قانون العنف ضد المرأة وسائر أفراد الأسرة.. خطوة مهمة

نظراً لتعدد الآراء في شأن «قانون حماية المرأة وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري» الذي أقره مجلس النواب في الأول من الشهر الجاري، وحرصاً على إغناء النقاش القانوني والمدني، بهدف إبقاء ورشة تطوير القوانين مفتوحة، ننشر مقال النائب المحامي غسان مخيبر، وندعو الاختصاصيين والناشطين إلى المشاركة في الحوار.

أكرر ترحيبي بصدور «قانون حماية المرأة وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري»، فالقانون بالصيغة التي صدر فيها يشكل خطوة مهمة في اتجاه حماية المرأة من كل عنف وإلغاء بعض أشكال التمييز ضدها.
هنا، تقرير تقييمي للقانون.
أولاًـ في مطلب العودة إلى مشروع القانون كما ورد من الحكومة:
ينطوي مثل هذا المطلب على محاذير لا تفيد حماية المرأة بفعالية، وقد بات مشروع القانون المعدل افضل في العديد من المجالات من النص المحال من الحكومة، بحيث أبقى على حسنات مشروع القانون وطورها، وأجرى التعديلات الضرورية لإلغاء السلبيات. أما أبرز هذه التحسينات فهي الآتية:
1 ـ تعديل المادة 26 جذريا (المادة 22 جديدة) لإلغاء التداخل والخلط بين مشروع القانون (وطابعه مدني وجزائي وحمائي) وأنظمة وقوانين الأحوال الشخصية.
2 ـ تصحيح العديد من العقوبات في الجرائم الأسرية لجهة تشديدها لا تخفيفها، مع الإبقاء على الوصف الصحيح لعناصر الجرائم (المادة 3).
3 ـ إضافة احكام جديدة لإلغاء التمييز بين المرأة والرجل في جرم الزنا (المادة 3 فقرة 6).
4 ـ تدابير وأوامر الحماية باتت واضحة مفصلة ومتدرجة في تطبيقها بحسب الحاجة، يفترض بها أن تؤمن الحماية المطلوبة.
5 ـ إنشاء قطعة متخصصة في قوى الأمن الداخلي، تضم عناصر من الجنسين مدربين على حل النزاعات الأسرية والتوجيه الاجتماعي، وزيادة مستوى فاعلية الشكاوى لديهم.
6 ـ تخصيص قضاة (محامين عامين) في العنف الأسري.
7 ـ إنشاء صندوق في متن مشروع القانون المعدَّل، من دون انتظار صدور قانون منفصل كما ورد في المشروع، وتوسيع دوره الوقائي والعلاجي.
ثانياً ـ في مطلب التعديلات الأربعة:
1 ـ مسألة اقتصار القانون على حماية المرأة في العنوان والمضمون:
ان مطلب اقتصار القانون في العنوان وفي المضمون على المرأة دون سواها من افراد الأسرة لا يفيد تعزيز حمايتها (مع أطفالها مثلاً) بل العكس. وقد ذهبت أفضل الممارسات القانونية المقارنة والمعاهدات الدولية ذات الصلة إلى التوصية بعدم اقتصار الحماية على المرأة وشمولها سائر الأشخاص المعرضين للعنف (بمن فيهم الأصول والفروع وغيرهم)، لا سيما «اتفاقية مجلس أوروبا الرامية إلى الوقاية من العنف ضدَّ المرأة والعنف الأسري ومناهضتهما» الصادرة في اسطنبول بتاريخ 11 أيار 2011.
مع الإشارة إلى أن هناك أفراداً معرضين للعنف الأسري لا يستفيدون من تشديد في العقوبات أو من احكام حماية في القوانين اللبنانية النافذة (بمن فيهم الأصول والأطفال) بخلاف القوانين المقارنة التي تؤمن مثل هذه الحمايات. علماً أن المادة المتعلقة بالجرائم (المادة 3) تجري تعديلات مناسبة على قانون العقوبات، لا سيما من طريق تشديد العقوبات حين تقع على المرأة وعلى سائر اعضاء الأسرة.
فإضافة المرأة في العنوان وفي متن القانون ليس شكلياً ولا هو للايهام بأي شيء سوى إقرار بتمييز المرأة من سائر أفراد الأسرة كونها الأكثر عرضة لتكون ضحية للعنف بجميع اشكاله الجسدية والنفسية والجنسية والاقتصادية وهي الأولى بالحماية.
2 ـ مسألة تجريم اغتصاب الزوجة:
تضمن مشروع القانون المعدّل أحكاماً واضحة تجرم اغتصاب الزوجة وفق صيغة مبتكرة (المادة 3 فقرتين أ وب) تجرم «استيفاء الحق الزوجي بالجماع عن طريق العنف والتهديد». كان البعض يفضل تحقيق تجريم اغتصاب الزوج ضمن المادة 503 (الاكراه على الجماع) عبر الغاء عبارة «غير زوجه»، وكنت مؤيدا لذلك. لكن هذه الصياغة لاقت اعتراضا من اعضاء في اللجنة، فكانت الضرورة ام الاختراع المنتج بدل الفشل. ان الصيغة الجديدة المعتمدة في القانون تؤمن حاجة تجريم اغتصاب الزوجة، مع الفصل بالشكل بين مادة فرض الجماع على غريبة (المادة 503) وفرضه على الزوجة. لا يصح قول البعض إن هذه الصياغة هي «لزوم ما لا يلزم»، وذلك لأن الهدف او السبب الذي قد يحمل احدهم على العنف أو التهديد (أي فرض الجماع) يشكل النية الجرمية/ العنصر المعنوي للجريمة الخاصة المستحدثة والضروري توفرها لحصول الجرم ولإنزال العقوبة. أما بقاء المادة 503 من دون تعديل، فلا يعرقل تطبيق الجرم الجديد، لأن المادة 22 من القانون ألغت جميع الأحكام المخالفة له أو غير المؤتلفة معه. في الخلاصة، أصبح فعل «استيفاء الحق الزوجي بالجماع عن طريق العنف والتهديد» جرماً معاقبا عليه في القانون اللبناني، ينبغي توضيحه لسائر فئات المجتمع على هذا الأساس.
3 ـ مسألة حماية الأطفال وسن الحضانة:
خلافاً لما يشاع، اتاح اقتراح القانون المعدل شمول أطفال الضحية بالحماية من دون مراعاة سن الحضانة حين يكونوا معرضين للعنف (المادة 11 معدلة والمادة 14 فقرة 4 معدلة)؛ أما الأطفال ضمن سن الحضانة فيستفيدون من الحماية حكما مع الوالدة (أي من دون الحاجة لتبرير خطر العنف عليهم). وإضافة إلى الأطفال، يمكن ان يستفيد من أمر الحماية باقي الفروع وسائر المقيمين مع الضحية والمساعدون الاجتماعيون والشهود وأي شخص يقدم المساعدة للضحية.
4 ـ مسألة صلاحية النيابة العامة والقضاء المختص في اتخاذ تدابير الحماية:
خلافا لما يشاع، اتاح مشروع القانون المعدل صلاحية للنيابة العامة اتخاذ قرارات الحماية (المادة 11)، وجعل بعدها الصلاحية معقودة لمروحة من القضاة ذات الاختصاص (قاضي الأمور المستعجلة بالصورة الرجائية، قاضي التحقيق، القاضي المنفرد الجزائي المادة 12)، وأوجب عليهم القانون اتباع اصول موجزة تتوخى الفعالية (مثل النظر في طلبات الحماية في غرفة المذاكرة وإصدار قرارات الحماية ضمن 48 ساعة من تقديم الطلب). كذلك، أولى القانون النيابة العامة صلاحية حبس المشكو منه الممتنع عن تسليف نفقات حمائية مختلفة (مثل نفقات العلاج في المستشفى ونقل الضحايا واقامتهم في مكان آمن) خلافاً للمادة 999 من قانون أصول المحاكمات المدنية. وفي ذلك مراعاة مزدوجة لحاجة الحماية السريعة ولمعايير المحاكمات العادلة، التي تعتبر النيابة العامة طرفا في الدعوى لا يسعها اتخاذ سوى قرارات محددة في الزمن.تدابير الحماية

أولاً ـ تدابير الحماية بقرار من المحامي العام المكلف تلقي الشكاوى المتعلقة بالعنف الأسري، وقبل صدور أمر الحماية عن المرجع المختص (المادة 11 من القانون):
أ ـ الحصول على تعهد من المشكو منه بمنع التعرض للضحية وأطفالها أو التحريض على التعرض لهم وباقي الفروع وسائر المقيمين معها الذين يستفيدون من أمر الحماية إذا كانوا معرضين للخطر، والمساعدين الاجتماعيين والشهود وأي شخص يقدم المساعدة للضحية، تحت طائلة تطبيق أي من التدابير التالية في الفقرة (ب).
ب ـ في حال وجود خطر على الأشخاص ذاتهم:
1 ـ منع المشكو منه من دخول البيت الأسري لمدة 48 ساعة قابلة للتمديد مرة واحدة، إذا لم تكن هناك وسيلة أخرى لتأمين الحماية للضحية وأطفالها وسائر الأشخاص المعددين في المادة 12 من هذا القانون.
2 ـ احتجاز المشكو منه وفقاً للمادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
3 ـ نقل الضحية وسائر الأشخاص المعددين في المادة 12 إذا رغبوا إلى مكان آمن على نفقة المشكو منه وفق قدرته.
ج ـ إذا نتج من العنف ما يستوجب علاجاً طبياً أو استشفائياً، تُنقَل ضحايا العنف إلى المستشفى على أن يسَلِّف المشكو منه نفقات العلاج.
إذا امتنع المشكو منه من تسليف النفقات المبينة في البند 3 من الفقرة (ب) وفي الفقرة (ج) من هذه المادة، تطبق بحقه الأصول المتبعة لتنفيذ أحكام النفقة في قانون أصول المحاكمات المدنية.
خلافاً للمادة 999 من قانون أصول المحاكمات المدنية، يصدر قرار حبس المشكو منه الممتنع من تسليف النفقات المذكورة آنفاً عن النيابة العامة.
ثانيا- أوامر الحماية الصادرة عن المراجع القضائية المختصة (المواد 12 و13 و14 و15 من القانون):
يتضمن أمر الحماية الزام المشكو منه بواحد أو أكثر من التدابير التالية:
1 ـ منع التعرض للضحية ولسائر الأشخاص المعددين في المادة 12 من هذا القانون أو التحريض على التعرض لهم.
2 ـ عدم التعرض لاستمرار الضحية والأشخاص المقيمين معها المشمولين بالحماية في إشغال منزل الأسرة.
3 ـ إخراج مرتكب العنف من المنزل، موقتاً ولفترة يحددها المرجع المختص، لدى استشعار أي خطر على الضحيَّة.
4 ـ إخراج الضحية والمقيمين معها المشمولين بالحماية لدى استشعار أي خطر فعلي عليهم قد ينتج من استمرارهم في إشغال منزل الأسرة، إلى سكن موقت آمن وملائم.
في حال إخراج الضحيَّة من المنزل يخرج معها حكماً أطفالها الذين هم في سن الحضانة القانونية، كما يخرج معها سائر الأولاد والمقيمين إذا كانوا معرضين للخطر.
على المشكو منه، وفق قدرته، تسليف نفقات السكن.
5 ـ تسليف مبلغ، وفق قدرة المشكو منه، للمأكل والملبس والتعليم، لمن هو ملزم بهم.
6 ـ تسليف مبلغ، وفق قدرة المشكو منه، على حساب النفقات اللازمة للعلاج الطبي أو الاستشفائي للضحية ولسائر الأشخاص المعددين في المادة 12 من هذا القانون إذا نتج من العنف المرتكب ما يوجب هذا العلاج.
7 ـ الامتناع من إلحاق الضرر بأي من الممتلكات الخاصة بالضحية وبالأشخاص المشمولين بأمر الحماية.
8 ـ الامتناع من إلحاق الضرر بالأثاث المنزلي وبالأموال المشتركة المنقولة ومنع التصرف بهما.
9 ـ تمكين الضحية أو من تفوضه في حال ترك المنزل، من دخوله لأخذ ممتلكاتها الشخصية بموجب محضر استلام.
إن تقديم طلب الحماية لا يحول دون حق الضحية أو المشكو منه في إقامة الدعوى أو متابعتها أمام المحاكم على اختلاف أنواعها واختصاصاتها.

 

السابق
أسهم رياض سلامة ترتفع كمرشح توافقي
التالي
حظّ الموحّدين الدروز العاثر