«14 آذار» تفتّش عن «طوق نجاتها» الرئاسي

لم يكترث سمير جعجع كثيراً لما سيثيره إعلان ترشحه للموقع الماروني الأول، ليس طبعاً في صفوف خصومه، وإنما في خندق الحلفاء. موقف الفريق الأول معروف سلفاً، ولا داعي لفرز آراء أركانه من جديد. أما موقف الفريق الثاني فهو «بيت الشاعر»، وهنا تكمن أزمة أول مقتحمي معمودية الرئاسة.

غداً الأربعاء، يُقدم الرجل على الخطوة الثانية من بعد الترشح، ليزيد من جديتها، جدية. سيعلن البرنامج الانتخابي لـ«جمهورية سمير جعجع». وسيرميه بوجه كل من شكك بنواياه وبتخطيطه للمستقبل. هو يدرك جيداً أنّ «أبناء جلده» الموارنة لن يهضموا تلك الخطوة الإستباقية ولن يغفروا له «خطيئته»، بالقفز إلى سباق الرئاسة الأولى، وتصوير نفسه على أنّه «الأوْلى» بها.

بالنتيجة حجز «حكيم معراب» له موقعاً على «لائحة الأقوياء»، لكنه لن يتمكن من إقفال الباب أمام بقية الطامحين، سواء كانوا من «زملائه الآذاريين»، أم من الجناح الماروني المقابل.
بطرس حرب تراجع خطوة تكتيكية إلى الوراء، ساحباً معه «طلب ترشحه»، بانتظار أن تستدعي الظروف والحاجة مرشحاً تنطبق عليه مواصفاته، فيما روبير غانم قرر خوض المعركة على المكشوف «غالباً أو مغلوباً»، واضعاً اسمه على طاولة «النافذين» وكبار الناخبين.
أما أمين الجميل فلا يزال يحسبها بهدوء. تدغدغه فكرة «الطحشة» إلى الأضواء، بصفة مرشّح لاستعادة لقب الفخامة، وليس كرئيس سابق. يرفض البقاء في المربع الرمادي ويطمح إلى الانتقال إلى مربّع أكثر وضوحاً. يتردد أنّ رئيس حزب «الكتائب» سيفعلها في القريب، وسيقف على المنبر معلناً ترشحه للرئاسة، بعد مطالبة مكتبه السياسي طبعاً.
عملياً، ستضيق الحلبة بلاعبين «أصدقاء»، من لون واحد، قد يفضي العراك بينهم إلى تمزيق بعضهم البعض، قبل أن ينتقل أحدهم إلى الجولة الثانية، لمواجهة مرشح الخصوم.. أو للتفتيش عن خيار ثالث، نجح في الصمود. وبين الجولتين، وحدها قوى «14 آذار» قد تدفع الثمن الباهظ، قبل أن تُسقط آخر ورقة تين عن عريها.
هذا السيناريو بالذات، كما إحداثياته وتداعياته، كان معرض نقاش مطوّل في «لقاء الرياض» الذي جمع الرئيس سعد الحريري مع بعض أركان «القيادة الزرقاء». من الواضح أنّ ثمة خشية جدية من أن يؤدي التقاتل الماروني ـ الماروني في سبيل الوصول إلى الكرسي الوثير، إلى تفجّر شرايين قوى «14 آذار».. واندثارها.
ولهذا هناك بحث جديّ عن آلية تتيح الحفاظ على وحدة الصف، وتسمح ببلوغ عتبة البرلمان في أول جلسة انتخابية، بمرشح واحد، من دون وقوع ضحايا على الطريق.
تقوم هذه الآلية على أساس التوافق بين مكونات قوى «14 آذار»، على أن تكون الأفضلية للمرشح القادر، أولاً على تأمين كل أصوات قوى «14 آذار»، وثانياً على استحضار أصوات إضافية من خارج الطبق الآذاري.
وعملاً بهذه الآلية، يكون الحريري قد جنّب نفسه حروق النيران الصديقة التي ستوجه له في حال تبنيه منذ اليوم، مرشحاً محدداً، ليحسم التنافس بين «رفاقه الموارنة» بشطبة قلمه. قرر الرجل أن يحيد نفسه عن «صراع الجبابرة». أقله هكذا يعتقد هؤلاء أنفسهم.
ويفترض أن تكون المهلة الفاصلة قبل التئام مجلس النواب، كافية كي يقوم كل طامح بالفروض التي ستساعده على تأمين 65 صوتاً، ليكون الرئيس المقبل للجمهورية اللبنانية، من خلال تقديم «العروض» و«الإستعراضات»، أمام رفاقه أولاً، ومن ثم وليد جنبلاط ثانياً، وبقية النواب غير المتخندقين ثالثاً.. ولا مانع أخيراً من جسّ نبض بعض «أصحاب النفوس الضعيفة».
وقد قام الرئيس فؤاد السنيورة بوضع الرئيس الجميل في أجواء هذه الآلية التي لا تزال فكرة على ورقة، تحتاج إلى توافق القوى الآذارية، قبل السير بها. ويفترض أن تعرض على بقية «الأجنحة» للوقوف عند آرائها، قبل اتخاذ القرار الأخير منها.
وكان الجميل استقبل رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة ومستشار الرئيس سعد الحريري نادر الحريري.
وأفاد بيان للمكتب الاعلامي للجميل، أنه «تخلل اللقاء المطول عرض للوضع السائد في لبنان والمنطقة. وتناول الاجتماع جوانب الاستحقاق الرئاسي، وكان التوافق تاما على وجوب اجراء الانتخابات الرئاسية ضمن المهلة الدستورية. كما ناقش المجتمعون سلسلة الرتب والرواتب في ضوء التقرير الذي وضعته اللجان النيابية».

السابق
وأخيراً قبض على«شبح عرمون»
التالي
شقيقتان توأم تتقاسمان الحبيب ذاته !