عن السلاح المتفلّت من عقاله في بيوت اللبنانيين

بين انتحارها، أو موتها عن طريق الخطأ، ابنة الـ14 عاما، في ضاحية بيورت الجنوبية، فيما كانت تلعب بالمسدّس في بيتها، وبين موت عدد لا يحصى من الشابّات والشبان بأسلحة فردية في البيوت.. مسلسل يستمرّ دون أيّ رادع ومانع. فلماذا يقتني اللبناني السلاح الفردي في منزله؟ وضدّ من؟

في ظلّ عدم وجود قانون يضبط استعمال السلاح، نسمع يومياً عن حالات من الفوضى تعمّ مختلف المناطق في لبنان،. فيشهد لبنان حوادث امنية متنقّلة، يستعمل خلالها السلاح من كلّ العيارات. فالنزاعات السياسية تتطور الى حوادث امنية يذهب ضحيتها غالباً المدنيون. هذا الفلتان الامني رفع ثمن الاسلحة الخفيفة. وباتت تجارة يعتاش منها عناصر فلول الاحزاب التي شاركت في الحرب الاهلية، الذين لا زالوا على علاقة بتجار الاسلحة الكبار.

في دراسة قامت بها حركة السلام الدائم تبيّن أنّه “من بين 1200 جريمة وقعت في لبنان العام 2013 هناك 400 منها نتيجة نزاع فردي، وذلك بمعدّل 4 جرائم يوميا. وتم الكشف عن هوية المجرم في 160 جريمة قتل. وتمت 800 جريمة سرقة تحت سطوة السلاح، و9 جرائم خطف في كل المناطق”.

في ظلّ فوضى رخص حمل السلاح، نرى أنّ انتشار الاسلحة في المنازل بات امرا طبيعيا. حيث ان الاقتتال داخل الاحياء والبيوت، وبين الافراد داخل المنزل الواحد بات امرا مقبولا، لا بل إنّه مل يعد مستهجنا استعمال السلاح الفردي للانتحار.

كما أنّ هناك حالات تكررت وتتكرر كثيرا في لبنان من القتل بطريق الخطأ أثناء عملية تنظيف السلاح أمام الاولاد والاهل والعائلة كنوع من التفاخر. ولطالما سقط الاطفال ضحية هذا العمل المتهوّر.

وبالعودة الى قانون الأسلحة والذخائر اللبناني نرى انه يحصر صلاحية إعطاء رخص اقتناء السلاح وحيازته وحمله بمرجعية وزارة الدفاع. وينصّ القانون على “حظر نقل الأسلحة والذخائر أو حيازتها من الفئة الرابعة في الأراضي اللبنانية، ما لم يكن الناقل حائزاً رخصة صادرة عن قيادة الجيش وتعطى لمدة سنة واحدة ويجوز تجديدها”.

بالأمس نقلت وسائل الاعلام خبرا مؤلما لصبية انتحرت في الضاحية الجنوبية وهي (س.ع) وهي بعمر الورود. ولم تتضح الاسباب والتي غالبا ما يتم التعتيم عليها بحجة أنّ الامر عائلي وداخلي. فهل من الجائز ترك أيّ قطعة سلاح في المنزل بين أيدي الاولاد والشباب والنساء؟ ومن يتحمل هذه المسؤولية؟

فالسلاح الثقيل، إضافة إلى وجوده بأيدي الجيش والمقاومة، هناك السلاح الخفيف والمتوسّط بين أيدي القوى الامنية، والاحزاب، والسلاح الخفيف بين أيدي المرافقين، وشركات الحراسة.. ونجده أيضا بين أيدي الذين يشيّعون القتلى والموتى، وفي الأفراح، وفي أيدي المتحمّسين لنادي رياضي ما أو لزعيم معيّن وبأيدي المتظاهرين.
والغريب ان من يشتكي من سلاح “حزب الله” نراه في مسيراته أيضا يرفع السلاح ويطلق الرصاص في الهواء. دون أيّ احتساب للبشر، وذلك كله في أحياء شعبية ضيقة.

هو السلاح متفلّت من عقاله، والمراهقة، ابنة الـ14 عاما في الضاحية كانت الضحية الجديدة، ولكن ليس الأخيرة بالطبع.

السابق
هؤلاء أشباه بهيج أبو حمزة لدى زعماء آخرين
التالي
اغتصاب عن طريق ’الواتساب’