النِصاب صار كابوس ’8’ أم ’14 آذار’؟

إفتتح فريق» 8 آذار « مسلسل تطيير النصاب قبل الدورة الثانية. ولكنْ هناك سؤال خبيث: هل كان على فريق » 14 آذار « أن يسبقه بتعطيل نصاب الدورة الأولى؟ في أيّ حال، بدءاً من الأربعاء المقبل، سيكون التعطيل مصلحةً للفريقين. لماذا؟

بعد التعمُّق، يتبيَّن أنّ فريق 14 آذار هو الذي يجب أن يخشى النصاب، وليس خصومه. فهو يمتلك 50 صوتاً أو أكثر بقليل، فيما يمتلك 8 آذار 57 صوتاً. وأمّا الوسطيّون الذين جمعوا 16 صوتاً في الدورة الأولى، فيتمسّكون بمرشّحهم لكي يكون لهم مبرِّر عدم الإنحياز، والبقاء «بيضة القبّان».في الظاهر، لا 14 آذار قادرة على تأمين 65 وإيصال مرشّحها، ولا 8 آذار. ولكن، في العمق، الأمر مختلف. و14 آذار هي المحشورة. فإذا وفَّرت النصاب في جلسة مقبلة (86)، يمكن لـ8 آذار أن تجذب من الوسطيين 8 أصوات فقط، فوق أصواتها المتماسكة، وتؤمِّن 65 نائباً، ويفوز مرشّحها. لكنّ حصول 14 آذار على نحو 15 صوتاً من الوسطيّين، أي جميعهم تقريباً، مستبعد جدّاً.

فالنائب وليد جنبلاط بغالبية كتلته (11 صوتاً) والرئيس نجيب ميقاتي وبعض الوسطيّين أقرب إلى التموضع مع 8 آذار. وهذا لا يحتاج إلى أدلّة منذ 3 سنوات. وإذا أتيح لجنبلاط وميقاتي أن يتمتّعا ببعض الوسطية، فذلك لا يصل إلى حدّ معاكسة مصالح «حزب الله» الحقيقية. وهما ملتزمان «الضوابط» منذ 7 أيار. ومعظم الوسطيين ليسوا في موقع المختلف بل المتمايز عن 8 آذار، أو داخل 8 آذار.

لذلك، من حقّ 14 آذار أن تخاف من «قطبة مخفيّة» في أيّ لحظة يتأمّن فيها نصاب الجلسة، إذ يصوِّت بعض الوسطيّين لمرشّح 8 آذار فيفوز. وإذا وقعت هذه المناورة، مثلاً، في جلسة الأربعاء، فستوصِل 8 آذار المرشّح الذي تريده، إذا كان لها مرشّح تريده حاليّاً.

وهناك مَن يهمس بكلام خطر: بعيداً عن المثاليات في احترام الدستور. كان على 14 آذار أن تتجنّب إنعقاد جلسة 23 نيسان، لتبقى الدورة الأولى مؤجّلة حتّى التوافق على رئيس، أي يبقى الانتخاب مرهوناً باقتراع 86 نائباً لا 65. فبذلك يمكن منع الخديعة المحتملة في أيّ لحظة يتمّ فيها تأمين النصاب!

فـ14 آذار لا تثق في الوسطيين جميعاً، إلى حدِّ المغامرة بتأمين النصاب. ويصعب التصديق أنّها ستساهم في إيصال المرشّح الخصم، إلّا إذا كانت ستقع فريسة حبِّها للممارسة الديموقراطية والدستور… أو إذا كانت هناك فعلاً «صفقة» بين 8 آذار وعون و»المستقبل». وليس هناك ما يوحي باستعداد 14 آذار للوقوع في أيّ من الخديعتين… والانتحار.

هذا من جانب 14 آذار. ولكن 8 آذار أكثر مجاهرة في التعطيل. وهي تريده لسبَبين، تكتيكيّ واستراتيجي:

– الأوّل هو أنّها لا تريد عون، ولا بدّ من فترة من «الفشل الإنتخابي» لتبرير إحراقه.

– الثاني هو «كلمة سرّ» إقليمية بتأجيل الإستحقاق اللبناني إلى ما بعد السوري.

ولا حاجة إلى إثبات وجود الرغبات التعطيلية في 8 آذار:

– المماطلة في إطلاق العملية الإنتخابية حتى منتصف المهلة الدستورية، وملء الوقت بالمناكفات حول الملفّات الإجتماعية الملتهبة.

– المسارعة إلى تطيير النصاب مسرحيّاً في 23 نيسان.

-تعيين موعد الجلسة التالية بعد أسبوع، وليس في نهايات الأسبوع عينه مثلاً.

– عدم تسمية 8 آذار أيّ مرشّح لها. والأرجح أنّ بعض مكوّناتها يفضّل وصول شخصيات محسوبة أقرب إلى 14 آذار على إيصال عون، الذي لم يعلن ترشيحه أساساً.

إذاً، تتقاطع مصالح 8 و14 حاليّاً على التعطيل. وهذا يعني قبل 25 أيار: إمّا الفراغ وإمّا التمديد. وأمّا بعد 25 أيار فيعني: إمّا الرئيس الرمادي وإمّا التجديد وإمّا الفوضى الشاملة وصولاً إلى المؤتمر التأسيسي… وهنا يصبح الأمر أكبر من الجميع، ولكلّ حادث حديث.

السابق
هل تقايض واشنطن – طهران نوري المالكي بميشال عون؟
التالي
ايخهورست في جولة جنوبية