هل يحق لرجل الدين ما لا يحق لغيره؟

تحريض المتطرّفين على الجيش بات «على المكشوف» والخطة الأمنيّة مُهدّدة بانتكاسات خطيرة-

لا تزال الأوضاع في طرابلس خطيرة جدا حتى اشعار آخر طالما أن الدولة اللبنانية لم تحزم أمرها في مواجهة المحرضين الذين يتحصنون بزي رجال الدين للإستمرار بتحريضهم غير المسبوق على الجيش اللبناني بسبب تنفيذه الخطة الأمنية التي أقرتها الحكومة اللبنانية ، هذا ما قالته مصادر أمنية بارزة لـ «الديار». مضيفة أن ما تحقق حتى الآن على صعيد تنفيذ الخطة الأمنية وبالرغم من الخطوات المهمة التي انجزت إلا أن هذا الأمر لا يكفي ويبقى هشا ومعرضاً للانتكاسة في أي لحظة طالما أن هناك أشخاصاً لا يجوز إنفاذ القانون بحقهم بحجة أنهم يرتدون زي رجل الدين، وطالما أيضاً إن أسباب المشكلة الحقيقية التي أوصلت عاصمة الشمال إلى حالة الفلتان الأمني التي يتحكم بها قادة المحاور والمسلحين قائمة على صعيد توفير الحماية والحاضنة لهؤلاء المسلحين والتي تحول دون إحالتهم أمام القضاء المختص إنفاذاً للقوانين المرعية الإجراء القادرة وحدها على تأمين العدالة التي تنصف البريء وتعاقب المرتكب في أحداث طرابلس.

المصادر أضافت أن حماية المرتكبين وتوفير الحاضنة الدينية المذهبية لهم التي تحرض في الليل والنهار على رفض اعتقالهم وتوقيفهم تأتي في سياق محاولة ضرب الخطة الأمنية في طرابلس وافشالها وفي سياق إعادة الإضطرابات وأجواء التقاتل والعنف والتفلت الأمني التي عانت منها طويلا عاصمة الشمال ويريد أغلبية أهلها الوطنيين بكافة أطيافهم وانتماءاتهم الخلاص من هذا الوضع الخطير والعودة إلى كنف الدولة ومؤسساتها الشرعية والوطنية لحمايتهم من كل عابث بأمنهم واستقرارهم حتى ولو كان هذا العابث يرتدي زيَ رجل الدين، بحيث أن السؤال المطروح في هذا السياق، هل يحق لرجل الدين ما لا يحق لغيره على صعيد تحدي هيبة الدولة أم أن القانون يعلو على كل الناس من رجال دين وعسكريين ومدنيين ولا يُعلى عليه في دولة القانون والمؤسسات؟

وفي هذا الإطار، أكدت مصادر حكومية في 8 آذار بإن المظاهر الشاذة الاستفزازية للدولة وهيبتها في عاصمة الشمال مستمرة وهي تهدد بنسف كل ما تحقق على صعيد عودة الأمن والإستقرار لمدينة طرابلس. وأشارت الى ان ما يجري من تكبيرات داخل المساجد ومن احتجاجات في طرابلس رفضاً لمداهمات الجيش، ومن تحركات احتجاجية يقطع فيها عدد من الشبان الطرقات بالإطارات المشتعلة، لا يمكن السكوت عنه حتى ولو أتى بخلفية الغطاء الذي يوفره أحد رجال الدين سواء كان مسلما أو مسيحيا طالما أن سلوكيات هذا رجل الدين وحراكه يهدد السلم الأهلي والإنتظام العام بشرور الفوضى والفتنة والعصيان على قرارت الدولة اللبنانية التي يعبر عنها بموجب الدستور اللبناني فقط مجلس الوزراء مجتمعا الذي يمثل كافة مكونات وأطياف الشرائح الإجتماعية في لبنان.

المصادر الحكومية أشارت الى أن ما نراه ونسمعه من تحركات وخطابات رافضة للخطة الأمنية التي أقرها مجلس الوزراء بالإجماع هو تحد كبير لكل ما تبقى من هيبة للدولة وأركانها وقدرتها على إدارة البلاد وفق معايير تحقيق مصلحة لبنان وشعبه والتي لا يمكن صونها من خلال الرضوخ لخطابات وأراء هذا الشيخ المتطرف أو ذاك الذي بحراكه يؤمن البيئة الحاضنة للتطرف والرافضة للشرعية اللبنانية وأجهزتها الأمنية وما يقال على بعض المنابر التي تحرض بأعلى الأصوات على الجيش اللبناني وتنعته وتصفه بنعوت واوصاف وصلت إلى حد تشبيه الجيش اللبناني بجيش النظام في سوريا وشبيحته هو خطير ويستدعي تحرك القضاء فورا، خصوصا أن هذا الكلام في مكان ما يدعو الناس إلى قتال الجيش اللبناني من قبل المتطرفين والإرهابيين على النحو الحاصل في سوريا.

ولفتت المصادر الى أن هذا الوضع البالغ الخطورة يستدعي ليس فقط مواقف شاجبة من قبل شركائنا في الوطن من اركان الطائفة السنية الكريمة التي لطالما شكلت الحاضنة النضالية الوطنية والعربية والإنسانية لكل الأحرارا في لبنان بل المطلوب من زعماء ومشايخ الطائفة السنية المؤمنين بمشروع الدولة كخيار وحيد لخلاص لبنان ووحدته وأمنه واستقراره أن يأخذوا المبادرة ليكونوا رأس حربة في التصدي لهذا المشهد الخطير الذي يحصل في طرابلس وفي مناطق اخرى في لبنان، خصوصا بعد أن أثبتت الأحداث أن التطرف والإرهاب التكفيري هما عدو كل الناس من كل الطوائف والأديان وعلى رأسهم أبناء الطائفة السنية الكريمة المهددين قبل غيرهم بنير وظلامية ذلك الفكر التكفيري الإرهابي الذي لا يمت بصلة لا من قريب ولا من بعيد إلى جوهر الدين الإسلامي الحنيف. واشارت الى انه وبناء على كل لذلك، المطلوب فورا من الأجهزة الأمنية والقضائية التحرك الفوري ليس فقط ضد المسلحين الذي ينفذون عمليات ضد الجيش والأجهزة الأمنية بل التحرك أيضاً في موازاة ذلك ضد المحرضين المعروفين بالإسم كونهم يملأون فضاء الأثير الإذاعي والقنوات التلفزيونية بسموم خطاباتهم وبياناتهم وتصاريحهم المسمومة ضد الدولة اللبنانية وأجهزتها، سيما أن القانون واضح لجهة أن المحرض له عقاب المنفذ في أي فعل جرمي يعاقب عليه القانون، وبالتالي فإن النيل من المرتكبين عبر توقيفهم وإحالتهم إلى القضاء المختص يبقى منقوصاً ودون جدوى طالما أن المحرضين والمحركين لهؤلاء الفاعلين لا يزالون ولأسباب واهية بمنأى عن أي ملاحقة جدية لإستئصال شرهم من المجتمع اللبناني الذي يدفع شعبه وجيشه الدماء الزكية ثمن عدم وجود القرار السياسي الناجع القاضي برفع الغطاء عن أي محرض ضد الدولة اللبنانية والجيش بغض النظر عن موقعه ولأي جهة انتمى.

المصادر أكدت على أن تساهل المسؤولين في الدولة اللبنانية مع هذه الظواهر الشاذة والغريبة عن وحدة مدينة طرابلس وتاريخها الوطني العريق الذي طالما شكل نموذجا يحتذى به في الوحدة الوطنية والعيش الوطني المشترك والتمسك بسلطة الدولة والقانون، قد يؤدي إلى حصول انتكاسة خطيرة على صعيد تنفيذ الخطة الأمنية التي لا تزال في بداية بداياتها وإن مثل هذه الإنتكاسة قد تقود الوضع في عاصمة الشمال نحو سيناريوهات أكثر خطورة من التي كانت سائدة في زمن الجولات الـ 20 من القتال، خصوصا بعد أن أصبح التحريض على الدولة والجيش علنا وعلى المكشوف من قبل القوى المتطرفة التي توفر خلف مظلة الدين الغطاء والحماية للمسلحين المطلوبين بموجب مذكرات واستنبات قضائية للعدالة. مضيفة أن هذا الغياب للحزم في القرار السياسي من شأنه أن يشجع هؤلاء الضالين على تكرار محاولاتهم لضرب الخطة الأمنية وإفشالها من خلال قطع الطرقات ورمي القنابل واطلاق النار على وحدات الجيش والقوى والأمنية خلال تنفيذ عمليات الدهم والملاحقات كما جرى منذ يومين في محيط البرانية والتبانة، أو كما حصل في الكمين المسلح الذي استهدف آلية تابعة للجيش في منطقة القموعة حيث أقدم مسلحون على إطلاق النار باتجاه آلية الجيش ما أدى إلى استشهاد ضابط ورتيب، وإصابة رتيب آخر بجروح.

السابق
مخيبر في احتفال بالذكرى الـ99 للابادة الأرمنية : لاحقاق الحق وتحقيق العدالة
التالي
أين دور الشباب في الندوات والمؤتمرات واللقاءات العامة؟