إعدام بالجملة

529 + 682 = 1201 – 490 = 720.. هذا ما وصل إليه عَدّاد أحكام الإعدام الجماعية في مصر حتى الساعة، ما لا يعني أن المستفيدين من التخفيض الذي لحق بها (ناقص 490 المشار إليهم) حُكموا بالبراءة بل بالمؤبد. والرقم مؤقت، فالمحاكمات على قدم وساق، والأحكام الغزيرة تصدر في جلسة واحدة. المشهد لا سابق له حتى في البلدان القليلة من العالم التي ما زالت تطبق حكم الإعدام لأسباب سياسية. وفي الأحكام الأخيرة، تلك التي صدرت في نيسان/ ابريل، بعد الأولى الصادرة قبلها بشهر ونيف، يشار علاوة على توصيف الجرائم السياسية إلى قتل ضابط شرطة والتمثيل بجثته، التي يصعب بالطبع أن يكون قد ارتكبها معا 682 شخصاً.
المنطق الذي يضبط هذا السلوك القضائي (مع أن السلطات كافة تؤكد «استقلال القضاء») يشبه بشكل مريب ذاك الذي خَطط للهجوم على تجمع ميدانَي رابعة العدوية والنهضة في منتصف شهر آب/أغسطس الفائت، موقعا عدداً من القتلى بين المعتصمين يداني في حجمه أرقام المحكومين بالإعدام حتى الآن أو يفوقهم. ومذّاك انفلت العنف المتعدد المصادر في مصر، تتقاسمه السلطة والمجموعات الإرهابية وحتى الأهالي، كما يؤكد ذلك تكرار حوادث التقاتل العشائري والاثني والطائفي وحتى ذاك الذي «يفتقد» مبررات شقاق من هذا القبيل. هل يمكن اجتثاث الإخوان بهذه الطريقة؟ والمقصود إزالتهم سياسياً بالطبع. التجارب المماثلة، قريبة أو بعيدة، تُجْمع على النفي.
ما الأمر إذاً؟ تتنوع الإجابات/التفسيرات، أبرزها الرغبة بتسييد أجواء من الترهيب الرادع للتمكن من استعادة زمام الأمر الذي أفلت من يد أي سلطة، بدلالة سن قانون التظاهر سيئ الصيت الذي يُعتقل ويُحبس بموجبه شباب لا علاقة لهم بالإخوان ولا بالعنف. وهؤلاء تجسيد لما لاح من الثورة ومن الاستعداد للتحرر، وكان «مرعباً». والممارسة القمعية الحالية هي الاستكمال الحرفي والفج لرهان التخلص من رأس النظام (مبارك وأبنائه وزمرتهم) للتمكن من إنقاذ النظام نفسه، بعد تشذيبه. ولكن هناك ما يتعدى ذلك. إنه ادقاعٌ مظهره الصمت تجاه الانتهاكات بل تبريرها، الهرولة الى التزلف للسلطة مهما تصرفت بابتذال… حالة مدهشة، لعلها تعني أن ما هو مطلوبٌ التصدي له أعمق جذوراً مما جرت ملامسته.

السابق
الاخبار: بطرس حرب يرتكب مخالفة
التالي
المحكمة: نشر أسماء شهود في الصحافة انتهاك فاضح