الشباب المصري قاد الثورة.. وكبار السن مازالوا يحكمون

“نحن نريد السيسي رئيسا للبلاد.. وأنتم تعرضون الاقتصاد.. وان لم تصمتوا فسنستدعي لكم الشرطة”، هكذا نقلت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية الحوار الدائر عن الانتخابات المقبلة بين كبار السن وبعض الشباب على أحد مقاهي القاهرة.

“مصطفي” البالغ من العمر 29 عاما وأصدقائه ممن يمثلون جيل الشباب يتلفظون ببضع جمل حول الوضع البائس الذي يشعرون به تحت النظام السياسي الجديد في مصر، وفي المقابل مجموعة من الرجال كبار السن كانوا يجلسون في مكان قريب منهم, يوبخونهم ويهددونهم بالشرطة.

المواجهة بين جيل الكبار وجيل الشباب تمثل انعكاسا صغيرا لانقسام الأجيال المتسع نحو مسار “الاستبدادية” المتزايد في مصر.

”السيسي” يمثل استمرارا لسياسات الأمن منذ 1952
“السيسي”, القائد العسكري السابق يتمتع بدعم قوي من عدد كبير من الجيل الأكبر سنا، فهم يرونه مستعدا لمواجهة المعارضة الإسلامية عن طريق العنف, وهو ما يمثل استمرارا للسياسات التي يقودها الأمن ويفضلها قادة مصر منذ أن “استولى” ضباط الجيش على السلطة في عام 1952.

وبالرغم من تمتع “السيسي” بالشعبية، إلا انه يواجه كتلة متنامية من الشباب الذين يشعرون بمرارة من المناخ السياسي القمعي من سجن الطلاب، والناشطين، وتصدع الاقتصاد.

أكثر من نصف المصريين تقل أعمارهم عن 25 عاما، وفي الوقت نفسه يهيمن على الحكومة قدامى المحاربين السياسيين كبار السن، فأصغر عضو في مجلس الوزراء هو خالد عبد العزيز وزير الشباب البالغ من العمر 55 عاما، وإبراهيم محلب رئيس الوزراء نفسه، يبلغ من العمر 65عاما, محتفظا بمكانته منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك.

النمو السريع في عدد الشباب هو الشائع في البلدان النامية، حيث كثيرا ما يتخذ كبار السن، والساسة المخضرمين مبادرة صنع القرار، ولكن يرى محللون أن هذه التركيبة تخلق مخاطر عالية، خاصة بالنسبة لعدم الاستقرار السياسي في مصر، حيث تقمع قوات الأمن بعنف الاحتجاجات الطلابية والمظاهرات التي يقودها الشباب في الشوارع.

كبار السن يريدون الجيش
يقول “مصطفى”، هناك بالتأكيد فرقا كبيرا في تفكير الأجيال الشابة وكبار السن فهم يريدون الجيش، ونحن لا نريد أن يحكمنا الجيش مرة أخرى ولكن لا شيء نستطيع أن نفعله وان كان فمصيرنا السجن.

وعلى النقيض, الصراع بين الأجيال ليس مطلقا، فعدد كبير من الشباب يؤيدون “السيسي” والنظام الحالي المدعوم من الجيش، فيما يعارض بعضهم الحكومة و الحملات الأمنية التي تشنها.

وعندما صوت المصريون في الاستفتاء على الدستور المدعوم من الجيش في يناير الماضي, أظهرت نتائج غير رسمية من مراقبي الانتخابات أن أقل من ربع الناخبين الذين تقل أعمارهم عن 30 أدلوا بأصواتهم.

نسبة المشاركة المنخفضة في يناير تشير إلى تعميق اللامبالاة بين الشباب في مصر، بعد ثلاث سنوات فقط من الثورة المطالبة بالديمقراطية التي قادها الشباب.

الاستقرار المزعوم يذكر بسنوات مبارك
وبالنسبة للكثيرين من الشباب، فالاستقرار الذي وعدت به الحكومة مع الدستور الجديد يذكر بسنوات مبارك، عندما ضعفوا تحت دولة بوليسية فاسدة، وسعى الكثيرين منهم للهجرة إلى أوروبا والخليج.

يقول “أيمن زهري”، وهو ديموغرافي يتخذ من القاهرة مقرا له, إن ثورة 2011 لم تغير شئ والشباب فقدوا الأمل، وكانوا ساذجين حينما ظنوا أن الثورة ستخفي الفساد بين عشية وضحاها، إلا أن نفس القوى تولت الحكم.

يضيف أن الجيل الأكبر سنا يعتقد أنهم ضد الاستقرار، والأمن، وأنهم يريدون فقط الاحتجاج والكتابة على الجدران.

وسائل الإعلام شوهت شباب الثورة
بمساعدة وسائل الإعلام المصرية، صورت الحكومة النشطاء الشباب مثل أحمد ماهر, القيادي في حركة 6 أبريل، التي لعبت دورا رئيسيا في ثورة 2011, على أنهم مخربين مدفوعين من الخارج لقيادة مصر في حالة من الفوضى, بالإضافة إلى سجن العديد من شباب الإخوان الذين نظموا تظاهرات.
وعن ذلك يقول “عبد النبي عبد الستار” المتحدث باسم حملة مؤيدة “للسيسي”، ان الشباب سيعارض أي شخص يأتي للحكم، وهدفهم في ذلك الفوضى.

وعند سؤاله عن عمره ضحك، وقال انه في الخمسينات من عمره، ولكنه أصر على أن معظم من في حملته شباب.

مقعد على «الطاولة» سبب الإطاحة بـ «مرسي»
العديد من القادة الشباب الذين يعارضون النظام، وممن تحالفوا مع الجيش للإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، يقولون ببساطة انهم كانوا يريدون مقعد على “طاولة” بعد الإطاحة بـ “الزعيم” الإسلامي، ولكن تم رفض طلبهم.

يوضح محمود عمر، الأمين العام لجناح الشباب في حزب مصر القوية ذات الميول الاسلامية, أن الجيل الأكبر سنا خنق البلد لمدة 30 عاما أو أكثر, وان الشباب دفعوا أعلى سعر للثورة، من الدم والاعتقالات التعسفية.

لن نحصل على العدالة في ظل الحكومة الحالية
يقول “محمد فريد” احد سكان القاهرة والبالغ من العمر 28، انه يشعر باليأس بسبب قتل الأصدقاء والأقارب على يد شرطي في الشارع، مؤكدا “لن نحصل على العدالة في ظل هذه الحكومة”، وربما يقرر البعض الحصول على العدالة بطريقته الخاصة، عن طريق قتل شرطي أو شخص أخر، أو وربما في المستقبل”.

المشكلة كما يراها “فريد” هي أن الجيل الأكبر يريد منا الصمت، وقبول الواقع، لأنهم يعتقدون أن هذا هو الأفضل، لكن علينا أن نأمل.

السابق
’أميال’ تسير قافلة إغاثية إلى غزة
التالي
الحريري عرضت اوضاع المخيمات مع وفد انصار الله