لماذا علي الامين؟

علي الامين
حسناً فعل الزميل علي الامين حين لم يتهم أحداً ببعثرة محتويات منزله في بلدته شقراء وترك أمر معرفة الفاعل الى الجهات الامنية المختصة. وهو المتيقّن أن لا قدرة لهذه الاجهزة على كشف المعتدين، وأنّه سيجري لصق القضية بعد ذلك في ظهر "فاعل مجهول الهوية". لكنّه بالتأكيد ليس مجهول الاقامة أو الانتماء.

حسناً فعل الزميل علي الامين حين لم يتهم أحداً ببعثرة محتويات منزله في بلدته شقراء وترك أمر معرفة الفاعل الى الجهات الامنية المختصة. وهو المتيقّن أن لا قدرة لهذه الاجهزة على كشف المعتدين، وأنّه سيجري لصق القضية بعد ذلك في ظهر “فاعل مجهول الهوية”. لكنّه بالتأكيد ليس مجهول الاقامة أو الانتماء.

يعيش السيّد علي ضمن البيئة الحاضنة للمقاومة منذ أكثر نصف قرن. عاصر حركات المقاومة باختلاف ألوان أعلامها وانتماءاتها السياسية والمذهبية. حتّى عندما أضاعت بعض حركات المقاومة في يوم من الايام بوصلة العدو ودخلت في اقتتال داخلي لم يتردد – على قدر استطاعته – في توجيه نصائح التسامح والهداية الى من تربطه بهم علاقات صداقة من قادة تلك المقاومة. هو الذي يجلّ تضحيات ابناء شعبه لم يرضَ بفرقة البعد عنهم في سنوات الاحتلال فكيف بعد أن أثمرت دماء الشهداء، كلّ الشهداء من 1948 إلى اليوم، نصراً موعوداً.

أبى علي الامين أن تصبح بيروت، حيث مصدر رزقه وعمله، بديلاً عن بلدته الجنوبية. فهناك للحياة طعم آخر. حتّى شقراء لا تدبّ الحياة في شريانها الا عند نهاية الاسبوع. كيف لا وهي تعيش على امل لقاء أبنائها من الذين أجبرتهم ظروف الحياة الصعبة على هجرة ترابها واشجار زيتونها وساحة بركتها.

هذا هو علي الامين، وهذا هو تاريخه الذي لا غبار عليه ولكن ما الذي يزعجهم في حاضره؟

جمهور البيئة الحاضنة، التي نحترم ونجلّ، فيها من أمهات وآباء، أخوة واخوات وابناء شهداء ومقاومين، ولكن تضمّ في الوقت عينه غفر من الشباب “المتهوّر غير المنضبط”، بحسب هذه البيئة. شباب يؤخذ عليه معارضته الخط السياسي لحزب الله وقوى الامر الواقع في الجنوب. وهذا كفيل بالنسبة له ان يضعه هؤلاء في خانة الخصم حتى لا نقول اكثر. هو إذا خصم مشاغب، خارج عن خطّ المقاومة وتعاليمها.

هنا لا بدّ من التذكير هؤلاء بما قاله الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله في خطابه الاخير حين فصل بين المقاومة وحزب الله. فالمقاومة، بحسب السيد، أرقى من الشكّ طالما تهديد العدوّ ما زال موجوداً، أما انتقاد حزب الله كخطّ سياسي مشارك في السلطة بنواب ووزراء فهذا حقّ مشروع ليس لعلي الامين فحسب بل لكل مواطن لبناني. خصوصا أنّ جسم النقاش السياسي في لبنان “لبّيس” عندها. فأيّ تقييم لخطاب سياسي سواء القاه السيد حسن او غيره هو تقييم مشروع اذا ما اعتبرنا انفنسنا أصحاب نظام ديمقراطي.

ما يؤخذ على علي الامين ايضاً أن وضعه البعض في خانة “شيعة عوكر”. وهذه بحدّ ذاتها تهمة عقوبتها وخيمة بحسب قانون البيئة الحاضنة. بيئة تُحَرِّم على علي الامين زيارة السفارة الاميركية في عوكر بينما تنتخب بملء ارادتها ممثلين لها ضمن لائحة التنمية والتحرير يحملون الجنسية الاميركية – النائب علي بزي منهم مثلا – وهو قضى اكثر من نصف حياته في بلاد “الشيطان الاكبر”. ولا يغيب عن اي احتفالية تقيمها السفارة الاميركية في عوكر. وكي لا نظلم النائب بزي ايضاً فتطول لائحة الشخصيات السياسية من قوى 8 آذار، التي تربطها علاقات صداقة سرية وعلنية بمسؤوليين اميركيين ولا مجال لعدّهم.

ربما لم يجتمع المجلس السياسي للبيئة الحاضنة ليتخذ قراراً ببعثرة محتويات منزل علي الامين.لكنّ هذا يفرض على قيادة حزب الله الاستدارة قليلاً والنظر الى الوراء لما آلت اليه أحوال بعض بيئتها الحاضنة لتصويب مسارها وتهذيب نفوسها، وذلك أضعف الايمان.

السابق
شعبان ترفض ايحاء بعض الاعلام ان سوريا ما كانت لتصمد لولا ‘دعم البعض’
التالي
‘جنوبية’ تؤلم خصومها بأرقامها: المرتبة الخامسة في لبنان