حكي جردي: المجلس النيابي

الفراغ السياسي تجلى في مجلس النواب

الزواج عقد, كذلك الإيجار, عندما يخلّ المستأجر بشرط من شروط العقد كامتناعه عن دفع البدل المادي المتفق عليه لا يحق للمؤجر رميه خارجاً, ذلك من اختصاص المحاكم المدنية بعد رفع الأمر إليها, لا يحصل ذلك في حال الزواج وفق ما شرّع المجلس النيابي بالأمس, فالرجل – إذا امتنعت زوجته عن مجامعته بغض النظر عن أحوالها النفسية والصحية مثلاً – يملك الحق باعتلائها ساعة يشاء واستعمال الوسائل التي يراها مناسبة شرط أن لا يترك في جسمها آثار ضرب!!

بئس القوانين التي تستمد دونيّتها من شرائع وعادات مريضة, تلك التي لا تريد ارتفاعاً في هذه البلاد إلا لأفخاذ النساء.
**  **  **  **
هؤلاء النواب الذين حسبوا أن أمهاتهم وبناتهم وزوجاتهم إماء تباع في سوق النخاسة, ضحكاتهم وتصريحاتهم الساخرة التي تلت جلسة إقرار القانون المشؤومة إنما تدل على الوضاعة والدَرْك الذي وصلوا إليه.
**  **  **  **  **
بعض المناضلات “النسويات” لسن أكثر من رجال مهووسين مع وقف التنفيذ. يتجاهلن أن كل عنف يمارس ضد امرأة يخلق رجلاً مريضاً, ذكراً يدفع مدى الحياة ثمناً لما لم تزرعه يداه.
**  **  **  **
ما كان لبيروت أن تشتهر يوماً لولا النسيج السكاني المزركش الذي كانت عليه قبل الحرب اللبنانية, ذلك وفّر لها مروحة واسعة لاسيما في الاجتماع والثقافة والعمل. كانت ساحة البرج وأسواقها المحيطة قفير نحل وملاذاً يلجأ إليه الجميع مهما كان شأنه المادي, استوى في عيشها الفقير والغني, في ذلك كُتِبت سيرتها الجميلة التي ما تزال صورتها في البال والفنون وقصص المهمشين. مشروع سوليدير كان الطعنة الأولى في خاصرة حكايتها, أرادوا عبره الانتقام من مدينة لم تخذل فقراءها في الحياة. المجلس النيابي الذي شرّع ذلك في حينه قبل أقل من ربع قرن استكمل منذ أيام انتقامه من أم الشرائع وإن تغيّرت وجوه بعضه, قانون الإيجارات الذي أقرّه هدف إلى إخلاء 100 ألف مستأجر منها بهدف تحويلها إلى أبراج سكنية تليق بالمقاولين الجدد الذين حملتهم الحرب إلى سدة السلطة فوق دم الفقراء السُذّج.
النواب القادمون من الجنوب وعكار وبعلبك, الذين مددوا لنفسهم ومنعوا إقرار سلسلة الرتب والرواتب, رضخوا لإملاءات أسيادهم وتناسوا الفقر الذي يعيشه أهلهم, هم سطّروا فقرة بارزة في تاريخ الخيانة.
**  **  **  **
فجأة استطاعت القوى الأمنية أن توقف النزيف في طرابلس, هي التي عجزت عن ذلك خلال عشرين جولة من القتال جرت على امتداد السنوات الست الأخيرة. حوالي مئتي قتيل وآلاف الجرحى ومئات العائلات المنكوبة وكلفة تزيد عن مليار دولار هي النتائج المباشرة لحرب الآخرين هناك.
في اليوم التالي لذلك ذهب فقراء ومهمّشو باب التبانة ليلاقوا أهلهم وجيرانهم في بعل محسن, هم الأهل الذين وحّدهم عوزهم ثم فرقهم السياسيون. ما قاله البعض حول ما جرى هناك يؤكد ضلوع الجميع في الجريمة ووقوفهم وراءها. كذلك بعض الإعلام الذي لم يترك باب فتنة إلا وطرقه.
مهما يكن من أمر, يحق للناس هناك أن يرتاحوا في بعض عيشهم ولو كره الكارهون.
**  **  **  **
بئس الإعلام الذي لا يسعى إلى “تحسين” أوضاع مواجعنا ولا يكون “خيّاط” الجّراح.
**  **  **  **
في اواسط الشتاء يضع صياد الحجل شِراكه حول حجله الذكر السجين في محبسه, الأخير يطلق حنجرته في الفقدان, بقية الحجال الطليقة تكون حينها في مرحلة تناغم وتعارف تمهيدا للتزاوج, صوت المأسور يمثّل تهديداً لرجولتهم المزعومة, ينطلقون مسرعين صوب غريمهم القادم –وفق مخيلتهم المريضة- لسلبهم أنثاهم, فيقعون في الفخ. في أواسط الربيع تحضن الأنثى بيضها لايام عديدة, ينشر الصياد حبائل صيده حول “حجلته” المحبوسة التي تطلق حنجرتها في الضياع والغياب, يتناهى صوتها إلى مسامع الذكر الذي يفتقد أنثاه الجالسة لرعاية نسلهما, فينطلق سريعا لإشباع غريزته ويسقط في الخديعة.
في الحالين يقع الذكر فريسة نذالته في الشهوة.
السابق
سماع دوي 5 انفجارات في مزارع شبعا المحتلة
التالي
عندما تتحول الأخبار إلى نشرة هوليودية فاشلة