قضية سد جنة تتفاعل: هل توقف دراسة الأثر البيئي.. الأعمال؟

لا يفترض استغراب السجال الدائر مؤخراً بين وزيري الطاقة والبيئة في شأن سد جنة. فقد تأخر هذا السجال كثيراً، أو على الأقل هذا «السؤال» الذي كان يفترض أن توجهه وزارة البيئة إلى وزارة الطاقة والمياه، ولا سيما قبل إقرار استراتيجية المياه في مجلس الوزراء العام 2012. حتى أنّ وزارة الطاقة نفسها تأخرت كثيراً في وضع هذه الاستراتيجية بعدما كانت قد شغلت الدنيا بخطتها العشرية التاريخية التي كانت عبارة عن مشاريع لإنشاء سدود سطحية مكلفة وخطرة وغير ضرورية. فوضع استراتيجية للمياه كان مطلباً لـ«حزب البيئة اللبناني» الذي تقدم بدراسة مفصلة العام 2010 شدد فيها على وقف الهدر والسرقات وضبط الاستهلاك في القطاعات كلها، مستبعداً الحاجة إلى السدود السطحية. كما عاد وطالب بعد إقرار الاستراتيجية بدراسة أثرها البيئي، لا لناحية دراسة الأثر البيئي لكل سد، كما يحصل الآن، بل لأثر الاستراتيجية والخطط ككل، على أساس تحديد المعطيات والحجج الحقيقية، ومن ثم الخطط والأولويات، والتي كانت تعني منح خطط وقف الهدر والسرقات الأولوية على إنشاء السدود المكلفة وغير الضرورية.

استدركت وزارة البيئة الموضوع ولزمت منذ ما يقارب العام دراسة تقييم بيئي استراتيجي للاستراتيجية التي أقرها مجلس الورزاء العام 2012، ولم تنته هذه الدراسة بعد، كما علمت «السفير» من مصادر وزارة البيئة. ويؤكد وزير البيئة محمد المشنوق أنّ الوزراة أرسلت كتباً عدة إلى وزارة الطاقة سابقاً طالبت بدراسة الأثر البيئي لمشاريع السدود. وتقول مصادر متابعة في الوزارة انّ جواب مستشاري وزير الطاقة السابق كان: «إذا أردتم الاطلاع على دراسات وزارة الطاقة للسدود فيمكنكم أن تأتوا إلى وزارة الطاقة للاطلاع عليها»، ما يدل على تسرع من جانب مجلس الوزراء السابق في إقرار الخطة الاستراتيجية، وعلى ضعف وزارة البيئة وإهمالها لهذا الموضوع، وتعالي وزارة الطاقة والمياه التي استفادت من الحملات الدعائية السابقة التي كانت تروج لها تاريخياً مجموعة من الشركات الاستشارية التي لها مصلحة في إنشاء السدود، إضافة إلى المدير العام فادي قمير، ومفاد هذه الحملات أن لا مفر من إنشاء السدود السطحية لتأمين زيادة الطلب على المياه المتوقعة، بدلا من البحث في كيفية وقف الهدر والسرقة والتوفير في الاستخدام.
أما وقد انطلق السجال مؤخراً في شأن سد جنة، فهل يطور وزير البيئة مهمة وزارته ويبحث في الاستراتيجية عامة وفي الوضع البيئي لكل السدود المقترحة، مطالباً أيضا بالتسريع في إنهاء التقييم البيئي الاستراتيجي وطرحه للنقاش العام؟
الوزير المشنوق أكد لـ«السفير» أنّه لن يتوقف عند سد جنة، وأنّه على استعداد لإعادة مراجعة ومناقشة كل الاستراتيجية والاستماع إلى آراء المعترضين من بيئيين وخبراء وبلديات.
وبانتظار ذلك، ماذا حصل، وما كان مضمون السجال الذي دار مؤخراً بين الوزيرين؟
نظريان يوضح
ردّ وزير الطاقة والمياه ارتور نظريان على وزير البيئة محمد المشنوق الذي طالب بوقف الأعمال بسد جنة لحين دراسة الأثر البيئي لهذا المشروع («السفير» في 17/4/2014)، بأنه لم يتسلم أي كتاب بهذا الخصوص من الوزير المشنوق. وأوضح أن «الدراسات الأولية والتفصيلية لمشروع سد جنّة بوشر بإعدادها في العام 2005، وقد تضمنت دراسة الأثر البيئي للمشروع وأنجزت في العام 2006، مراعية الأحكام القانونية السائدة في حينه، أي قبل صدور المرسوم رقم 8633 (أصول تقييم الأثر البيئي). وان إطلاق المناقصة لتنفيذ المشروع كان في 1 آذار 2012. وقد تمّ إرساء التلزيم في 18 نيسان 2012، أي قبل صدور المرسوم رقم 8633 (أصول تقييم الأثر البيئي)».
أضاف: «إن القول بأن وزارة الطاقة والمياه لم تتجاوب مع الكتب الموجهة إليها لا ينسجم مع واقع إنجاز دراسات سد جنّة وإتمام إجراءات تلزيم تنفيذه لأنها تمت قبل صدور المرسوم رقم 8633 في 7 آب 2012 والذي نص على العمل به فور نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 16 آب 2012، ومن دون أن يكون له أي مفاعيل رجعية، أما في ما خص بقية المشاريع التي يسري عليها المرسوم رقم 8633، فإن وزارة الطاقة والمياه لم تتأخر يوماً عن إبلاغ وزارة البيئة بكل الدراسات البيئية المفروضة قانوناً بعد نفاذ المرسوم رقم 8633».
البيئة ترد
من جهته، أكد وزير البيئة في بيان، أمس، أنّه وجّه كتاباً إلى وزير الطاقة نظريان في شأن دراسة الأثر البيئي لمشروع سدّ جنّة في 22 الجاري رقم 2652/ب2013 والمسجل تحت رقم 438/و تاريخ23/4/2014. ولفت إلى أنّ ما قامت به وزارة الطاقة والمياه من إجراءات في موضوع سد جنة لم يتقيد بالقوانين المرعية الإجراء والمراسيم التي تلتها وأبرزها المادة 21 من قانون حماية البيئة رقم 444 الصادر في 29 تموز 2002، التي نصت على الآتي: «على الجهات المعنية في القطاعين العام والخاص إجراء دراسات الفحص البيئي المبدئي أو تقييم الأثر البيئي للمشاريع التي قد تهدد البيئة بسبب حجمها أو طبيعتها أو أثرها أو نشاطاتها. تراجع وزارة البيئة هذه الدراسات وتوافق عليها بعد التأكد من ملاءمتها لشروط سلامة البيئة واستدامة الموارد الطبيعية». وأشار بيان البيئة إلى المادة السابعة عشرة من المرسوم 8633/2012 أصول تقييم الأثر البيئي المنشور في الجريدة الرسمية في 16 آب 2012 والتي تنص على الآتي: «إذا كان لدى الإدارات أو المؤسسات العامة دراسات لتقييم الأثر البيئي معدّة من جانبها بموافقة من مراجع دولية معترف بها أو معدة من جانب هذه المراجع الدولية المعترف بها تحال هذه الدراسات على وزارة البيئة لبيان موقفها وفق المادة العاشرة من هذا المرسوم». وقد أكد بيان البيئة أن «القوانين المرعية الإجراء والتي نصت على ضرورة إجراء دراسة أثر بيئي موجودة وسابقة لمشروع سد جنة بنحو ثلاث سنوات. وكان يجب على وزارة الطاقة إيداع هذه الدراسات وزارة البيئة كما جاء في المرسوم 8633، حتى وإن كان المرسوم قد صدر بعد التلزيم. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن وزارة البيئة كانت قد طلبت من وزارة الطاقة عبر كتابيها بتاريخ 9 آب 2013، وبتاريخ 18 تشرين الأول 2013 تزويد هذه الوزارة بدراسة الأثر البيئي، إلا ان وزارة الطاقة لتاريخه لم تتجاوب».
وطلبت وزارة البيئة من وزارة الطاقة تزويدها بنسخة عن دراسة الأثر البيئي لتتولى الجهات المختصة دراستها وتقييمها واتخاذ القرار المناسب في شأنها، وحتى ذلك الحين طلبت البيئة ممن يتولى تنفيذ الأشغال في منطقة نهر ابراهيم التوقف عن العمل لحين البت بهذا الموضوع. ووعدت بإجراء تقييم دراسة الأثر البيئي في مهلة أسبوعين منذ استلامنا له».

السابق
الحياة : تطيير النصاب قد يتكرر..
التالي
عكاظ: أي رئيس للبنان سيواجه مصاعب جمة