الأسد رئيساً وسط فوضى انتخابات عربية

يبدو أنّ واشنطن تتّجه إلى التعامل مع الانتخابات الرئاسية في لبنان بواقعية تأخذ في الاعتبار أنّها باتت في حكم المؤجّلة عمَلياً. فالتصريحات الرسمية الصادرة، سواءٌ عن وزارة الخارجية الأميركية أو عن البيت الأبيض، دخلت مدارَ التكرار البروتوكولي المعهود، ما يشير إلى أنّ هذا الملف قد أُضيف إلى غيره من الملفّات التي يجري التعامل معها في موسم الانتخابات المزدهرة في غير بلد عربي، لكن بلا طموح في أن تُسفر عن أيّ نموذج ديموقراطي يُعتدّ به.

ليس جديداً القول إنّ انتخابات الرئاسة السورية ستسبق الانتخابات اللبنانية، لكنّ تصوير الأمر على أنّه انتصار لمعسكر على آخر في هذه المَعمعة الإنتخابية، لا يكشف إلّا عن جانبٍ ضحلٍ في قراءة الموقفين الدولي والإقليمي ممّا تشهده المنطقة.

تقول مصادر أميركية مُطلعة وأخرى ديبلوماسية عربية في واشنطن «إنّ المرحلة الآن هي مرحلة خلطِ أوراق وتعقيدات أجبَرت الإدارة الأميركية على اعتماد سياسة، أقَلّ ما توصَف به أنّها استقالة من التورّط في حقلِ ألغامٍ لم تَظهر خطوطه، فيما الجميع متورّطون في نزاعات متعدّدة ومتشابكة».

وتَعتبر المصادر«أنّ عودة الرئيس بشّار الأسد إلى سدّة الرئاسة لا تعدو كونها أكثر من استمرار لمنطق النزاع المحتدم منذ أكثر من ثلاثة أعوام، فيما المعارك التي يخوضها جيشه وتشكيلاته وحلفاؤه في «حزب الله» تحت عنوان مزيد من تحسين الشروط الميدانية، هي لزوم ما لا يلزم».

وتكشف أنّ «الأميركيين أبلغوا إلى وسطاء ومراجع ديبلوماسية عدّة أنّ تلك الإنتخابات لن تُنتج إلّا مزيداً من الفوضى، وأنّ الإستعدادات قائمة للتعامل مع هذه الفوضى التي ستنتشر في كثير من دول الإقليم، بدءاً بالعراق مروراً بلبنان وليبيا وصولاً إلى مصر».

وعكسَت صحف أميركية عدّة في الأيام الماضية لوحةً سوداوية عن العراق، مع توقّع تجدُّد الحرب الطائفية فيه بنحوٍ غير مسبوق. وتقول المصادر «إنّ الوضع الميداني الملتهب في دول المشرق كلّه، يتّجه الى التحوّل «ستاتيكو» دائماً وطويلاً نسبياً، في معزل عن الإنجازات التي يحقّقها هذا الطرف أو ذاك. فما يجري لا يعدو كونه استثماراً طويل الأمد في لعبة إنهاك، ستشمل جميع المتورّطين في هذا النزاع السياسي والعرقي والطائفي بلا استثناء».

وتؤكّد المصادر أنّ تعديل ميزان القوى لمصلحة النظام السوري أو ضدّه، لن يغيّر كثيراً في المعادلة، ما دام احتدام النزاع جذب إليه كلّ «الأعداء». ولقد ثبتَ أنّ هذا التعديل ممكن في أيّ لحظة، وما المواجهات الدائرة، سواءٌ في حلب أو ريف اللاذقية أو ريف دمشق ودرعا والقنيطرة، إلّا دليلٌ على أنّ استِعارَ الحروب يدرّ أرباحاً صافية من خلال إنهاك الجميع.

وفي هذا المجال، تشير معلومات، لم ينفِها البنتاغون أو يؤكّدها، إلى أنّ المعارضة السورية، أو على الأقلّ بعض أجنحتها، ستتمكّن من «حماية أجوائها» نسبيّاً، مع تزايد الدلائل على امتلاكها عدداً محدوداً من الصواريخ المضادة للطائرات، بعدما حصلت في وقت سابق على صواريخ مضادة للدروع والتحصينات.

هناك من يقول «إنّ انغماس روسيا في الأزمة الأوكرانية سيُشغلها عن اهتماماتها بسوريا، في ظلّ اطمئنانها إلى أنّ سقوط النظام بات بعيداً، مع تولّي إيران وحدها تحمّل تبعات هذا التورّط وكلفته، فيما خطر تجدّد الحرب الطائفية في العراق سيُضاعف من غرقِها في مستنقع أشدّ وأدهى».

في المقابل، هناك من يرى أنّ هذا الإنغماس قد لا يكون بعيداً من «الفخّ» الذي سقط فيه «سيّد الكرملين» أيضاً، خصوصاً أنّ الفوضى التي تشهدها حدود بلاده قد لا تبقى محصورةً هناك.

السابق
فضيحة جديدة تسجل لداعية فتوى ’جهاد النكاح’
التالي
قرع الجرس إيذاناً ببدء جلسة مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية