«الجماعة» تحاول في الذكرى الخمسين استعادة المبادرة إسلامياً

الأحد الماضي غصّت قاعة المؤتمرات في معرض رشيد كرامي خلال معرض الكتاب “الأربعون” في طرابلس، بـ”الرايات الخضراء”، يحملها المئات من مناصري “الجماعة الاسلامية”، والمناسبة كانت إحياء الذكرى الخمسين لانطلاق عمل “الجماعة” في لبنان. الحضور فاق الخمسة آلاف، مما اضطر المنظمون الى استحداث باحة خارجية لاستيعاب جميع من لبوا “دعوة الجماعة” في الداخل كان اطفال يرفعون مع آبائهم علم الجماعة، ونساء حضرن بقوة لتأكيد دورهن الفاعل في الاطر التنظيمية للتنظيم الاسلامي الأقدم في طرابلس ولبنان.

شبان في مقتبل العمر، جذبهم “الفكر الأخواني” ونظرية سيد قطب الى الحكم بعد تعديلها من القيادة الاخوانية لجعلها اكثر تناغماً مع العصر، وشخصية الإمام المؤسس للأخوان في مصر حسن البنا ورسائله التي ركز فيها على التربية الاسلامية في الأسرة والمجتمع، ولم يغفلوا طبعاً عن “حماس” وقادتها ومقاومتها، فهي التعبير الأوحد لتنظيم “الإخوان المسلمين” في كل العالم عن التزامه مقاومة إسرائيل.

الكل ملتزم أدبيات الأخوان المسلمين شكلاً ومضموناً، ولذلك حضر ملف “الأخوان” في مصر، وترحيل السلطات اللبنانيةة مواطنين مصريين الى بلادهم، في كلمة رئيس المكتب السياسي للجماعة عزام الأيوبي. فالجماعة هي فرع من أصل، “غصن مثمر من شجرة طيبة”، وإن كانت الشجرة أصيبت في مكان ما بتلوث إداري أو فكري، فإن الغصن لا يزال يافعاً، لم يصل اليه “السوس” حتى الآن. المرض لا يزال في الطرف الآخر من الجسم، ولم ينتقل الى “الجماعة في لبنان” التي يسجل لها أنها في أوج الحرب الأهلية اللبنانية كانت داعية للسلم الأهلي وإصلاح المجتمع اللبناني وتوحيد البندقية في وجه إسرائيل، على ما تقول أدبياتها.

“لسنا ضعفاء” لأننا لم نرتهن لأي سلطة داخلية أو خارجية، قال الايوبي في كلمته، دلالة عن “ثقة أخوان لبنان” بأنفسهمم وحضورهم وتاريخهم، “نحن أقوياء وثابتون على منهجنا، خمسون عاما ًولا نزال مستمرين في مسيرتنا”. في رسائل عدة الى الأطراف السياسية والدينية في لبنان. والبعض اعتبر هذا الكلام امتداداً للصورة التي ظهرت فيها الجماعة في تشييع امينها العام السابق القاضي فيصل مولوي، عندما نزل شبابها بلباس عسكري لافت، اعاد احياء صورة “تيار الفجر” الجناح العسكري السابق للجماعة الاسلامية في لبنان.

في الذكرى الخمسين لانطلاقتها حاول انصار الراحلين الشيخ فتحي يكن والدكتور فيصل مولوي تأكيد ان طرابلس “حاضنة”” الجماعة منذ انطلاقها عام 1964 لا تزال تشكل الاولوية في خطاب المكتب السياسي، وما تشديد الايوبي في كلمته على ضرورة البدء بتنفيذ الخطة الانمائية للفيحاء بالتزامن مع الاستقرار الامني الذي تشهده المدينة الا دليلا على ذلك، ولعل لانتقاء طرابلس لاقامة حفل الذكرى الخمسين دلالات عدة ايضا منها:

– رغم كل ما جرى في طرابلس وسيطرة الاسلاميين المتشددين بعض الشيء على المشهد العام للمدينة، تريد الجماعةة اثبات ان حضورها لا يزال قويا، وان جمهورها “المتطرف في مواقفه تجاه سوريا ومصر وحزب الله، ملتزم كل الالتزام اوامر قيادته الدينية والسياسية”. لذا لبى بهذا العدد احتفال طرابلس، وان دورها لا يزال حاضرا وان لم يكن على المستويين الاسلامي والسياسي على قدر حجمها وفاعلية مؤسساتها الاجتماعية والتربوية وحضورها الميداني (اذ انها في الفترات السابقة اكتفت بالدعوة الى اجتماع اسبوعي للاسلاميين في طرابلس لبحث الاوضاع).

– ان صعود التيار السلفي في طرابلس مع الشيخ سالم الرافعي لا يعني انهاء دورها، بل ان الساحة “تتسع للجميع” و”لكلل دور يقوم به”، وان دور الرافعي متكامل مع دور قيادة الجماعة في طرابلس.

– الانتخابات النيابية تقترب والعراضة الشعبية الطرابلسية التي ابرزها الاحتفال ستدفع الفئات السياسية الاخرى فيي المدينة الى ـخذ وجودها بالاعتبار، واجراء مفاضلات سياسية تمهد لتحالفات انتخابية. وموقف الجماعة سيتسم بالـ”العناد” لكسب مزيد من النقاط مع الحليف المفترض، بخاصة اذا بقي التشنج السياسي في طرابلس على اشده بين “تيار المستقبل” والرئيس نجيب ميقاتي وشهدت المدينة معركة انتخابية شرسة.

وطنيا، لم تغب المواقف، فكانت خشية من “اسقاط الاستحقاق الرئاسي بهدف الوصول الى الفراغ”، اما شخصية الرئيسس في مندرجات الجماعة فهو “التوافقي القوي من خلال بيئته اللبنانية الجامعة المؤيدة له”، وليس التوافقي الذي “يؤيد البعض في كل ما يريد، او الضعيف الذي لا يقدم ولا يؤخر في شيء”.

السابق
الرياضة قبل العلاقة الحميمة
التالي
اخلاء مئات الاشخاص في بوسطن بعد الاشتباه بحقيبتي ظهر