هل يتحمل العرب مسؤولية صعود اليمين في اوروبا؟

في وقت تتوجه الشعوب في العديد من بلدان العالم الى انتخابات إما محلية أو رئاسية، تتوجه أنظار الاوروبيين أيضًا الى انتخابات  البرلمان الاوروبي بين 22- و25 أيار المقبل، في ظل قلق من صعود اليمين المتطرف بسرعة كبيرة واحرازه تقدمًا في العديد من البلدان وأهمها نجاحه في فرنسا التي صوتت لليمين الوسط وأعطت اليمين المتطرف بقيادة ماري لوبن نسبة من الأصوات لم يسبق أن حصل عليها حزبها في العقود الماضية (أحزاب يمين الوسط 45,91 في المئة، واليمين المتطرف 6,84 في المئة).

منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبعد المآسي التي تسببت بها كل من الفاشية والنازية في تلك الحرب وغرق الاتحاد الاوروبي في أزماته الاقتصادية والاجتماعية، تشتت أحزاب اليمين المتطرف، ولم يعد لها موقع هام في السياسة الاوروبية بشكل عام. ولكن، ولأول مرة منذ ذلك التاريخ، يشهد العقدين الأول والثاني من القرن الحادي والعشرين، عودة لابأس بها لليمين، ووصوله الى البرلمانات المحلية الاوروبية مكتسبًا أصواتًا إضافية من خلال تركيزه على فشل السياسات الاشتراكية والليبرالية، ومستغلاً الأزمة الاقتصادية التي تضرب اوروبا، وتفشي البطالة، والتخويف من المهاجرين، والأهم اعتماد ما هو معروف بسياسة التشاؤم من فكرة الاتحاد الاوروبي.
وعليه، يعيش المهاجرون في اوروبا – ومنهم العرب والمسلمون- قلقًا من صعود اليمين المتطرف في البرلمانات المحلية والبرلمان الاوروبي، وهو قلق مشروع جرّاء العنصرية التي يجاهر بها هؤلاء تجاههم، وخاصة بعد الأحداث التي حصلت في العالم العربي خلال السنوات الثلاث المنصرمة وانتشار الارهاب، واعلان العديد من الدول الاوروبية خشيتها من إعادة تصدير الارهاب الى دولها، في ظل الأزمة التي يعيشها التكفيريون في الميدان السوري. ولكن، وبالرغم من أحقية هذا القلق بالنسبة للمواطنين الاوروبيين من أصول عربية ومسلمة ، ولكن تضخيمه اعلاميًا يبدو بحاجة الى إعادة نظر جدية، من خلال الإجابة على التساؤلات التالية، والتي قد تشير الى مسؤولية ما للدول العربية فيها:
– بماذا تختلف سياسات اليسار الاوروبي عن التصور المفترض لليمين، حين سار الأول في مشروع الشرق الأوسط الكبير، ثم مشروع إحياء الامبراطورية العثمانية، متغاضيًا عما يترتب عنه من نتائج تهجير المسيحيين من الشرق، والضغط على المسلمين الاوروبيين للعودة الى الشرق؟
– بماذا نفع اليسار الاوروبي القضية الفلسطينية، والى أي مدى يتحمل الاوروبيون مسؤولية تاريخية في تأسيس اسرائيل على أراضي فلسطين؟
– ما هي الفائدة التي جناها أو سيجنيها العرب من سياسات الرئيس “الاشتراكي” فرنسوا هولاند؟
– من خلال ما حصل في اوكرانيا، وقيام النازيين الجدد بالسيطرة على الميدان في كييف بدعم مباشر من الاوروبيين، هل صحيح أن الليبراليين أو اليسار الاوروبي بشكل عام، يرفض بالمطلق ايديولوجية اليمين القومي المتطرف؟.
والسؤال الأهم: إذا كانت الدول العربية قد أدرجت معظم حركات الاسلام السياسي على لوائح الإرهاب لديها، وتضغط على الحكومات الاوروبية لتبنيها، كيف يمكن أن نلوم المواطن الاوروبي الذي سيصوّت لليمين خوفًا على أمنه أو تصويتًا ضد سياسة بلاده التي دعمت بعض حركات الاسلام السياسي المتهم بالارهاب وتحالفت معه للقضاء على الرئيس بشار الأسد، ففتحت أمامه الاعلام والسفارات ووزارات الخارجية، فبات يتمشى مزهوًا مختالاً في ساحات بروكسل وباريس ولندن وغيرها، ويمطر الاوروبيين بوابل من التهديدات عبر الانترنت؟.
الإجابة على هذه الاسئلة قد لا تبدد القلق المشروع للمهاجرين العرب والمسلمين في اوروبا، ولكن ظروف صعود اليمين المتطرف وحصوله على أصوات لا بأس في الانتخابات، باتت تفرض على هؤلاء إعادة النظر في خطاب بعضهم المعادي لمن استضافهم، والتوجه للانخراط أكبر في المجتمعات الاوروبية، والأهم، نبذ الإرهاب والتكفير وعدم السماح بتعششه في بيئاتهم الاوروبية.

السابق
جعجع بعد لقائها الجميّل: 14 آذار ستذهب إلى الجلسة بمرشح واحد
التالي
ان الرجل اجمل من المرأة؟