الفلسطيني لا يملك عقاراً.. وزوجته لا تورّثه لأولادهما

يشرح سامر منّاع، وهو ناشط في مركز التنمية الإنسانية، من «حملة حقوق الملكية العقارية للاجئين الفلسطينيين في لبنان»، أن «الحملة تألفت من اثنتي عشرة جمعية، من كل الأطياف الفلسطينية في كل لبنان، أطلقناها منذ سنتين. وأحد أهدافها إعادة الوضع على ما كان عليه قبل تعديل القانون سنة 2001، حيث يتم السماح للفلسطيني تملك عقار، وتمكين الفلسطيني من التملك حتى لو شقة في لبنان».

وكان مجلس النواب أقرّ في 21 آذار 2001 مشروع قانون يرمي إلى تعديل المرسوم رقم 11614 بتاريخ 4 كانون الثاني 1969، المتعلق بـ«اكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية العقارية في لبنان». النص الجديد، يحمل الرقم 296، جاء فيه: «لا يجوز تملك أي حق عيني من أي نوع كان لأي شخص لا يحمل جنسية صادرة عن دولة معترف بها، أو لأي شخص إذا كان التملك يتعارض مع أحكام الدستور لجهة رفض التوطين». ولقد تبين أنه تم تعديل القانون خلال مناقشته في المجلس النيابي، وأن هناك بعض النواب أبدوا تخوفهم من قضية التوطين. وشككوا في أن يكون القانون المعدل الجديد احدى الأدوات المساعدة على تمرير مشروع التوطين.
وتابع مناع: «الحملة بدأت بالقيام ندوات، وورش عمل في المخيمات والتجمعات الفلسطينية جميعها، واليوم صار توجه الحملة نحو طلاب الجامعات، باعتبارهم فئة رئيسة، وباستطاعتهم التأثير على الحكومة والتغيير، ومن أبرز الملاحظات التي نقوم بالعمل عليها، العمل على رفع الوعي بين الناس حول الموضوع. وخلال عملنا اكتشفنا أنه حاجة أساسية وأنه ضرورة. لذلك نقوم برفع الوعي على جميع المستويات داخل المخيمات وخارجها، بالإضافة إلى أننا نعمل على تشكيل لجان محلية من المتضررين من ذلك القرار في كل منطقة». وتنطلق الحملة من صيدا ومخيماتها، «لأن هناك عدداً كبيراً من الفلسطينيين اشتروا شققاً، ولم يستطيعوا تسجيلها، وخلال تقسيطهم لثمن الشقة، صدر قانون حرمان الفلسطيني من تملك عقار». والحرمان يشمل قطاعا واسعا من الفلسطينيين، بالإضافة لموضوع نقل الملكية والصعوبات في حالات الميراث.
وقد قامت الحملة بدراسة شملت عينات إحصائية من مختلف التجمعات الفلسطينية، كمنطقة صيدا، ووادي الزينة، والبقاع، والتجمعات بين صيدا وصور. أظهرت نتائجها أن ثمانية وتسعين في المئة من العينة الإحصائية لا تملك أوراقاً مكتملة. وتعتبر غير مالكة لعقاراتها بالقانون، كعقد بيع ممسوح أو عقد اتفاق بيع. وأظهرت كذلك أن الفلسطيني بعد العام 2001 لم يتوقف عن التملك، لكن بطرق مختلفة، كتسجيل العقار باسم لبناني غريب، أو باسم زوجته اللبنانية، أو باسم صديق. ولكن ذلك التسجيل ليس قانونياً بالنسبة للفلسطيني، حيث يحرمه من كونه مالك العقار الحقيقي. وهذه النسبة تجاوزت 12في المئة من العينة الإحصائية. كما أن هناك نسبة 92 في المئة أبدوا استعدادهم لرفع دعاوى قضائية، لتثبيت ملكيتهم، أو استردادها.
ويرى مناع أن الحملة «وسيلة ضغط مهمة على الدولة، من الممكن التوصل الى نتائج من خلالها، ونعتبرها جزءاً من المناصرة للحملة، وبشكل عام الحملات تنجح بمعظمها، وخاصة إذا استمرت. ولقد تواصلنا مع جميع الكتل اللبنانية، ومع معظم السياسيين اللبنانيين، وهناك دور كبير لبعض المؤسسات والفاعليات اللبنانية. والخطوة التالية التي سنقوم بها، هي زيارة الكتل النيابية، لنشرح لهم الموضوع ونضع مطالبنا أمامهم، ولذلك قمنا بتجهيز ملفات وشريط مصور خاص بالحملة، إضافة إلى الحملة الإعلامية».
فرح الكزلي منسقة الحملة، رأت أنها «أتت بعدما عدّل مجلس النواب قرار تملك الأجانب ليستثني الفلسطيني من دون غيره من أن يتملك أي حق عيني، أو أي عقار في لبنان. والقانون ترتب عليه أضرار كبيرة، فالشخص الذي تملك قبل 2001، صار بعد العام 2001، لا يستطيع أن يورث أولاده، وحتى الذي اشترى وتملك قبل 2001 ولم يسجل العقار وُضع أمام مأزق، لأن هناك أشخاصاً لم يكن لديهم القدرة المادية، لتسجيل عقارهم بالدولة، ودفع الضريبة التي تبلغ 16في المئة. وبالتالي لم يستطيعوا التسجيل وكان من المفروض عند صدور القانون إعطاء مهلة زمنية، كي يستطيع المالك ترتيب وضعه، وحتى اللبنانية المتزوجة من فلسطيني لا يحق لها توريث أولادها، لأنهم يحملون جنسية والدهم». واعتبرت أنه بنتيجة «هذه المأساة بادرت اثنتا عشرة جمعية عاملة في الوسط الفلسطيني، لإطلاق حملة خاصة بحق الملكية العقارية، وهذه الحملة تستكمل حملات يعمل عليها المجتمع المدني الفلسطيني، كحق العمل، والضمان الاجتماعي على قاعدة رفض التوطين، والتمسك بحق العودة، لأنه دائما عندما يحضر أي أمر فلسطيني تحضر أمامه فزاعة التوطين كي يتم منع الفلسطيني من أي شيء، وهذه الجمعيات قامت في العام 2011 بزيارات للفصائل والأحزاب الفلسطينية بمختلف انتماءاتها، بالإضافة إلى لجان شعبية، ومنظمات شبابية وطلابية، وفي العام 2012 كان هناك طاولة حوار مع محامين وحقوقيين لبنانيين ينتمون إلى جميع الطوائف والأحزاب السياسية اللبنانية». وأشارت إلى أنهم «أجمعوا على إطلاق حملة خاصة بالملكية العقارية، وهذه الحملة انطلقت رسميا في العام 2012، تم إطلاقها من خلال مؤتمر صحافي برعاية الوزير وائل أبو فاعور، وهو من المؤيدين لهذا الحق الإنساني بامتياز. وبعد ذلك تم إنجاز الملف الذي يتضمن دراسة أعدها الباحث الأستاذ سهيل الناطور والأستاذ سامر مناع. وتم إرسال الملف للدكتور خلدون الشريف رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، الذي أبدى تفهمه للموضوع، وأيّد أن للفلسطيني حقا بالتملك». وتتوجه الحملة إلى إقامة ورش عمل توعوية، ولقاءات مع الأحزاب السياسية، وستقوم مجموعة من المالكين، لرفع دعاوى قضائية، لاسترداد حقهم، وقد تطوع محامون لبنانيون للدفاع عن حقوق الفلسطينيين.

 

السابق
معرض التراث الفلسطيني: صورة ’القضية’
التالي
إيران ترحب بالمصالحة الفلسطينية في مواجهة العدو الإسرائيلي