الشباب العرب بماذا يفكرون في 2014؟

أبدى الشباب العرب ثقة بحكوماتهم الوطنية، واعتبر الشباب العرب أن الصراعات الأهلية هي العقبة الكبرى التي تواجه المنطقة وارتفاع تكاليف المعيشة والبطالة يشكلان أكبر مصدر للقلق بالنسبة لهم في منطقة الشرق الأوسط، ويميل عدد متزايد من الشباب العرب اليوم إلى العمل في القطاع الخاص، وابدى هؤلاء قلقاً متزايداً إزاء قضايا الصحة، ويشعر غالبيتهم بأن قطاع الرعاية الصحية في بلادهم لا يتحسن بينما يتزايد القلق من مشاكل البدانة والسكري، وتأكد أنهم يتبنون القيم المعاصرة، ولكن التأثير الأكبر يبقى للعائلة والوالدين والدين، كما يعتقد 07% من الشباب العرب أن من حقهم الحصول على الدعم الحكومي لقطاعات الطاقة والكهرباء والبترول.

رداً على مطالبة الشباب العرب بتسمية البلد الذي يفضلون العيش فيه أكثر من غيره في العالم، وقع اختيار الشباب العرب مجدداً على دولة الامارات التي تقدمت على 20 بلداً، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية، وبريطانيا وفرنسا وألمانيا. وأعرب 2 من 5 أشخاص شملهم الاستطلاع عن تفضيلهم العيش في الإمارات، وهو ما يمثل تقريباً ضعف نسبة المشاركين الذين اختاروا الولايات المتحدة الأميركية، فيما جاءت المملكة العربية السعودية في المرتبة الثالثة متفوقةً على كل من فرنسا وقطر.
وانعكست هذه النتائج في “استطلاع أصداء بيرسون – مارستيلر السنوي السادس لرأي الشباب العرب”، حيث حل مواطنو دولة الامارات في المرتبة الأولى ضمن البلدان الـ16 المشاركة في الاستطلاع من حيث التفاؤل حيال مستقبل بلادهم، ووافق 7 من أصل كل 10 أشخاص (69%) على مقولة “أشعر بالتفاؤل حيال ما يخبئه المستقبل لبلادي”، وهذا يتجاوز أي مجموعة وطنية أخرى، ويشكل أكثر من نصف الشباب (55%) الذين تم استطلاع آرائهم عموماً.
وتم إجراء “استطلاع أصداء بيرسون – مارستيلر السنوي السادس لرأي الشباب العرب” بتفويض من شركة “أصداء بيرسون مارستيلر” وبواسطة “بين شوين آند بيرلاند” التي أجرت 3,500 مقابلة شخصية مع شبان وشابات عرب ينتمون للفئة العمرية بين 18 و24 عاماً.
ويعد هذا الاستطلاع الأكبر حتى الآن منذ انطلاقه في عام 2008، وقد رصد آراء الشباب العرب في 16 بلداً هي دول مجلس التعاون الخليجي الست (الإمارات، والسعودية، وقطر، والكويت، وعُمان، والبحرين)، والجزائر، والعراق، ومصر، والأردن، ولبنان، والمغرب، وتونس، وليبيا، واليمن، وفلسطين التي شملها الاستطلاع لمرة هذه السنة.
وعندما سئل المشاركون عن الحليف الأكبر لبلادهم، اختار الشباب العرب جيرانهم في دول مجلس التعاون الخليجي على القوى الغربية العظمى، ووضع الشباب العرب 4 من بلدان الخليج الست ضمن قائمة أكثر 5 حلفاء لبلادهم، فأشار أكثر من ثلثهم (٣٦%) إلى المملكة العربية السعودية بصفتها الداعم الأكبر لبلدانهم، تليها الإمارات العربية المتحدة (33%)، ثم قطر (25%)، فالكويت (25%). وتعد الولايات المتحدة الدولة الغربية الوحيدة التي تضمنتها قائمة الحلفاء الخمس الأفضل لبلدانهم بنسبة 22%.
وبحسب الاستطلاع، فإن أكثر من ثلثي شباب المنطقة (68%) واثقون «جداً» أو «إلى حد ما» بقدرة حكوماتهم على التعامل مع ارتفاع معدلات البطالة، في حين أبدت نسبة مماثلة تفاؤلها بقدرة هذه الحكومات على التعامل مع ظروف الحرب (67%) والارتقاء بمعايير المعيشة (66%). كما أوضح الاستطلاع ارتفاع مستوى ثقة الشباب بقدرة حكوماتهم على التعامل مع موضوع التغير السكاني (64%)، والاستقرار الاقتصادي (67%)، والإرهاب (61%).

مستويات التفاؤل
وبالرغم من ارتفاع مستوى التفاؤل، يبدو الشباب العرب أقل ثقة بإمكان حل القضايا طويلة الأمد، اذ قال أكثر من نصف الشباب (58%) إنهم ليسوا واثقين «جداً» أو «أبداً» بقدرة حكوماتهم على التعامل مع مسألة تكوين الثروات، في حين أبدت نسبة مماثلة تقريباً (57%) شكوكها حيال قدرة هذه الحكومات على التعامل مع القضايا البيئية.
وفي عام 2014، أعرب أكثر من نصف المشاركين بقليل فقط (54%) عن موافقتهم «بشدة» على مقولة «أعتقد أن العالم العربي بات أفضل في أعقاب ثورات الربيع العربي»، وهي نسبة منخفضة للغاية مقارنة مع بلوغها 70% في عام 2013، و72% في عام 2012.

ارتفاع تكاليف المعيشة

ويشير الاستطلاع إلى أن ارتفاع تكاليف المعيشة يعتبر أبرز المخاوف التي يواجهها الشباب العرب اليوم، ولاسيما مع ازدياد ضغوط التضخم الاقتصادي في المنطقة، والذي زاد بدوره من الحاجة إلى توفير حوافز حكومية.
وفي البلدان الـ16 التي شملها الاستطلاع، أبدى ما يزيد على 3 من أصل كل 5 أشخاص (63%) قلقهم إزاء ارتفاع تكاليف المعيشة. وينسجم ذلك مع نتائج الاعوام الثلاثة الماضية التي شهدت مستويات مماثلة تقريباً للمشاركين الذين قالوا إن تكاليف المعيشة تشكل مصدر قلق كبيرا لهم في عام 2013 (62%) وعام 2012 (63%)، وهي نسبة مرتفعة قليلاً عن عام 2011 الذي بلغت فيه 57%. ويبدو الشباب أكثر قلقاً حيال مسألة ارتفاع تكاليف المعيشة مقارنة مع اهتمامهم بقضايا اقتصادهم المحلي، وفرص تمكين المرأة، وخطر الإرهاب.
ويبدو الشباب في البحرين والمغرب الأكثر تخوفاً من ارتفاع تكاليف المعيشة (67%)، في حين تتساوى نسبة هذا التخوف بين شباب مصر والأردن والإمارات وعمان واليمن وفلسطين (تبلغ النسبة في جميع هذه البلدان 61%).
ومع ارتفاع معدلات البطالة في البلدان العربية، لا عجب أن يصنف الشباب العرب مشكلة البطالة في المرتبة الثانية على قائمة مخاوفهم. وساهمت زيادة الرواتب وملاءمة ساعات العمل في ميل معظم المواطنين إلى العمل في القطاع العام، ولكن ارتفاع عدد السكان تسبب بعجز العديد من الحكومات عن مواكبة الطلب على الوظائف الحكومية. وأعرب نحو نصف المشاركين (49%) عن قلقهم حيال موضوع البطالة ليشكل ذلك تنامياً مطرداً على مدار الأعوام الأربعة الماضية، اذ بلغت هذه النسبة 44% في عامي 2013 و2012، و42% في عام 2011، وذلك بالتوازي مع تنامي معدلات البطالة.
وتزداد مخاوف الشباب إزاء مشكلة البطالة بشكل أكبر في الدول غير الخليجية، حيث تسعى الحكومات جاهدة لتوفير فرص العمل لمواطنيها الذين تتزايد أعدادهم بشكل مستمر، وأشار 55% من شباب هذه البلدان إلى أنهم يعتبرون البطالة أبرز مخاوفهم. (اللبنانيون 54%).

قلق من السمنة والسكري
ويبدي الشباب العرب قلقاً متزايداً حيال السُّمنة والأمراض المرتبطة بنمط المعيشة، ولا يرون أي تحسّن في قطاع الرعاية الصحية لبلدانهم، وفيما تسعى منطقة الشرق الأوسط لاحتواء المعدلات المرتفعة من الأمراض المرتبطة بنمط المعيشة، تنامت مخاوف المزيد من الشباب العرب حيال المسائل الصحية. وللسنة الثانية، يشير المشاركون في الاستطلاع إلى السُّمنة باعتبارها القضية الصحية الأكثر إثارة للقلق؛ وقد أعرب أكثر من ربع الشباب العرب (26%) عن قلقهم إزاء مسألة زيادة الوزن مقارنةً مع الإصابة بالسكري والسرطان وأمراض القلب؛ ويمثل ذلك زيادة عن نسبة 12% المسجلة في عام 2013.
ووصف شباب العالم العربي مرض السكري باعتباره ثاني أكبر مخاوفهم الصحية، وأكد شخص واحد تقريباً من 6 مشاركين (17%) أن مرض السكري يشكل مصدر القلق الصحي الرئيسي بالنسبة إليهم، ويمثل ذلك زيادة عن نسبة 11% المسجلة عام 2013. كما ازدادت مخاوف الشباب العرب من مرض السرطان، وأشار 14% ممن شملهم الاستطلاع أن السرطان يشكل الهاجس الصحي الأكبر بالنسبة إليهم مع زيادة طفيفة على أساس سنوي.

تغير المناخ
تبدو المخاوف الخاصة بتغير المناخ منخفضةً في المنطقة. وعندما طلب من المشاركين في الاستطلاع تحديد التحدي الأكبر الذي يواجه منطقة الشرق الأوسط حاليا، جاء تغير المناخ والبيئة في ذيل القائمة التي ضمت 27 خياراً، واعتقد 6% فقط ممن شملهم الاستطلاع أن تغير المناخ يمثل التحدي الأكبر الذي يواجه المنطقة.
ولدى سؤالهم عن العقبة الأبرز التي تواجه منطقة الشرق الأوسط برأيهم، أجمع أكثر من نصف الشباب العرب (55%) على أن الصراعات الأهلية هي ما سيحدد قدرة المنطقة على تحقيق الازدهار مستقبلاً. وتظهر نتائج هذا العام ارتفاعاً ثابتاً لهذه النسبة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، حيث ارتفعت من 41% في عام 2012 لتصل إلى 44% في عام 2013.
وفي البلدان الـ16 التي شملها الاستطلاع، ترى نسبة كبيرة من الشباب العرب أن مسألة الافتقار إلى الديموقراطية تمثل ثاني أبرز العقبات التي تواجه المنطقة، ووصفها بذلك 2 من كل 5 مشاركين تقريباً (38%) لتنخفض من 43% في عام 2013، و41% في عام 2012.
وتشير نتائج السنوات القليلة الماضية إلى تحول كبير في أولويات الشباب العرب على هذا الصعيد. ففي عام 2009، أشار نحو 100% منهم في 6 دول مختلفة إلى أن العيش في بلد ديموقراطي هو مسألة مهمة «جداً» أو «إلى حد ما»، وهو ما جعلها أولوية تتقدم على مسألتي الأجور العادلة والعيش في بلد آمن.
ومع تراجع أهمية «العيش في بلد ديمقراطي» لديه، يزداد تركيز الشباب العرب على دور الحكومات في صنع الازدهار؛ حيث اعتبر 30% من المشاركين في الاستطلاع بأن الافتقار إلى القيادة القوية يحتل المرتبة الثالثة بين العوامل الأبرز التي تؤثر في قدرة المنطقة على تحقيق الازدهار، وقد ارتفعت هذه النسبة من 19% في عام 2013.
تزايدت أعداد الشباب العرب الذين يتوجهون إلى الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار للسنة السادسة، ويبقى التلفزيون المصدر الرئيسي للحصول على الأخبار بالنسبة لثلاثة أرباع الشباب العرب الذين شملهم الاستطلاع (75%). مما يعزز مكانته باعتباره الخيار الأكثر شعبية.
وتزايدت شعبية التلفزيون بشكل مطرد على مدى السنوات الثلاث الماضية بعدما بلغت ذروتها خلال ثورات الربيع العربي في عام 2011 (76%) بزيادة عن نسبة ٧٩% المسجلة في عام 2013 و62 % في عام 2012.
ورغم احتفاظ التلفزيون بمكانته على رأس قائمة المصادر الإخبارية، إلا أن عدداً متزايداً من الشباب العرب يتجهون للحصول على الأخبار من الإنترنت في ضوء نمو تقنيات الهواتف الذكية التي أنتجت جيلاً يواظب على استخدام الإنترنت على مدار الساعة.
وفيما يلجأ عدد أكبر من الشباب إلى استخدام الإنترنت للحصول على الأخبار، فإن عدد الذين يختارون قراءة الصحف آخذ في الانخفاض. وقد أشار 3 من أصل كل 5 أشخاص شاركوا في الاستطلاع (59 %) إلى أن الإنترنت هو منصتهم المفضلة للحصول على الأخبار، فيما اختار 3 من أصل كل 10 أشخاص (31%) الصحف للحصول عليها.
وفي حين يزداد تفضيل الشباب لوظائف القطاع الخاص بشكل ثابت في منطقة الخليج بفعل البرامج الحكوميّة الشاملة، ينحسر هذا التوجّه في البلدان غير الخليجيّة التي تعاني اقتصاداتها من الركود والانكماش، وتتزايد فيها صعوبة إيجاد وظائف في القطاع الخاص.
وقد ارتفع مستوى تفضيل الشباب لوظائف القطاع الخاص إلى 31 % في دول مجلس التعاون الخليجي مقارنةً مع 24% في العام الماضي و19% في عام 2012. وفي المقابل، ارتفعت نسبة تفضيل الوظائف الخاصة في البلدان غير الخليجيّة إلى 31 % في عام 2014 مقارنة مع 28% في عام 2012 و36 % في عام 2012.
ويعتبر معدل البطالة في منطقة الشرق الأوسط أعلى بمرتين من المستويات العالمية، وتتحمل أعباؤه النساء والشباب بشكل رئيسي؛ حيث أفادت «منظمة العمل الدوليّة» بانتشار البطالة بنسبة 28,1% بين الشباب و19,3% بين الإناث في منطقة الشرق الأوسط، في حين بلغ معدل البطالة ضمن جميع الفئات العمرية 11,3% العام الماضي.
وأشار «البنك الدولي» إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحتاج لتوفير 80 – 100 مليون فرصة عمل للمحافظة فقط على مستويات البطالة الحالية.

السابق
قطع السير على محول الاولي صيدا
التالي
كيف تبدو البشرية من الجو؟