عدنان السيد حسين: السلطة السياسية تتجاهل الجامعة اللبنانية

 شدّد رئيس الجامعة اللبنانية الوزير السابق الدكتور عدنان السيد حسين على أن مشكلة الجامعة كانت ولا تزال مع السلطة التي تتجاهلها ولا تعرف دورها، داعياً المجتمع المدني إلى الوقوف إلى جانب الجامعة في مطالبها، ومؤكداً أن الجامعة كانت ولا تزال تناضل باللحم الحيّ.

وفي حديث لـ”النشرة” لمناسبة يوم الجامعة اللبنانية الذي يصادف غداً، أوضح السيد حسين أنه يتزامن مع مضي عامين ونصف على تسلمه رئاسة الجامعة، أي نصف مدّة الولاية، كاشفاً أنه سيقدم في الإحتفال الذي يقام في المجمع الجامعي في الحدث عرضاً شاملاً عن كل ما حققته الجامعة بفضل جهود رئيسها وعمدائها ومديريها وأساتذتها وموظفيها.
ولفت السيد حسين إلى أنه خلال هذه الفترة تأكدت له عظمة الجامعة في الشهادة والخريجين وفي صبر الطالب ومعاناته الطويلة إجتماعياً وتغلبه عليها، مشدداً على أن الذين سافروا إلى الخارج لمتابعة دراستهم أو العمل كانوا متفوقين ونشطين ورفعوا اسم الجامعة عالياً.
وأكد السيد حسين إفتخاره بالجامعة اللبنانية، ليس لأنه تتلمذ بهاً طالباً ثم أستاذاً فرئيساً فحسب، بل لأنها صورة عن كل لبنان، قائلاً: “صحيح أن نسبة الفقراء وأبناء الفئات الوسطى هي الأعلى لكن هناك بعض الميسورين أيضاً، هناك أبناء الريف والمدن”.

السلطة تتجاهل الجامعة

وشدد السيد حسين على أنّ مشكلة الجامعة كانت ولا تزال مع السلطة التي تتجاهلها ولا تعرف دورها، في حين أن الجامعة تناضل باللحم الحي منذ أن وُجدت قبل 63 عاماً، وكل مطلب يحتاج إلى تظاهرات واعتصامات واضرابات.
وأضاف السيد حسين: “على سبيل المثال اليوم لا عمداء معينين بمرسوم منذ العام 2004، ولا تفرغ لأساتذة بعد العام 2008، علماً أن عدد المتقاعدين زاد عن 800 منذ العام نفسه”، وسأل: “أين الأبنية الجامعية المخطط لها منذ العام 1996 في البقاع ومنذ العام 2002 في الشمال؟ ولماذا لا يستكمل مجمع الفنار؟ وما هو مصير الأبنية الجامعية في الجنوب؟”، واعتبر أنه “لو كانت الحكومات المتعاقبة نفذت استكمال المجمعات الجامعية في المناطق كما حصل في الحدث، لكنا وفرنا سنوياً أكثر من 20 مليار ليرة لبنانية، ولكنا أمّنا للدولة أبنية عامة تستفيد منها المؤسسات الأخرى مثل الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والأمن العام ووزارة العدل وغيرها”.
وأعرب رئيس الجامعة اللبنانية عن أسفه لأن الجامعة تحاصر في استقلاليتها، سائلاً: “لماذا تقحم كل مشاكل الشارع في الجامعة، مع العلم أنها لبنانية، وهي على الرغم من انتشارها في 49 فرعاً، من الشمال الى الجنوب، حافظت على أمنها واستقرارها، ونشكر الجيش الذي تعاون معنا في مهمة حفظ الأمن؟”

إنجازات للجامعة وإخفاقات للسلطة

وأشار السيد حسين إلى أن تجربته تؤكد، كما كل الذين سبقوه في المنصب عينه، أن هناك انجازات كبرى لهذه الجامعة في مقابل اخفاقات للسلطة في تعزيزها وحمايتها، لأن قوة الجامعة هي قوة لبنان، فكيف هو الحال اذا كانت الجامعة الوطنية التي تخدم كل اللبنانيين.
ورداً على سؤال، رفض السيد حسين الحديث عن مؤامرة، مشدداً على أنه لا يتحدث بهذه اللغة، لكنه أكد أن هناك عدم معرفة كافية بأهمية الجامعة، لافتاً إلى أنه لم يكن هناك من دعم لمؤسسات الدولة عامة بعد اتفاق الطائف، بالرغم من أن هذا الإتفاق دعا الى تعزيز التعليم الرسمي والجامعة اللبنانية، موضحاً: “كان التعليم الرسمي 70% ومن ثم هبطت هذه النسبة إلى أقل من 40%، مع العلم أن التعليم الرسمي قبل الحرب كان مجلياً ومحلقاً خصوصاً التعليم الثانوي، أما الجامعة اللبنانية فهي لم تتراجع أكاديمياً لكنها تفرعت وضعفت في موازنتها ولم تُلبَ مطالبها في الاستقلالية والتفرغ”.

الجامعة ليست في خطر

وعلى الرغم من ذلك، أكد السيد حسين أن الجامعة اللبنانية ليست في خطر، مشيراً إلى “أنها حتى الآن هي الأعرق والأكثر كفاية في شهادتها، ويكفي أن نعرف أهمية الخريجين في كليات الهندسة والعلوم الطبية وطب الأسنان والصيدلة والصحة العامة والحقوق والإعلام والأداب والسياحة والفنون الجميلة”.

وإذ لفت السيد حسين إلى أن هناك تخبطاً في السلطة على مختلف المستويات الإقتصادية والإجتماعية والقانونية، ناشد المجتمع المدني الوقوف إلى جانب الجامعة في مطالبها، ولخص الأولويات في “تكوين مجلس الجامعة حسب الأصول واستعادة استقلاليتها حسب القانون، ادخال الأساتذة المتعاقدين بالساعة الى التفرغ وادخال الأستاذة المتفرغين حالياً إلى الملاك، إستكمال الأبنية الجماعية في الفنار وطرابلس، والبدء بانشاء المجمعين الجامعيين في البقاع والجنوب، السماح للجامعة باجراء مباراة لتأخذ حاجتها من الموظفين في المعلوماتية وادارة المكتبات والادارة العامة”.

الجامعة تعبت ويحاولون إتعابها أكثر

وعلى صعيد متصل، سأل السيد حسين: “هل الضغط على الجامعة من أجل تقوية الجامعات الخاصة؟”، مؤكداً أن “الضغط على الجامعة اللبنانية يضعف الجامعات الخاصة والمجتمع اللبناني والطالب”، لافتاً إلى أن “الجامعات الخاصة لها مكانتها وحصتها في التعليم العالي، وعلى المسؤولين أن يدركوا أن الجامعة اللبنانية متعاونة مع الجامعات الخاصة”، مشيراً إلى “أننا نتكامل مع بعضنا، ونحن نمثل 40% من طلاب التعليم العالي، ونريد بالتالي 40% من الاهتمام وليس صفراً في المئة”.
وأشار إلى أن “الجامعة تعبت ويحاولون اتعابها ولكنها ليست في خطر وهي استمرت طوال السنوات الماضية، وخلال فترة الحرب اللبنانية بكل فرع وفي كل كلية كان هناك مناضلون يتابعون رغم القصف والقتل، وهذه هي سُنّة الجامعة اللبنانية، فهي بدأت في النضال وعاشت في النضال”، لكنه شدد على أن “الجامعة بحاجة إلى دعم المجتمع المدني”، مضيفاً: “نحن كل ندعم هيئة التنسيق النقابية والاتحاد العمالي العام في كل المحطات، واليوم نطالبهما بدعمنا في مطالبنا، ونطالب الجامعات الخاصة أن تقف معنا لأنها على أكتافنا صعدت، وأهم الأساتذة فيها كانوا من الجامعة اللبنانية”، سائلاً: “كيف يمكن الحديث عن الجامعة بكلام لا قيمة له في مقابل عظمتها، نحن ننافس بشرف وسنبقى ننافس أكاديمياً وفي سوق العمل، ونحن نمثل كل لبنان”.

لسنا ضد السلطة السياسية

ورداً على سؤال، أكد رئيس الجامعة أننا “لسنا ضد السلطة السياسية لكن نطالبها بأن تلتفت الينا، نحن مؤسسة عامة تابعة للدولة لا يمكن أن نكون ضد السلطة، لكن نقول لها انتبهي لنا ولهذه الموسسة”.
وأشار إلى أن “تحركات الجامعة اللبنانية تختلف عن باقي القطاعات، فمن الممكن أن تلجأ الى اعتصام محدود أو إلى عقد مؤتمرات وندوات أو ترسل مذكرات الى المسؤولين”، لافتاً إلى أنه “في العام الماضي اثبتنا، للمرة الأولى منذ نشأت الجامعة، مبدأ التقرير السنوي لأعمال الجامعة، الذي رفع الى المسؤولين، فنحن ليس لدينا ما نخفيه وكل شي مكشوف، وميزانيتنا تحت رقابة ديوان المحاسبة ووزارة المالية والتفتيش المالي”، موضحاً “أننا انخرطنا في التقييم الذاتي والتقييم الخارجي من خلال نظام الجودة العالمي، ونحن أصبحنا مع الشفافية في الكامل، وأدخلنا نظام التقييم من قبل الطالب  لكي يقول كلمته في الأستاذ”.

العمل السياسي في الجامعة

ورداً على سؤال حول العمل السياسي في الجامعة، شدد على أن العمل السياسي التحريضي غير مسموح به، مشيراً إلى أنه يدعم الأنشطة التي تتناول الفكر السياسي والإجتماعي والإقتصادي، قائلاً: “أنا حاورت الطلاب في أكثر من كلية وأي سؤال أجيب عليه، لكن الأعلام والشعارات والمشاكل لا أقبل بذلك”.
وأضاف: “نحن مع الفكر السياسي والقانوني والاقتصادي والاجتماعي، ونحن ندرس العلوم السياسية والحقوق والاجتماع والفلسفة والاقتصاد والآداب في الجامعة، ونهتم بجميع الأفكار ونطلقها، وسنكشف عن عدد الندوات والمؤتمرات الثقافية والعلمية التي حصلت”.

الإنتخابات الطالبية

ورداً على سؤال آخر حول الإنتخابات الطالبية، أوضح السيد حسين أنه كان من المفترض أن تحصل هذا العام إلا أن الأحداث في الشمال لم تسمح بذلك، لافتاً إلى أنه “من الممكن أن تحصل في الفترة المتبقية، وفي حال لم تسمح الظروف سنقوم بذلك في بداية العام المقبل”، لكنه أشار إلى أن “إجراء إنتخابات تقتصر على مجالس الطلاب في كل كلية أو في كل فرع دون أن نوجد اتحاداً لكل طلاب الجامعة هو عمل ضعيف”، معرباً عن أمله في “عودة إتحاد طلاب الجامعة اللبنانية كغيرها من الجامعات الكبرى، وعندها تعود الحركة الطالبية الى سابق عهدها وتوحد الطلاب ولبنان، وتساعد الجامعة”.

الخريجون والمتقاعدون

من جهة ثانية، أوضح السيد حسين أن من إنجازات الجامعة التي من الممكن الحديث عنها خلال فترة توليه رئاستها، رابطة قدامى الأساتذة المتقاعدين الذين أصبح لديهم مقر في منطقة الطيونة، وبات مسموحاً لهم بعد بلوغهم 64 عاماً المشاركة في البحث العلمي، وأضاف: “كيف من الممكن أن نقصيهم عن البحث العلمي بعد كل هذه الخبرة التي أصبحت لديهم؟”.
وشدد على أن “رابطة الخريجين لكل الطلاب يجب أن نعمل عليها، ولدينا فكرة أخذ علم وخبر من وزارة الداخلية والبلديات لانشاء هذه الرابطة”، لافتاً إلى أن “الفكرة قديمة من أيام الرئيس أسعد دياب وسنعمل على إحيائها”، قائلاً: “حتى الآن لدينا جمعية خريجي كلية العلوم الاقتصادية وادارة الأعمال بكل فروعها، جمعية خريجي معهد العلوم الاجتماعية، جمعية خريجي معهد الفنون، جمعية خريجي كلية الاعلام، والمطلوب إنشاء اتحاد رابطة خريجي الجامعة اللبنانية، وهؤلاء من الممكن أن يشكلوا أكبر تجمع ثقافي أكاديمي وطني في لبنان ويكونوا من المدافعين عن الجامعة اللبنانية”.

أطمح إلى المزيد من الإنجازات

عن فترة ولايته، شدد السيد حسين على أنه “يريد المزيد من الانجازات، فهناك انجازات تحققت سيتم توزيعها ضمن كُتيب في يوم الجامعة اللبنانية، على المواطنين تقييمها لكن أنا أريد أكثر”، لافتاً إلى أنه “في النصف الآخر من فترة رئاسة الجامعة لن نحتكم إلا إلى القانون في علاقتنا داخل الجامعة وفي علاقتنا مع الخارج، ويجب أن نحضّر لحملة توعية في المجتمع المدني حول أهمية الجامعة اللبنانية ودورها، وتشكيل لوبي ضاغط يدافع عن الجامعة، بالإضافة إلى استكمال أنظمة الكليات المتبقية أكاديمياً وإدارياً، ومتابعة ما بدأنا به من انفتاح على الخارج وعلى المؤسسات العامة والخاصة في لبنان أكثر، وربط الفروع والكليات ببعضها”.

الشرق الأوسط يمر في مرحلة إنعطاف خطيرة

ورداً على سؤال حول الأوضاع في لبنان والمنطقة، أشار رئيس الجامعة إلى أنه على الصعيد اللبناني تراجعت المخاوف الأمنية، لكنه لفت إلى أن “الشرق الأوسط يمر في مرحلة إنعطاف خطيرة، حيث هيكيلة الدولة الوطنية تهتز في أكثر من بلد عربي، وهناك بلدان تعرضت للتفتيت، ونخشى من الصوملة في غير مكان من عالمنا العربي”، وشدد على أن “لبنان الرسالة كما أراده قداسة البابا يوحنا بولس الثاني لن يكون مع القتل والانقسامات والعصابيات والتخلف في الطرح الديني أو السياسي أو الاجتماعي”، قائلاً: “علينا أن نعرف أن الإنسان مكرم من رب العالمين لا يجب أن يُحتقر لأسباب تتعلق بلونه أو دينه أو عقيدته أو سياسته أو فكره، وهنا دور الجامعات”.

شهداء الصحافة اللبنانية

وفي ختام اللقاء، توجه السيد حسين إلى صحيفة “النشرة” الإلكترونية والقيمين عليها بالشكر لمتابعتها أخبار الجامعة اللبنانية ونشاطاتها.
ولمناسبة إقتراب موعد ذكرى شهداء الصحافة اللبنانية، ترحّم السيد حسين على شهداء الصحافة في لبنان والعالم، واصفاً إياهم بالمدافعين عن الحرية والكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان، متمنياً أن تستعيد بيروت تألقها الذي كانت عليه في السابق، عاصمة للثقافة والصحافة والنشر والتأليف والاعلام العربي.
كما توجه بالتحية إلى شهداء قناة “المنار”، معزياً عوائلهم ومؤكداً الإعتزاز بشهادتهم.

 

 

السابق
حزب الله والمنار شيّعا الحاج حسن ومنتش
التالي
ضابط سوري منشق: حزب الله لا يمكنه ترك مقام السيدة زينب والتوجه للمليحة