هل تنجح المساعي الدولية لاخراج لبنان من عين العاصفة السورية؟

لبنان

استند دبلوماسي شرقي متابع لأزمات المنطقة إلى التطورات الايجابية التي تشهدها الساحة المحلية، منذ أسابيع، للاعراب عن اعتقاده بنجاح المساعي الغربية المنطلقة من حاضرة الفاتيكان والمعممة على الدول الأوروبية والأميركية، بضرورة فصل الأزمة اللبنانية عن شقيقتها السورية بالرغم من صعوبة الأمر لدخول العالم بأسره على خط الأزمة الداخلية في سعي جدي لمقايضة الأوضاع في لبنان بالحلول المفترضة للأزمة السورية، وتعدد الولاءات المحورية بين كبار اللاعبين المهتمين بضمان مصالحهم الاستراتيجية على حساب لبنان، باعتباره صلة الوصل الجيوسياسي بين الدول المتصارعة على الأرض السورية وامتداداتها اللبنانية، فضلاً عن التعقيدات الناجمة عن عدم التزام لبنان بسياسة النأي بالنفس عن مشاكل المنطقة ما حوله إلى صندوق بريد لنقل الرسائل الساخنة.

ما عزز الواقع الجديد هو ما وصفه الدبلوماسي بالضوء الأخضر الروسي لفصل لبنان عن سوريا، ليس تضامناً مع هذا البلد المدرج على جدول الدول المتلقية وغير القادرة على المبادرة، مهما كانت صغيرة أو تكتيكية بسبب الانقسامات العامودية الحادة العاصفة بمكوناته السياسية والاجتماعية والطائفية، بل لضرورة تفرغها لادارة الأزمة الأوكرانية التي ما زالت في بداياتها من جهة والتركيز على المسار السوري من جهة ثانية، في ظل تشدد روسي متدرج صعوداً بعد المستجدات الأخيرة والدخول التركي المباشر على خط الميدان السوري ومحاولته الاقتراب من القواعد الروسية في المتوسط ما شكل الخط الأحمر أو القشة التي افاضت الكوب ودفعت إلى تطبيق تكتيكات جديدة منها تضييق مساحة أرض الصراع والتفرغ لاعادة جدولة سلم الأولويات.
في هذا السياق، يكشف عن مضمون تقارير دبوماسية واردة اليه من خارجية بلاده تعتبر أن لبنان لم يتجاوز بعد القطوع الكبير في ظل خشية من يكون الضوء الأخضر الذي حصل عليه ساري المفعول لفترة زمنية قصيرة ومحددة بانتهاء الوقت الاقليمي والدولي المستقطع، والمعني هنا بالاستحقاق الرئاسي أولاً، والوضع الأمني في البقاع ثانياً خصوصاً أن أي خطة أمنية من المرجح الا يلتزم بها المسلحون السوريون المتواجدون بكثرة في البقاع الشمالي، فضلاً عن الخطر الأمني من المخيمات الفلسطينية المتحولة تدريجاً إلى بؤر ارهابية وتكفيرية بعد موجة النزوح اليها، اضافة إلى عوامل اقليمية لا تبدو أقل أهمية أبرزها رفض “حزب الله” الإنسحاب من سوريا، وبالتالي البقاء على التشنج القائم بين المكونات السياسية المحلية، اضافة إلى عدم رغبة الدول الخليجية التي تمتلك الكثير من الأوراق اللبنانية بحرقها، في ظل كباش سياسي وسباق محموم على الاستئثار بمراكز النفوذ وتكبير حجم الأدوار، ناهيك عن التريث التركي بانتظار نتائج معركة شمال سوريا وما يمكن أن يسفر عنها من تداعيات على الوضع اللبناني و”حزب الله”، فتحويل هذه الجبهة إلى مادة استنزاف للنظام السوري ولـ”حزب الله” في آن  تشكل واحدا من العوامل التي ستنعكس على الداخل واستحقاقاته برمتها.
يختم الدبلوماسي بالاشارة إلى أن لبنان تحول إلى ورقة ضغط ومساومة تستفيد منها كل من السعودية وايران، فالأولى عازمة على مقايضته بمكاسب في الملف السوري وهذا لا يبدو ممكناً في الوقت الراهن، بينما الثانية ترى فيه قاعدة عسكرية غير معلنة لا يمكن التخلي عنها لا سياسياً ولا عسكرياً ما يبقي لبنان في عين العاصفة ويمنعه من الخروج منها ولو منهك القوى ومفلس سياسياً واقتصادياً.

السابق
طالبان هددت بقتل كل من يقترع في الإنتخابات الأفغانية
التالي
قتال عنيف في المليحة وقصف كسب