’تحرّش المحافظ’ إلى القضاء؟

سلكت قضية محافظ بيروت والشمال ناصيف قالوش، والمتعلقة بالشريط المسجل بالصوت والصورة الذي نشرته وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي عن ابتزازه مسؤولة مختبر الميناء التابع للبلدية هدى سنكري، مسارها القضائي.
فقد لجأ الطرفان إلى القضاء، فتقدمت سنكري بدعوى قضائية ضد قالوش تتهمه فيها بالابتزاز واستغلال السلطة والإخلال بالأخلاق العامة في مكان رسمي.
وتقدم قالوش بدعوى افتراء وفبركة وتشويه سمعة ضد سنكري وضد كل من يظهره التحقيق فاعلاً أو مشاركاً أو محرضاً.
وفي وقت يُسجل فيه الشريط نسبة مشاهدة عالية، أكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أنه اتخذ الإجراءات الإدارية المناسبة. وأشارت المعلومات إلى أن هذه الإجراءات تقضي بتجميد عمل المحافظ إلى حين انتهاء التحقيقات. وأوضح مصدر قانوني لـ«السفير» أن في إمكان وزير الداخلية إحالة قالوش إما إلى التفتيش المركزي والنيابة العامة، بل يمكنه تحويله إلى الجهتين نظراً لوجود مخالفة وظيفية وجرم جزائي. ولفت المصدر إلى أن «وقف وزير الداخلية قالوش عن العمل غير كافٍ إنما المطلوب محاكمته وإعطاؤه الحق في الدفاع عن نفسه».
فقد اختارت سنكري اللعب مع الكبار، فتخلّت عن خوفها وعما يمكن أن تتعرض له من تهديد وتشويه سمعة، هي ليست فتاة مغمورة في محيطها بل هي ناشطة اجتماعية ضمن عدد من الجمعيات، وقد ترشحت إلى الانتخابات النيابية في العام 2009 عن المقعد السني في طرابلس، بهدف إطلاق صرخة شبابية ضد «البوسطات السياسية» ومصادرة قرار المواطنين.
«لست خائفة، ولن أتراجع عن الدعوى التي قدّمتها، وما يحز في نفسي أن في لبنان لا مادة قانونية تعاقب على التحرش الجنسي الذي تعرضت له، وليس الابتزاز اللاأخلاقي، كما جاء في نص الدعوى التي قدمتها ضد المحافظ ناصيف قالوش»، تقول سنكري لـ«السفير».
تتحدث بلغة الواثقة التي تمتلك مستندات الإدانة. وتتمنى ألا تدخل السياسة في القضية فتشوه مضمونها، وتهدر الحق الذي «يجب أن يعلو ولا يُعلى عليه»، مؤكدة أنه حتى لو دخلت السياسة فإنها ستواجه وتناضل بعدما أوجدت أرضية نسائية واجتماعية داعمة لقضيتها، وذلك إلى حين الوصول إلى حقها.
تقول سنكري: «في 14 كانون الثاني 2014 قررت تسجيل الشريط للمحافظ، بعدما استنفدت كل الاتصالات والتوسلات والواسطات من أعلى المراجع ليوقع عقدي للسنة الحالية كمسؤولة للمختبر ويعيد النظر في راتبي المتدني. وقد أبلغت المحافظ قالوش مرات عدة أن الموظفة التي وقع عقدها لا تملك إذن مزاولة المهنة وليست حائزة شهادة الكولوكيوم، ما يهدد عمل المختبر وينعكس سلباً على المواطنين، لكنه أبلغني بكل هدوء أن الأمر آخر همّه، ولو اضطر إلى إقفال المختبر التابع لبلدية الميناء التي يتولى إدارتها بعد حل مجلسها البلدي».
تضيف: «عندها قررت الدخول في مغامرة تسجيل الشريط ونجحت في ذلك، بدأت اتصالاتي بسرية، وأبلغت من يعنيهم الأمر، وأوجدت أرضية داعمة لي، وشبكة أمان حولي مؤلفة من جمعيات نسائية، خصوصاً أنني كنت في حالة نفسية يُرثى لها، وتزامن ذلك مع تعرضي لوعكة صحية أقعدتني في منزلي نحو شهر، لكن ذلك زادني إصراراً ووضعني أمام تحدي مواجهة الظلم الذي تعرضت له، بأن أقدم نفسي قرباناً لتوقيع عقد عمل كان يأخذ مني جهداً استثنائياً للتحديث والتطوير وبراتب متدن جداً».
وتؤكد سنكري أنها مستعدة لمناظرة تلفزيونية لتأكيد حقها، وبأن يعرض شريطها المصور على كل اختصاصيي التحليل الجنائي وخبراء التزوير، مشددة على أنها متفائلة جداً بما صدر عن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، وبعدالة القضاء.
من جهته، نفى قالوش ما يتم تداوله جملة وتفصيلاً، مؤكداً أنه تعرّض لأسوأ محاولة ابتزاز وتشويه سمعة في حياته، وأن هذا الشريط وصله سابقاً «لكنه لم يعطه أي أهمية لأنه سخيف ومفبرك».
وشكلت قضية قالوش – سنكري مادة سجالية في المجتمع الطرابلسي الذي انقسم بين داعم للموظفة التي تعرضت للابتزاز الجنسي للحصول على تجديد عقدها، ووضع ذلك في إطار العنف الذي يمارس على المرأة واضطهادها بشتى الطرق والوسائل، ومطالب بكشف حقيقة ما حصل بسرعة قياسية، واتخاذ الإجراءات اللازمة والرادعة بحق من تثبت إدانته.

السابق
«تحالف حماية النساء» لسليمان: لن نقبل بقانون يشرّع الاغتصاب الزوجي
التالي
الجيش اللبناني داهم مخازن اسلحة في حي الاميركان في جبل محسن