤسسات الدولة البرلمانية والوزارية ؟”.

ما هي إلا ساعات بعد إطلاق الدكتور فرج لهذا الكلام حتى حطّ وفد قيادي من الجماعة الإسلامية رحاله في منزل الوزير السابق عبد الرحيم مراد. هذه الخطوة سبقها حراك سياسي لافت في شكله ومضمونه تمثّل بزيارة الوزير السابق عبد الرحيم مراد إلى أزهر البقاع وقد قابلها مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس بأكثر من “ردّة إجر” نحو مؤسسات الغد الأفضل.

صحيحٌ أن زيارة الذهاب والإياب بين مراد والمفتي اتخذت طابعاً مؤسساتياً – بالاستناد إلى بيان دار الفتوى – لكنّ جانبها السياسي كان الأكثر حضوراً لا سيما وأنها الأولى منذ العام 2005. في المقابل كان كلام الدكتور فرج وزيارة وفد الجماعة أكثر وضوحاً: “نريد حصتنا من قالب الجبنة”.
الجماعة الإسلامية، ناهيك عن الخلاف السعودي القطري حول المتحرك المصري، ترى أنّ مستقبلها السياسي بات على المحك وأنّ التحاقها الكامل بتيار المستقبل دونه موتٌ سريري مُحتّم لا سيّما في ظل الأخبار المتواترة عن حراك الرئيس الحريري باتجاه بلورة اتفاق شامل مشابه للاتفاق الذي أنتج الحكومة القائمة.
هامش المناورة أمام الجماعة ضيقٌ جداً كونها أمام خيارين أحلاهما مُرّ: إما الإنفتاح وإما التريث. الإنفتاح دونه عقبات أخلاقية يصعب تبريرها أقلّه أمام الرأي العام، والتريث سيؤدّي إلى مزيد من الإستنزاف المؤلم.

المفتي في موقع مختلف نسبياً. هو استشعر ربما أنّ التسوية قاب قوسين أو أدنى فحاول ترتيب البيت الداخلي وإعادة الحرارة إلى العلاقة مع الجميع وهذا ما يؤكّده متابعون لحراكه المستجد واضعين انفتاحه على مراد في هذا الإطار.

في المقابل، تلقّف الوزير مراد هذه البراغماتية المستجدة بكثير من الإهتمام فهو يترقب فرصة تعيده إلى حيث يريد دون تقديم أيّ تنازلات تّذكر على صعيد سياساته وتحالفاته وحتى خطابه السياسي. وقد نجح إلى حدّ كبير في تجيير هذا الانتصار لصالحه، أقله على المستوى السياسي والإعلامي والشعبي – الشعبوي عبر القول بشكل موارب: “أنا لم أتنازل قيد أنملة، هم تركوني في لحظة تخلّ وها هم الآن يخطبون وديّ”!

في المحصّلة يبدو أنّ الحوار القائم بين النائب ميشال عون والرئيس سعد الحريري قد أرخى بثقله في غير مكان. فالجماعة باتت تدرك أنّ “دلعها” السياسي على تيار المستقبل لن يؤتي أكله بعد اليوم فقرّرت استحضار كافة العوامل المساعدة لتبرير الانفتاح “المرّ” ومنها أقوال الراحل المؤسس الشيخ خليل الصيفي. والمفتي أراد أن يُعيد المياه إلى مجاريها بشكل هادئ ومتدرّج وغير مباشر عبر اعتماد منطق التنسيق والتعاون المؤسساتي.

السابق
بالفيديو: جنبلاط يدعم تشريع الحشيشة
التالي
لواء أحرار السُنّة – بعلبك: أسر 3 عناصر من ’حزب الله’ في جرود بعلبك ليلاً