معركة الخنادق في بغداد!

للفشل الكبير والمخزي وجوه وأشكال وصيغ عديدة تكفلت حكومة الفاشلين بقيادة مختار العصر والزمان وبطل الساحة والميدان نوري المالكي بإظهار أفظع أشكالها ومتبنياتها, خصوصا بعدما أصبح الدم العراقي مستباحا, وبات الإرهابيون والمخربون وبينهم ميليشيات السلطة الإرهابية كعصابات “العصائب” وغيرها من الفرق الضالة المضللة أحرارا في تحركاتهم ويضربون ساعة يشاؤون ولأي هدف ينتخبون, فيما حكومة المالكي تبدع في استيراد ألعاب الأطفال التي أطلقوا عليها زورا اسم أجهزة كشف المتفجرات, التي كانت فضيحة بـ”جلاجل” لم يحاسب أحد عليها وتم تطبيق أسلوب “حسيبك للزمن” في التعامل مع الموقف, ومرت تلك الفضيحة بسهولة ويسر كما مرت فضائح ثقيلة من النهب لأهل دولة القانون ولم تتم متابعة أحد ولا إيقاف نزيف الهدر الدائم والمستمر.
اليوم وبعد استمرار مسلسل التدهور الأمني, والخوف المقلق والمريع, من سقوط أسوار المنطقة البغدادية الخضراء تحت سيطرة المعارضة المسلحة والمتنامية طوليا وعرضيا لم يجد أهل التخطيط الستراتيجي وعباقرة الأمن العراقي المنتهية صلاحيتهم من حلول ناجعة لضمان السيطرة على الموقف الأمني في عصر التكنولوجيا الفضائية وزمن الاستشعار عن بعد والـ”روبوتات” وأجهزة الكشف الفضائية سوى العودة إلى الجذور, إلى الماضي السحيق, وإلى أساليب حروب الخنادق في الزمن القديم, بل العودة لأسلوب القتال الساساني (الفارسي) في حفر الخنادق في صراعهم ضد الدولة البيزنطية, فكان الإجراء الحكومي العراقي في تحصين بغداد عبر حفر خندق واسع, وبأبراج مراقبة وعزل العاصمة عن جوارها وأحزمتها, السكانية والبيئية, وتخصيص ملايين الدولارات من أجل هذا المشروع التافه المخزي الذي يعمق حالة الخراب الشامل ويخلق وضعا شاذا ويؤكد بشكل صارم على منهج فاشل أصيل في التعامل مع القضايا الأمنية الملحة بعد أن فشلت بسبب الحرامية ولصوص حزب “الدعوة” وشركاه كل الوسائل التكنولوجية الحديثة في محاربة الإرهاب, وفي حفظ دماء ومصالح الناس.
لكن المفارقة لا تكمن في ذلك الخندق العميق, بل انني على ثقة, بل أراهن على أن الإرهاب في بغداد لن يتوقف, ولن تنتهي حفلات التفجير أو حوادث الاغتيال, والسبب بسيط وواضح, ومباشر, ويتمثل في ان”حاميها حراميها”, وإن عصابات الإرهاب الحقيقية والفاعلة هي تلك التي تختفي خلف الواجهات, الحكومية والحزبية والطائفية.
تلك العصابات القذرة معروفة وجوهها القيادية للجميع, كما أنها تحظى بعطف ورعاية مختار العصر والزمان “نوري القانوني”, ومجموعة من”حريم السلطان الدمويات العاملات معه, وكذلك قيادات “فيلق القدس” الإرهابي للحرس الثوري الإيراني, بقيادة الحاكم بأمر الولي الفقيه آغا قاسم سليماني قمي, التي تتخذ من المنطقة الخضراء قاعدة متقدمة وقلعة حصينة, ومنها, ومن حصونها المنيعة تنطلق كل عمليات القتل, والاغتيال والاعتقالات العشوائية!
اللجوء لسياسة الخنادق بينما الرفاق القياديين يعيشون في مباهج الفنادق هو قمة الفشل المؤطر لحكومة لا تستحي من العودة الى الخلف لآلاف السنين لاستنباط حلول هزلية مضحكة لأزمة حقيقية, هي طرف فاعل فيها وباستفحالها.
يبدو أن العراق سيتحول في النهاية, ووفقا لتكتيكات القيادات العسكرية والأمنية العبقرية التابعة للمالكي وشركاه, مجموعة من الحفر والأخاديد تشبه تلك الحفر التي يختبأ فيها مهربو المخدرات والنسوان في جنوب العراق باتجاه الكويت المعروفين بـ”الكعيبر” ولا أدري أصل تلك التسمية ولكنها موجودة, وربما ستملأ تلك الخنادق ببراميل المازوت, أو بالأسلاك المكهربة, وربما حتى في الثعابين المستوردة من أستراليا وتايلند, وسيصبح اسم الدولة العراقية “جمهورية العراق الخندقية”, وبعد برهة ستحفر خنادق واسعة بين شمال ووسط وجنوب العراق, وحيث الخندق الكردي, والخندق السني, والخندق الشيعي, وما بينهما من خنادق الأقليات والملل والنحل.
في زمن صدام حسين, وخلال مرحلة الصراع بين حزب البعث والحزب الشيوعي العراقي أواخر سبعينات القرن الماضي تحدث صدام حسين عن”خندق أم خندقان”! وهو يشير طبعا الى نهاية حكاية الجبهة الوطنية مع الشيوعيين التي امتدت من عام 1973 وحتى أواخر عام ,1978 أما اليوم فخلفاء صدام من قيادات الطوائف المتصارعة قد حولوا العراق بأسره مجموعة من الخنادق القذرة البائسة.
فويل لكم أيها العراقيون من حفر الخنادق التي ستغرقكم جميعا! ولكن لا حياة لمن تنادي.
السابق
إيران: ماذا بعد الاتفاق النووي؟
التالي
زئير بثينة