الانتخاب أهم من الرئيس

مجلس النواب
يقتضي عدم فتح الثغرات للمتربصين بالاستحقاق منعاً لجره نحو مجال لا يريده اقطاب الموارنة على الاقل. اي ان تعطيل جلسة الانتخاب بالورقة البيضاء او بالمقاطعة والمراهنة على فوز مضمون وحاسم يسبق العملية الانتخابية هما ما سيفتحان الثغرة وسيزيدان مع الوقت من اتساعها بانتظار دخول خيارات جديدة وجدّية على سباق الرئاسة.

لا انتخاب لرئيس الجمهورية اليوم. هذا ما تقوله قوى 8 آذار وتحديدا التيار الوطني الحر، من خلال إعلانه اعتماد الورقة البيض في عملية الاقتراع بالجلسة الاولى اليوم.

قوى 14 آذار اعلنت بوضوح تأييدها المرشح سمير جعجع، وتتجه اليوم نحو التصويت له رئيساً، مع علمها ان فرص تحقيق الفوز له غير واردة في ظل شرط الحصول على ثلثي اصوات اعضاء البرلمان.

ويشكل ترشيح النائب وليد جنبلاط النائب هنري حلو، باسم كتلة جبهة النضال الوطني، عاملا اضافيا في تحجيم الاصوات التي كان يمكن ان ينالها مرشح 14 آذار. كما سيساهم في حصر عدد الاوراق البيض بنواب التيار الوطني الحر وحزب الله وتيار المردة ونواب في 8 آذار، باستثناء كتلة الرئيس نبيه بري التي يرجح ان توزع اصواتها بين اللون الابيض والنائب حلو. هذا ان لم تجير اصواتها بالكامل لصالح الاخير، في محاولة لاظهار حجم الكتلة الوسطية التي يطمح المنضوون فيها لاثبات دورها المحوري في اختيار الرئيس لاحقا.

نجح الاقطاب الموارنة الاربعة، وبغطاء من بكركي، في التضييق على بقية المرشحين او الطامحين لموقع الرئاسة، من خلال تثبيت مقولة “الرئيس القوي”، وبالتعريف الذي يحصر القوة بالتمثيل النيابي او الشعبي في الشارع المسيحي. وبالتالي نجح هؤلاء حتى جلسة اليوم بالمحافظة على هذا التعريف والزام اكثرية المجلس على تبني هذا المفهوم… لكن إلى حين كما تشير الوقائع والتوقعات.

ذلك ان قوة ما طرحه الاقطاب الاربعة وتبنته بكركي عمليا، من مفهوم القوة ولببننة الاستحقاق، تتطلب الذهاب في العملية الانتخابية الى نهاياتها. اي الاخلاص لهذه المعادلة التي تفترض، وبناء على القواعد التي رسمت في بكركي، ان يفرض كل طرف على حليفه، سواء كان حزب الله ومعظم قوى 8 آذار من المسلمين وتيار المستقبل، بالسير على هدي هذه المعادلة، لا سيما ان حزب الله لطالما اظهر انه يريد رئيسا مسيحيا قوياً، كما ان تيار المستقبل وزعيمه اعلنا مرارا اصرارهما على انتخاب رئيس يحظى بقوة في الشارع المسيحي.

وقد نجح الاقطاب الاربعة حتى الآن في منع حلفائهما المسلمين من مصادرة هذا الاستحقاق، وتهشيم الموقع بمرشحين لا يتمتعون بمواصفات التمثيل الفاعل. ولعل استياء كل من الجنرال ميشال عون والنائب سليمان فرنجية من رمي اسم النائب اميل رحمة في التداول كمرشح للرئاسة من قبل حلفائهم في 8 آذار، مؤشر على رفض هؤلاء الاقطاب اي محاولة للنفاذ نحو قلب معادلة الاستحقاق باتجاه لا يريده هؤلاء ومن خلفهم بكركي. لذلك تمّ اغلاق هذه الثغرة مرفقاً باستياء وغضب من قبل عون وفرنجية، وتبرؤ من قبل النائب رحمة من تهمة الترشح.

لا شك ان كلاًّ من هؤلاء الاقطاب يطمح لان يكون رئيسا، وكل واحد يحاول منع الخصم وحتى الحليف من الوصول الى موقع الرئاسة الاولى اذا ما استطاع الى ذلك سبيلاً، لكن خطورة هذا الصراع والتنافس انه مرشح لتقويض المعادلة التي اظهرت قدرة على الصمود حتى الآن. فمقتضى التنافس المشروع ضمن اﻵلية الديمقراطية، هو الاعتراف بنتائجها ايّا كانت النتيجة. وربما من حسن حظ هؤلاء كمجموعة ان احداً لا يستطيع الجزم بفوزه. لكنها مجموعة قادرة، على قاعدة الديمقراطية وقوة تحالفات اقطابها، ان تعيد للاستحقاق الرئاسي رونق المنافسة.

وهذا يقتضي عدم فتح الثغرات للمتربصين بالاستحقاق منعاً لجره نحو مجال لا يريده اقطاب الموارنة على الاقل. اي ان تعطيل جلسة الانتخاب بالورقة البيضاء او بالمقاطعة والمراهنة على فوز مضمون وحاسم يسبق العملية الانتخابية هما ما سيفتحان الثغرة وسيزيدان مع الوقت من اتساعها بانتظار دخول خيارات جديدة وجدّية على سباق الرئاسة. وبالتالي يعلم هؤلاء الاقطاب، كما المزاج المسيحي الطاغي اليوم، ان عملية اختيار الرئيس ستتحكم بها عوامل خارج المسيحيين وخارج لبنان، كلما كان اقطاب الموارنة عاجزين عن المغامرة في الدخول في آلية الانتخاب حتى النهاية.

جلسة اليوم هي فرصة لانتخاب الرئيس، وعدم الانتخاب بسبب فقدان النصاب في الجلسة الثانية هو مؤشر الى بدء عملية سحب البساط من تحت اقدام الاقطاب المسيحيين. وكلما تعددت الجلسات التالية للانتخاب، من دون ان تنتج رئيسا، سيتراجع تأثير الاقطاب الاربعة.
الاستحقاق الرئاسي بدءاً من اليوم سيشكل بمساراته مؤشرا الى ما سيؤول اليه لبنان، والمسيحيون اولاً.

السابق
ميقاتي وأحمد كرامي سيدعمان ترشيح حلو للانتخابات الرئاسية
التالي
الاتحاد الاوروبي يأسف للدعوة لاجراء انتخابات رئاسية في سوريا