سباق بين المخدرات وبين العلاج من إدمانها جنوبا

مكافحة المخدرات
يتزايد سنويا عدد الموقوفين بتعاطي المخدّرات جنوبا بنسبة تصل إلى 25 %، و12 % منهم تحت 18 عاما، ونصفهم لم يتجاوزوا المرحلة الابتدائية في التعليم، و4 % من النساء. ويشهد الجنوب سباقا بين معاقبتهم وبين معالجتهم، في ظلّ هجرة التجّار والمروّجين إلى الجنوب هربا من احتقان الأجواء في بيروت وضاحيتها الجنوبية.

يبدو أن سباقاً يجري بين توسع انتشار تعاطي المخدرات في الجنوب وبين الجهد الذي يبذله مكتب مكافحة المخدرات مع جهود الجمعيات الأهلية العاملة في مكافحة الإدمان. الإشارات الواردة تشير إلى عجز المكتب والجمعيات، بالإمكانات المتوتفرة بين يديهم، عن مواجهة هذا الخطر الزاحف بسرعة ليكتسح المدن والبلدات الجنوبية.

يقول رئيس مكتب مكافحة المخدرات في الجنوب المقدم هنري منصور لـ”جنوبية”: “كان لدينا يوم السبت 5 نيسان 2014 ثلاثون موقوفاً للاشتباه بتعاطيهم أنواعاً مختلفة من المخدرات، بينهم خمسة قاصرين وستة جامعيين وثلاثة فتيات محجبات. ونحن نتابع التحقيقات معهم قبل إحالتهم إلى القضاء”. ويضيف منصور: “لقد بلغ عدد الموقوفين منذ أول العام 177 موقوفاً بينهم 136 متعاطياً وثلاثة تجار واثنان بتهمة تهريب مخدرات إلى السجون وثمانين فتيات. ويشير إلى تزايد عدد الموقوفين في لبنان بتهمة التعاطي”. زيكمل: “في العام 2011 بلغ عددهم 1762 موقوفاً، وفي عام 2012 بلغ عددهم 2249 موقوفاً وفي العام 2013 بلغ العدد 2672 منهم 12 % عمرهم أقلّ من 18 عاماً و4 % من النساء”.

ويوضح منصور أن المخدرات “تنتشر في أحياء مدينة صيدا كافة وفي معظم قرى الجنوب، وعدد من تجّار المخدرات غادر الضاحية الجنوبية في بيروت وتوجه لمباشرة أعماله في الجنوب. ورغم أنّ الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية لا تشكّل مبرراً للجوء الشباب إلى المخدرات، إلا أنّه، وكما يبدو من التحقيقات التي يجريها مكتب المكافحة، فالأسباب التي تدفع إلى تعاطي المخدرات هي الفساد في الجامعات، وجود أكثر من متعاطٍ في العائلة، أبناء حي واحد، كما أنه صار من السهولة الحصول على المخدرات عبر الهاتف (ديليفري) وفي القرى بين الزرع والتعاطي”.

ويرى منصور أنّ “أحد المشاكل التي يواجهها في عمله عدم تعاون أهل المتعاطي إلا بعد استفحال الحالة. ويبدو أنّ سياسة السلطة ما زالت مقتصرة على الجانب الأمني والعقابي تتعاطى مع المدمن على أنه متورط، في حين مسار المتعاطي يبدأ بصفته ضحية، متورط.. فمريض يجب الاهتمام به وإخراجه من المأزق الذي وقع فيه”.

وهذا ما دفع عدد من الجمعيات الأهلية إلى تشكيل المجلس الأهلي لمكافحة الإدمان في صيدا. يقول أمين سرّ المجلس ماجد حمتو لـ”جنوبية”: “خلال الحرب الأهلية ازدادت نسبة التعاطي وطالت الفئات العمرية الصغيرة”. وتنتشر المخدرات في العالم بشكل واسع، وحسب تقرير الأمم المتحدة أن هناك 240 مليون متعاطي مخدرات في العالم أي ما نسبته 5 % من سكان العالم.

ويشير حمتو إلى ارتفاع عدد من تلقى العلاج من الإدمان خلال العقد الماضي: “في عام 2002 تلقى 764 شخصاً العلاج، في حين عولج 2127 شخصاً عام 2011”.

ويضيف: “تقتصر مهمة الدولة على استقبال المرضى منهم في ثلاث مستشفيات: ظهر الباشق، الحريري ودير الصليب، ويعالجوا على حساب وزارة الصحة شرط دفع فروقات الوزارة. أما مرحلة إعادة التأهيل والتي قد تستغرق سنوات فإنّ المؤسسات الرسمية لا تقوم بواجباتها. المركز العلاجي للمجلس الأهلي لمكافحة الإدمان في صيدا والجوار بدأ عمله في شباط 2013، وهو يعالج حتى يوم السبت 5 نيسان 65 متعاطياً وهو عدد يتضاعف يومياً بحسب حمتو: “لنا حدود لطاقتنا على استيعاب المرضى. نحن في سباق مع المروّجين والتجار، وإذا بقيت سياسة الدولة تقتصر على الجانب العقابي فحسب، فإننا لن نستطيع أن نوقف انتشار المخدرات”.

ويعطي صورة عن الذين يتابعون من قبل المركز فيقول: 2 % منهم من الفئة العمرية بين 18 و25 عاماً، 43 % من الفئة العمرية 26 – 35 عاماً، و55 % فوق 35 عاماً. وفي حين 43 % ممن يتم علاجهم يتعاطون حبوباً وحشيشة فإن 55 % منهم يتعاطى هيروين. و48 % منهم فلسطينيون و52 % لبنانيون.

أما عن أماكن سكن المتعاطين فيؤكد حمتو أنّ 12 % من مخيم عين الحلوة و18% من قرى شرقصيدا، 27% من المدينة والتعمير و43% من البلد القديمة.

وحول المستوى العلمي فإنّ 3 % وصلوا إلى المرحلة المهنية و9 % جامعيون، و33 % ممن درسوا حتى المرحلة التكميلية و55 % لم يتجاوزوا المرحلة الابتدائية.

ويشير حمتو إلى “التعاون الإيجابي الذي يتمّ بين المجلس ومكتب مكافحة المخدرات والنيابة العامة”، لكنّه يشير إلى “حالات تحصل عندما يعود المكتب لاعتقال أحد المتعاطين أثناء علاجه، ما يعيده إلى نقطة الصفر”.

السابق
الدولة والدين: الإسلامُ عَلمانيُّ سياسيًّا
التالي
فحص لجنوبية: على فتح أن تردّ بمسؤولية بالميّة وميّة