المعتقلون في سوريا ملف من عمر الحرب لم يقفل

خلاصات كثيرة في ذكرى “حرب الاخرين” على ارض لبنان، وبواسطة اللبنانيين والتي اندلعت في 13 نيسان 1975، لكنها كلها في حساب واحد، وقضية المعتقلين في سوريا في حساب آخر، لماذا ؟ يعود السبب الى حبل سرّة سري لا يزال يربط عائلات المعتقلين واسراهم في هذه القضية، وثمة بصيص أمل بوجود احياء يمكن استعادة بعض منهم وإنقاذهم من ظلمة المعتقلات. وهذا الأمل لا ينبعث من العدم او من اللا شيء، بل يستند الى التجارب المريرة السابقة، حيث اثبتت الايام ان كل علامات النفي لوجود هذه القضية كانت تدحضها تجارب الافراج المتكررة سواء عن الاحياء من المعتقلين أو جثامين من قضوا منهم. وجاءت التقارير الاعلامية التي نشرت في وسائل الاعلام قبل فترة عن المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية لتؤكد صحة هواجس الاهالي ولجان المعتقلين ومنظمات حقوق الانسان، أن هناك من لا يقول الحقيقة في هذا الملف وان وراء الأكمة ما وراءها.

تجهد سلطات النظام السوري في انكار وجود لبنانيين لديها، وهذا دأبها منذ ان باشرت الجمعيات الاهلية العمل على هذا الملف وملاحقة تفاصيله، وعملت على تلقين مواليها في لبنان روايات تبرر الفعل السوري. لكن بينما كان الرئيس الياس الهراوي ينفي للاعلام وجود لبنانيين في السجون السورية، كان العشرات منهم يصلون الى نقطة المصنع في طريقهم الى لبنان (…). وتكرر الامر لاحقاً مرات ومرات في دلالة على مدى تبعية السلطات اللبنانية للوصاية السورية. بعد عام 2005 ادركت السلطات السورية ان لعبة الانكار ونفي وجود لبنانيين لديها لم تعد تجدي نفعاً، فعمدت الى تكتيك جديد تمثل في ضم لوائح المعتقلين الطويلة لديها الى لوائح الالاف من المفقودين خلال الحرب اللبنانية، وهكذا كان على اعضاء الفريق اللبناني في اللجنة اللبنانية – السورية المشتركة البحث في ملف المعتقلين ان يحملوا الملف تلو الاخر الى الجانب السوري، ليحصلوا على جواب واحد :”ليسوا لدينا بل لدى الميليشيات المتقاتلة في لبنان”.
وثقت لجنة العميد ابو أسماعيل ولجنة فؤاد السعد وعدنان عضوم وبعدها الوزير جان اوغاسبيان عشرات حالات الاعتقال بالوقائع والوثائق، وافردتها تحت باب “المعتقلون اللبنانيون في السجون السورية”، لكن رغم ذلك أصر الجانب السوري على رفض الوقائع جملة وتفصيلاً، يسانده في ذلك بعض الجمعيات الاهلية التي ارادت الحاق ملف المعتقلين مع ملف المفقودين كل لأسبابه وغرضياته الخاصة، ومنها ما جرى يوم ذهب أحد النواب ومعه جرافة وعدد من الناشطين الى اوتوستراد جبيل بحثاً عن مقبرة جماعية مزعومة للمعتقلين في سوريا، ليعودوا خائبين، لأن المعتقلين او جثثهم في تدمر وليست في جبيل.

نسيت رئيسة “لجنة عائلات المعتقلين في السجون السورية” فاطمة عبدالله الكثير من الامور الشخصية والخاصة لكنها لا تنسى ذكرى شقيقها علي، وكذلك ايلي شقيق بشارة روميه الذي اقتادته الاستخبارات السورية من منزله في رياق. وهو أيضاً حال عائلتي الراهبين الانطونيين شرفان وابي خليل اللذين “انشقت الارض وابتلعتهما” من دير القلعة في بيت مري دون ان يتركا اثراً. العسكري المتقاعد داني (…) يتحدث عن مجزرة ارتكبتها القوات السورية قرب الدير في حق الاسرى، واطلقت عليهم الرصاص والقنابل اليدوية، وان احداً لم ينج من تلك المجزرة. لكن محققي الجيش اللبناني وخبراء الادلة الجنائية لم يعثروا على دليل واحد يؤكد حصول المجزرة. وكذلك حدّث عن مجزرة ضهر الوحش. ولولا الصورة اليتمية التي التقطتها عدسة احد المصورين لشهيدين من الجيش على اعتاب كنيسة سيدة الحدث لأمكن الكلام عن احتراف في طمس عمليات الاعتقال والاعدام التعسفي التي نفذت، خصوصاً في 13 تشرين الاول 1990 وليس في 13 نيسان 1975.

تقول فاطمة عبدالله ان “الامر يحتاج الى الشجاعة من المسؤولين اللبنانيين الذين يتحملون مسؤولية طرح الملف بكل شجاعة مع المسؤولين السوريين ومواجهتهم بكل القرائن والادلة والمعطيات، والى الحكمة والترفع من المسؤولين السوريين الذين يجب ان يعملوا على اقفال هذا الملف بين البلدين ووضع الامور في نصابها وتحمل مسؤولية ما جرى وتحديد مصير كل المعتقلين، سواء اكانوا احياء أم امواتاً.

السابق
’إذاعة لبنان الحر’ احتفلت بعيدها الـ 35
التالي
ميقاتي يدعو ’حزب الله’ للانسحاب من سوريا