معضلة الفلسطينيين في لبنان

لا أحد يعرف عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أو ما تبقى منهم، لكن الجميع يعرف أن معظمهم يعيشون في ظروف صعبة، لجهة حرمانهم من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، التي نصت عليها المعايير الدولية، كما لجهة إقامتهم في مخيمات مازالت غير لائقة لعيش البشر، على رغم مرور 66 عاماً على إقامتها.

ورغم أن عدداً كبيراً من فلسطينيي لبنان هاجروا إلى الدول الاسكندينافية والأوروبية وكندا والولايات المتحدة واوستراليا، بسبب هذه الاوضاع، ورغم أن الدولة اللبنانية لا تتحمل شيئا من موازنتها ازاءهم، حيث تتولى “أونروا”، ومنظمات فلسطينية سياسية او أهلية، القيام بذلك، إلا أن قطاعا من اللبنانيين مازال يضيق بهؤلاء، معتبراً إياهم فائضا عن الحاجة، أو عبئاً أمنياً أو ديموغرافياً.
الأنكى أن من تبقى من فلسطينيين في مخيمات لبنان باتوا بمثابة رهائن للجماعات المسلحة المتضاربة الأهواء والسياسات والتوظيفات، بخاصة بعد الخلافات والانقسامات الفلسطينية، وبسبب تراجع دور منظمة التحرير، وتحول ثقل العمل الفلسطيني إلى الداخل، وإقامة السلطة، وأفول دور اللاجئين في العملية الوطنية.
هذا يفيد أن فلسطينيي لبنان دفعوا من وجودهم واستقرارهم وتطورهم، أكلاف وتداعيات صعود المقاومة المسلحة
(1968 – 1982)، كما أكلاف وتداعيات هبوطها، أي أنهم دفعوا ثمن وجودها بينهم وانفكاكها عنهم. والمشكلة أنهم في هاتين الحالين عانوا التهميش، في المرة الأولى إزاء فصائل المقاومة التي اشتغلت على ضمهم إلى تشكيلاتها الميليشيوية، أكثر بكثير مما اشتغلت على تحسين اوضاعهم، بإقامة المؤسسات السياسية والاقتصادية والثقافية والتربوية، وفي المرة الثانية إزاء الدولة والمجتمع اللبنانيين، ولاسيما إزاء القوى الميليشيوية المتغوّلة فيه.
هذا يحصل في وضع يبدو فيه المجتمع الفلسطيني في لبنان مغلوباً على أمره، إزاء السلاح والمسلحين، فلسطينيين أو غير فلسطينيين، ما يثقل عليه، ويساهم في تدميره، وفي وضع تبدو فيه القيادة الفلسطينية عاجزة أو لا تبذل الجهود المناسبة لمساعدة فلسطينيي لبنان على تجاوز هذه الحالة، لاسيما انها مسؤولة عن “التركة” التي اورثتهم اياها من حقبة الكفاح المسلح، وأنها تعتبر نفسها الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين.
هذا كله لا بد أن يبدأ من خطوة رفع الغطاء عن السلاح الفلسطيني في المخيمات.

السابق
مدربو اللبنانية يقطعون طريق المتحف مطالبين بالافراج عن ملفهم
التالي
الحركة داخلية ولكن اللعبة خارجية