مطار القليعات جاهز لاستقبال الطائرات ولكن..

 يبدو ان الخطط الامنية التي أقرتها الحكومة في الأسابيع الماضية بدأت تعطي ثمارها في عاصمة الشمال طرابلس التي عادت اليها الحركة التجارية والاقتصادية. ولكن الخطة الامنية وحدها ليست الحل الوحيد لإعادة إحياء إقتصاد هذه المنطقة خصوصاً ومحافظة الشمال عموماً.

فمن المطالب المزمنة التي يرفعها اهل الشمال لتدعيم القطاعات الانتاجية والاقتصادية في المنطقة ، استثمار مطار القليعات وإعادة فتح مدارجه أمام الطائرات التجارية ولما له من فوائد جمة على صعيد إنعاش المنطقة وفتح فرص عمل لمختلف أنواع الطاقات والكفايات.

مطار القليعات

يقع مطار القليعات وسط سهل عكار على بعد 105 كلم من بيروت، و25 كلم شمال مدينة طرابلس. تعود ملكيته إلى شركة نفط العراق، لكن الدولة اللبنانية تسلمته من الشركة وبدأت تأهيله ثم حولته مطاراً عسكرياً بموجب معاهدة الدفاع العربي المشترك التي وقعت عام 1967، بعيد حرب حزيران.
كما استعمل المطار أواخر الثمانينات كمطار مدني بعد أن تعذر التواصل بين بيروت وطرابلس، فتم تجهيزه بما يؤهله لاستقبال المسافرين وبدأ يشهد حركة هبوط وإقلاع ناشطة حيث افتتح أول خط جوي داخل الأراضي اللبنانية، وكانت الطائرة الأولى التي استخدمت في المرحلة الأولى من نوع بوينغ 720 تابعة لطيران الشرق الأوسط نقلت 16 راكباً من الشمال إلى بيروت، ثم سيرت الشركة 3 رحلات أسبوعياً، وزادتها فيما بعد إلى رحلتين يومياً وحددت سعر التذكرة آنذاك ذهاباً وإياباً بـ 28 ألف ليرة للدرجة الأولى، و 20 ألف ليرة للدرجة السياحية، وقدر حينها أعداد المسافرين الذين استخدموا مطار القليعات بـ 300 راكب يومياً.

أهمية المطار
تبلغ مساحة مطار القليعات الذي يبعد 7 كلم عن الحدود السورية اللبنانية شمالاً، حوالى 5٫5 ملايين متر مربع منها 3٫25 ملايين متر مربع للجزء الجنوبي، و2٫25 للجزء الشمالي (المنطقة الاستثمارية) ويرتبط بشبكة طرق دولية ساحلية وداخلية. ويعتبر متخصصون أن موقعه أهم من موقع “مطار رفيق الحريري الدولي” لعدم تعرضه للعواصف والتقلبات المناخية وكذلك لم تنشأ في محيطه الأبنية التي تعوّق حركة الطيران، كما أن الطائرات تستطيع الهبوط والإقلاع من دون الحاجة إلى موجّه، علماً بأنه مجهّز برادار G.G.A يتيح للطائرات الهبوط حتى في أسوأ الأحوال الجوية. كما وان المطار مجهّز بمدرج طوله 320 متر قابل لتطويره إلى 400 متر وعرضه 60 متراً، وتتوافر فيه تجهيزات بنائية ومستودعات للوقود وهنغارات للصيانة، وقطع غيار وأجهزة اتصال ورادار.
وبحسب المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان” (إيدال)، يساهم مشروع تطوير مطار القليعات في تحقيق الإنماء المتوازن في المناطق، إذ يشمل المشروع منطقة حرة مساحتها 500 ألف متر مربع ويوفر نمواً في مجالات التجارة والزراعة والصناعة والسياحة في الشمال عموما وعكار خصوصاً. كما أن قربه من أماكن سياحية وطبيعية يحقق فرصة كبرى لإنعاش المنطقة على كل الصعد، ولا سيما أنه يمكن أن يخلق 6 آلاف فرصة عمل في السنة الأولى لانطلاقته لترتفع هذه الطاقة الى 21 ألف فرصة عمل نهاية 2018.
وبحسب “إيدال”، تبدي الدولة اللبنانية اهتماماً بتنفيذ مشروع تطويره وتوسيعه لمنح المزيد من فرص العمل والوظائف ولتوسيع قاعدة التنمية الاقتصادية. وكانت طُرحت فكرة منح المستثمر، الذي سيقوم بتنفيذ المشروع على طريقة (BOT) أي بتصميم وبناء وتشغيل المطار ثم إعادته إلى الدولة ، كل الحرية والمرونة ما دام يضمن تحقيق الأهداف الأساسية المشار إليها .
وبحسب الدراسة تبلغ كلفة المشروع حوالى 90 مليون دولار، وقدّرت كلفة المرحلة الأولى المتضمنة تأهيل المدارج والمنشآت والتجهيز بـ45 مليون دولار، أما المردود المالي المتوقع للمستثمر فهو 25% لفترة استثمار 30 سنة.
من هنا ، وبحسب المطلعين على هذا الملف ، عملية إعادة إحياء مطار القليعات وتحويله مطاراً عسكرياً – تجارياً في آن واحد يجب ان تتم على مرحلتين.
المرحلة الأولى: بدء العمل بالمطار وافتتاحه للنقل الداخلي والتجاري مع الخارج، والعمل على أن ينطلق بالإمكانات البسيطة مع توفير بعض التجهيزات لنعطي صورة مشرقة لمن يريد استثمار هذا المشروع، فلا يبقى المطار معطلاً ومهملاً بانتظار توافد المستثمرين، لكن تشغيله بالحد الأدنى من المواصفات يشجع المستثمرين على الإقدام للاستثمار.
المرحلة الثانية: طرح المشروع للاستثمار لكون دفتر الشروط جاهزاً وهذا ما يمكن أن يسرّع بتنفيذه واستثماره وبالتالي القضية رهن قرار الحكومة. إشارة الى ان الخطوات الروتينية للسير بالمشروع تستلزم عرضه على مجلس الوزراء للموافقة، ثم على مجلس النواب لاستصدار قانون التلزيم، وهذا قد يستغرق سنتين على أقل تقدير، ولكن إذا صدر مرسوم إنشاء الهيئة العامة للطيران المدني فإن هذه الإجراءات تختصر كثيراً على ان تعمد الهيئة وفق صلاحياتها إلى احتضان المشروع وتنفيذ الخطوات اللازمة للسير به، وتوفير الأموال اللازمة لتأهيله مبدئياً، ثم طرحه للاستثمار وفق مبدأ (BOT).
معظم دول العالم لا تعتمد على مطاراتها الرئيسية بل تحرص على إنشاء مطارات عدة في أكثر من منطقة. اما في لبنان فنملك مطاراً شبه جاهز في القليعات يمكن أن يخفف من الضغط على مطار “رفيق الحريري الدولي” وأن يساهم في تحقيق الإنماء المتوازن وإنعاش محافظة الشمال عموما والمناطق المحرومة فيها خصوصا.

السابق
رئيسٌ احتمال… ولا رئيس احتمال موازٍ فأيّ أزمة سيخلقها «فخامة» الفراغ؟
التالي
طيران العدو الاسرائيلي خرق الاجواء