هل يدفع ’الإخوان المسلمون’ ثمن ’المصالحة’ القطرية السعودية؟

من أبرز تداعيات الأزمة بين قطر والدول الخليجية في الفترة السابقة، كانت مسارعة المملكة العربية السعودية إلى إعلان حركة “الإخوان المسلمين” منظمة “إرهابية”، ليتبين في ما بعد أن إحتضان القيادة القطرية لجناح الحركة المصري بشكل أساسي هو السبب الرئيسي في هذه الأزمة، لا سيما على صعيد تعامل قناة “الجزيرة” مع الأحداث في “أرض الكنانة”، الذي تناقض مع مصالح باقي الدول الخليجية التي دعمت “الإنقلاب” الذي قام به وزير الدفاع المصري السابق عبد الفتاح السياسي.

وبعد الإتفاق، الذي جرى الإعلان عنه مؤخراً، بين دول الخليج لإنهاء الأزمة، وكان عنوانها الأبرز قرار سحب سفراء الرياض وأبو ظبي والمنامة من الدوحة، طرحت الكثير من الأسئلة حول مدى تضرر الحركة من ذلك.
وفي هذا السياق، ترى مصادر متابعة أنّ “المصالحة” تعني، بما لا يقبل الشك، عودة القيادة القطرية إلى الحضن الخليجي، وهذا الأمر ما كان ليحصل لو لم تقدم تنازلات كانت مطلوبة منها، لا سيما على صعيد العلاقة مع حركة “الإخوان المسلمين”، ما سينعكس بشكل مباشر على نشاطها في أكثر من قطر عربي وإسلامي.
وتشدد هذه المصادر، في حديث لـ”النشرة”، على أن الحركة إستفادت طوال الفترة السابقة من الدعم الذي كانت تحظى به من الحكومتين القطرية والتركية، لكنها تشير إلى أن هذا لا يعني أن هاتين الحكومتين لم تسفيدا أيضاً من العلاقة معها، لا سيما على صعيد لعب دور بارز في الأحداث التي وقعت في أكثر من مكان.
من جانبها، تؤكد مصادر في الحركة أنها ستتأثر سلباً بهذا الأمر، لكنها تشدد على أن ذلك لن يؤدي إلى إلغاء وجودها، “الذي هو غير مرتبط بأي نظام، وهي كانت حاضرة قبل حصولها على أي دعم، كونها تقوم على أساس فكري بشكل أساسي وليس على تقاطع مصالح يحصل مع هذا النظام أو ذاك في لحظات تاريخية معينة”.
وتشير هذه المصادر، في حديث لـ”النشرة”، إلى أنّ ما حصل سيصعب عليها بعض الأمور لا سيما على صعيد الأوضاع المصرية، التي تشهد ما يمكن تسميته بـ”التطهير” السياسي، لكنها تؤكد أن السيسي لن يستطيع أن يفعل أكثر مما فعله جمال عبد الناصر في السابق.
من وجهة نظر هذه المصادر، قطر لم تكن تدعم الحركة عن قناعة، وهذا الأمر مؤكد لدى القيادة، بل هي كانت تبحث عن فريق يؤمن تحولها إلى دولة إقليمية فاعلة، وبالتالي هي إستفادت من “الإخوان”، وتضيف: “يكفي أنها أجبرت الدول الخليجية على التفاوض معها من أجل هذا الموضوع”.
من ناحية أخرى، تتوقع المصادر المتابعة ألاّ تتخلى القيادة القطرية بشكل كامل عن الحركة، لأنها تدرك أهمية هذه “الورقة” التي تستطيع من خلالها التأثير في الأحداث في أكثر من قطر عربي وإسلامي، وتلفت إلى أنها قد تتحول إلى الدعم غير المعلن، في حال تعهّدت بوقف هذا الدعم أمام الدول الخليجية، لكن خط التواصل سيبقى قائماً.
على صعيد منفصل، لا تنفي مصادر “إخوانية” وجود علاقة لا تزال قائمة بين “أجنحة” من الحركة في أكثر من مكان مع السعودية، وترى أن هذا الأمر طبيعي، حيث تؤكد أن من غير المنطقي قطع العلاقات مع المملكة من قبل مختلف “الأجنحة” التي يهمها الدعم السعودي في بعض الملفات، خصوصاً على الصعيد السوري، وتضيف: “من الغباء السياسي تعطيل كل المصالح من أجل الذي يحصل في مصر، وهناك بالتأكيد فصل بالعمل في الساحات المختلفة التي تتواجد فيها الحركة”.
وتشير هذه المصادر إلى أن من الطبيعي أن يكون هناك قراءة موضوعية لمجريات الأمور، لأنه في السياسة لا يوجد نظامان يتعارضان بشكل مطلق، وتضيف: “رغم كل ما حصل بين تركيا واسرائيل استمرت الإتفاقيات، ورغم كل الخلافات بين القيادة التركية والايرانية حول الملف السوري لم تتوقف العلاقات، ورأينا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يزور ايران”.
في المحصلة، تدرك قيادات الحركة أنها من المتضررين الأساسيين من هذه “المصالحة”، لكنها لا ترى أن ذلك سيؤدي إلى إلغاء دورها بشكل كامل، ومن منطلق تقاطع المصالح من غير المتوقع أن تتخلى القيادة القطرية عن هذه “الورقة” التي تتشارك مع الحكومة التركية في التأثير بها.

السابق
إتفاق المصالحة الفلسطينية أمام امتحان الضغوط
التالي
بريتال ـ الطفيل بعد اللبوة ـ عرسال