السفير: طرابلس وعودة الشحن والتحريض

الجيش

بدأت الخطة الأمنية في طرابلس تواجه كثيرا من الصعوبات في مرحلتها الثانية المتعلقة بالمداهمات وتوقيف المطلوبين وضبط مستودعات السلاح.

ومما يضاعف من هذه الصعوبات هو محاولات الاستغلال الاعلامي المتواصل، والتجاذبات السياسية بين المكونات الطرابلسية وتبادلها الاتهامات ورمي المسؤوليات، والصراع بين المشايخ على النفوذ واستقطاب الشارع الاسلامي، والشعور بالغبن لدى كثير من أبناء التبانة والحارة البرانية لجهة الادعاءات القضائية التي طالت مسؤولي مجموعات مسلحة دون سواهم، علما أن الجميع كان متساويا في التسلح وإطلاق النار على المحور الذي كان يسيطر عليه.

وكان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية إدعى على 15 لبنانيا وسوريا من جبل محسن تبعا للادعاء الأساسي على المسؤول السياسي لـ«الحزب العربي الديموقراطي» رفعت عيد، وعلى 14 شخصا من التبانة، بجرم تشكيل مجموعة مسلحة بهدف ارتكاب الجنايات على الناس والاموال والنيل من سلطة الدولة وهيبتها والتعرض لمؤسساتها المدنية والعسكرية، واطلاق النار على العناصر الامنية واثارة الفتن الطائفية وتبادل اطلاق النار وإلحاق الأضرار بالممتلكات والابنية والقتل ومحاولة القتل وحيازة اسلحة وذخائر. واحال صقر الادعاءين الى قاضي التحقيق العسكري الاول رياض ابو غيدا.

وقد أوجد هذا الواقع كثيرا من الثغرات ساهمت في عرقلة عمل الجيش اللبناني والقوى الأمنية، وأعطت مجالا للمطلوبين بالتحرك من جديد للتحريض على المؤسسة العسكرية، وتأليب الشارع على الخطة وإجراءاتها، وصولا الى حدود المواجهة، كما حصل ليل أمس الأول عندما تعرض الجيش لاطلاق نار من قبل بعض المطلوبين خلال توقيفه أحد المتورطين برمي القنابل في شارع برغشة في التبانة، وهي الجولة الاعتراضية الثانية على إجراءات الخطة الأمنية بعد ما شهدته الحارة البرانية خلال مداهمة عدد من المنازل فيها قبل يومين.

ويشير ذلك، الى أن الطرابلسيين عليهم أن يبدأوا بتعداد الجولات الموضعية الجديدة بين الجيش والمسلحين في شوارع التبانة والبرانية والمحاور الأخرى، والتي تنطلق على وقع المداهمات، وهي بلغ عددها حتى الآن إثنتين منذ انطلاق الخطة الأمنية. ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إذا لم تسارع القيادات السياسية والمشايخ الى التوقف عن نزاعاتهم وصراعاتهم ضمن المناطق الساخنة والتي تعيد للمطلوبين حيويتهم من خلال اللعب على التناقضات.

وإذا كان الجيش لا يزال يتصرف بحكمة وتعقل بما يحول دون وقوع خسائر بشرية خلال الاشتباكات المحدودة التي تحصل، فانه ليس في كل مرة تسلم الجرة، خصوصا في ظل المحاولات الحثيثة والمستمرة من قبل بعض الأطراف لاستدراج الأهالي الى معركة مع الجيش تؤدي الى تقويض الخطة الأمنية ومن ثم إفشالها.

ويمكن القول إن تحصين الخطة الأمنية وضمان استمرارها بالنجاح الذي حققته في مرحلتها الأولى المتعلقة بازالة مظاهر الحرب يتطلب خطوات سريعة أبرزها:

أولا: إخراج التبانة ومحيطها من كل أنواع المهاترات السياسية، بما في ذلك التحريض على القوى العسكرية والأمنية، والعمل على إيجاد بيئة حاضنة، وصالحة للاستقرار بالركون الى سلطة الدولة وهيبة القانون.

ثانيا: وقف الصراع الدائر بين المشايخ ضمن الساحة الاسلامية، والذي يترجم بالشعارات المذهبية وبرفع السقف ضد الجيش، بهدف استقطاب المئات من الشبان على حساب مئات آلاف الطرابلسيين التواقين لاستعادة استقرارهم من خلال الخطة الأمنية وعودة الدولة الى مدينتهم.

ثالثا: الالتفاف حول قيادات التبانة التي تنادي بالتهدئة والاستقرار وبعدم الانجرار الى معركة عبثية مع الجيش، لا سيما بعد انتهاء الصراع مع جبل محسن بفرار علي ورفعت عيد.

رابعا: إيجاد صيغة عادلة لكل المطلوبين، وعدم التفريق بين المجموعات المسلحة على خلفية الانتماءات السياسية، والاسراع في تشكيل اللجنة القضائية لبت مئات الوثائق والعمل على معالجتها.

خامسا: الضغط على المطلوبين للخروج من التبانة أو التواري عن الأنظار، إذا كانوا لا يريدون تسليم أنفسهم الى السلطات المعنية، لأن وجودهم في مناطقهم سيعرضها لمداهمات يومية من قبل الجيش، ولخطر المواجهات العسكرية التي قد تؤدي الى ما لا يحمد عقباه، خصوصا بعد إعلان كل التيارات السياسية في لبنان دعمها للخطة الأمنية المغطاة محليا وإقليميا.

وكان الجيش تابع إجراءاته ومداهماته في التبانة وجبل محسن والأسواق القديمة، بعد الاشتباكات التي وقعت ليل أمس الأول بينه وبين عدد من المطلوبين الذين أطلقوا النار عليه عقب توقيفه المدعو حسام الدايخ على خلفية تورطه برمي القنابل اليدوية التي هزت أمن التبانة حتى ساعات الفجر واستقر عددها على 12 قنبلة.

كما نفذ الجيش مداهمات في حي المهاجرين في جبل محسن وأوقف حسين ديب أحمد من «الحزب العربي الديموقراطي»، كما تم توقيف أحمد الميقاتي في أسواق طرابلس.

وصباحا أقدم عدد من الشبان على قطع الطرقات المؤدية الى الأسواق بالاطارات المشتعلة احتجاجا على توقيف الميقاتي، لكن الجيش سرعان ما أعاد فتح الطريق، ففتحت المحلات التجارية أبوابها كالمعتاد وشهدت المدينة حركة طبيعية.

وكثف الجيش من انتشاره في التبانة وجبل محسن ومحيطهما، وأقام حواجز ثابتة ومتنقلة من البحصاص الى الملولة بما في ذلك عمق المدينة، كما سير دوريات راجلة ومؤللة.

السابق
جيش الاحتلال ﻳﻨﻔﺬ ﺣﻤﻠﺔ ﺗﻤﺸﻴﻂ في كفرشوبا المحتلة
التالي
يسار AUB في 2014: السنديانة الحمراء ترث جبل عامل