مشاريع أوباما الخارجية هل لها طائل؟

وصل الرئيس أوباما إلى اليابان يوم الأربعاء 23 أبريل (نيسان) الحالي، وألقى خطابا مهما نيابة عن الشعب الأميركي.
وقال: «إنه (سوشي) ممتاز». وكان كذلك حقا، فالرئيس أوباما كان تناول العشاء لتوه في مطعم «سوكياباشي جيرو»، حيث الشيف المختص في أطباق السوشي من ثلاث نجوم جيرو أونو، والذي ظهر في الفيلم الوثائقي «أحلام جيرو بالسوشي». ولنأمل أن أوباما لم يفرط في تناول الطعام خلال الوجبة التي استغرقت 90 دقيقة. وكان هناك ثلاث حفلات عشاء رسمية على شرفه خلال الرحلة.
وتبشر رحلة الأيام السبعة التي تشمل أربعة بلدان آسيوية بأن تكون مغامرة ممتازة للرئيس. وسيزور أوباما ضريح الإمبراطور ميجي في اليابان، ويتناول الغداء مع الإمبراطور.
كما سيزور قصر غيوغبوكغونغ في كوريا الجنوبية، ويضع إكليلا من الزهور على النصب التذكاري الوطني للحرب. وفي ماليزيا سيحضر لقاء ملكيا، ويزور المسجد الوطني في كوالالمبور.
وفي الفلبين سيجرب سيارة كهربائية، ويضع إكليلا آخر من الزهور ويستمتع بعشائه الرسمي الثالث. ولكنّ هناك شيئا واحدا مهما غاب عن برنامج رحلة الرئيس، الذي يعتبر عدا ذلك مشوقا: الخروج بخبر. فالأمل الوحيد لحدوث انفراج خلال الرحلة – هو الإعلان عن التوصل إلى صفقة تجارية يطلق عليها الشراكة عبر المحيط الهادي.
وتقول مستشارة الرئيس للأمن القومي سوزان رايس إن العمل سيتواصل خلال «الأسابيع والأشهر المقبلة».
وسيعقد الرئيس أوباما مؤتمرات صحافية مع قادة تلك الدول، على الرغم من أن الأسئلة ستكون غالبا عن أوكرانيا. ووصفت رايس الغرض من الزيارة بعبارات غامضة وفضفاضة: «هذه رحلة إيجابية ذات أجندة إيجابية تؤكد أن التزام الولايات المتحدة بنمو هذه المنطقة يزداد وأنها حجر الزاوية في نشاطنا العالمي وستظل كذلك لفترة طويلة».
لا ضير في قيام رئيس أميركي بنشر النيات الحسنة وتناول السوشي الجيد، لكن طبيعة الجولة قد تساهم في وضع صورة وهي أن سياسة أوباما الخاصة بآسيا وسياسته الخارجية بصفة عامة هي متجولة أيضا.
وهو يرى المناظر ويلتقط بعض الصور الجميلة ويتحرك بما يجعله يبدو كسائح أكثر منه كمخطط لشؤون العالم.
وعادة ما تكون فترة الرئاسة الثانية هي التي ينظر فيها الرؤساء إلى الخارج لترك سيرة حسنة، ويبدو أن أوباما يتبع ذلك المنوال، لكن الأحداث خارج إرادته تصرفه عن ذلك باستمرار: فتوحات بوتين وما لدى الصين، وإخفاق المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية، والحرب الأهلية السورية ظلت تزحم أي أجندة لأوباما.
وحتى وإن لم تتدخل أزمة، فليس من الواضح تماما كيف ستكون الأجندة. وسألت بن رودس نائب مستشار الرئيس للأمن القومي عن صيغة لمبدأ أوباما، الذي يوصف في الإعلام باعتباره «صاعدا» و«متطورا» و«يعاد النظر فيه».
وذكرني رودس بخطاب لأوباما عام 2011 ناقش فيه العمل متعدد الأطراف. وحينها قال أوباما إنه إن لم تواجه الولايات المتحدة تحديا مباشرا «فلا يجب أن تتحمل الولايات المتحدة وحدها عبء العمل». ويتهم منتقدو أوباما من المحافظين الجدد بأنه يظهر الضعف في الخارج (حتى وهم يصفوه بالطاغية في الولايات المتحدة).
لكن ربما أضعف مبدأ الضربات الاستباقية لبوش الأكثر قوة والهزيمة في العراق نفوذ الولايات المتحدة أكثر مما أضعفته اختلافات أوباما. ليست المشكلة أن أوباما يظهر الضعف، بل إنه لا يظهر شيئا يذكر بشأن أي أمر.
وكما هو الحال في الشؤون الداخلية، كان في أفضل أحواله عندما كان قويا ومتماسكا، وكان في أسوأ أحواله عندما لعب دور المتفرج.
إن سياسة آسيا نموذجية. وقال البيت الأبيض عام 2011 إنه سيصنع «محورا» لآسيا من الشرق الأوسط. ولكنه لم ينجح في ذلك أبدا، حيث جذبته سوريا وإيران وأوكرانيا إلى مكان آخر. وهو يحاول بهذه الرحلة والتي أعيدت جدولة جزء منها بسبب الغلق الحكومي العام الماضي، إحياء ذلك المحور.
لكن ما هي خطته؟ إن الأمر غير واضح. ووجه سؤال لرايس في اللقاءات الصحافية قبيل الرحلة ما إذا كان يمكن أن يطلق على الجولة «جولة احتواء الصين».
وأجابت: «هذه رحلة إيجابية ذات أجندة إيجابية، تؤكد أن التزام الولايات المتحدة بنمو هذه المنطقة يزداد، وأنها حجر الزاوية في نشاطنا العالمي، وستظل كذلك لفترة طويلة».
تملك مستشارة الرئيس للأمن القومي عدة طرق كي لا تقول شيئا: «التركيز المتواصل منطقة آسيا والمحيط الهادي.. التركيز الكثيف على تنشيط علاقاتنا الثنائية.. تأكيد التزامنا بالنظام القائم على الأسس في المنطقة.. التركيز على تحديث هذه التحالفات لجعلها أكثر تناسبا للقرن الحادي والعشرين».
ووجه موقع «بوليتيكو بلي بوك» سؤلا لقرائه صباح الأربعاء: «كن أمينا: هل كنت تعرف أن أوباما كان مسافرا؟ كانت مثل هذه الرحلات الرئاسية تحتل الأخبار وتتسرب إلى وعي الأميركان العاديين». وبإمكانها أن تعود كذلك إن أصبح الرئيس صانعا للأخبار وليس سائحا.

السابق
ديمقراطية بشار تعليم الفيل الرقص
التالي
تصاعد التوتر في قلب أوروبا