انتهاء «وظيفة السلاح╗ في طرابلس يفتح باب الصراع الداخلي «المستقبلي»

جاء تطبيق الخطة الأمنية لمدينة طرابلس، والذي سبقه هروب منظَّم لـ”قادة محاور الاشتباكات”، ليؤكد أن الحوداث الدامية التي دارت في المدينة وأدت إلى ضرب بُنيتها الاجتماعية والاقتصادية ليست إلا امتداداً للحرب على سورية، وأن ليس لدى المجموعات المسلحة أي مشروع سياسي، فكانوا أشبه “بدمى صغيرة في لعبة إقليمية كبيرة انتهى دورهم عند الوصول إلى مرحلة محددة من هذه اللعبة ليس إلا”.

ويبدو أنه بعد نجاح الجيش السوري في ضبط الحدود الشمالية – الشرقية،  لا سيما غداة استعادة “قلعة الحصن”، أيقن الراعي الإقليمي للمجموعات المسلحة في عاصمة الشمال بنهاية وظيفتهم في مجال مساندة نظرائهم في سورية، على الصعيديْن البشري واللوجتسي، وبالتالي باتوا عبئاً عليه، وبدؤوا يتهددون وجود “تيار المستقبل” الذي يدور في الفلك السعودي، لا سيما في ضوء الخلاف بين الرياض والدوحة، التي استغلت بدورها بعض الخلايا المتطرفة في لبنان لتوظيفها في الصراع مع “المملكة”، من خلال تأليب المتطرفين على “المستقبل”، في محاولة لتقليص نفوذ الأخيرة في لبنان.
لا ريب أن خروج هؤلاء المسلحين عن الدور المنوط بهم أسهم في رفع الغطاء السعودي عنهم، عندها أعطت الحكومة اللبنانية “الضوء الأخضر” للجيش والقوى الأمنية بإزالة المظاهر المسلَّحة من مختلف شوارع طرابلس، وحقاً كانت بداية تطبيق الخطة الأمنية في مستهل هذا الأسبوع.
وما أدى أيضاً إلى تسريع تطبيق الخطة المذكورة، زيارة وزير الخارجية المصرية نبيل فهمي للبنان، وطلبه من المعنيّين ضرورة التصدي لكل أشكال التطرف في المنطقة، كذلك أبلغ فهمي من التقى بهم أن القاهرة ستعمل على إعادة وصل ما انقطع بين دول المنطقة فور انتهاء الانتخابات الرئاسية المصرية، حسب ما أكدت مصادر سياسية واسعة الاطلاع.
ولم تُبدِ المصادر أي مخاوف من فوز حزب “العدالة والتمنية” التركي في انتخابات المجالس المحلية الأخيرة، لأن ذلك لن يؤثر في مجرى الأحداث في المنطقة، ولن تكون له انعكاسات سلبية على الأوضاع في لبنان، وبالتالي التخوّف من دعم أنقرة للمجموعات المتطرفة في لبنان وسورية ليس في محله، خصوصاً في ضوء التقارب التركي – الإيراني، معتبرة أن الهجوم التكفيري – التركي الأخير على كسب في ريف اللاذقية له بُعده الداخلي تركياً، بهدف تحسين ظروف “العدالة والتمنية” في الانتخابات الأخيرة، “وحقاً هذا ما حدث، ففاز حزب أردوغان” تختم المصادر.
وبالعودة إلى مسألة انتهاء “وظيفة” مسلحي طرابلس، فلا شك أنها ستفتح باب الصراع الداخلي والمنافسة بين قيادي “المستقبل” والشمال، لا سيما بعد دخول الوزير أشرف ريفي على خط اللعبة السياسية بشكل رسمي هذه المرة، بعدما دخلها من الباب الأمني، من خلال احتواء “قادة المحاور” ودعمهم في جولات القتال العشرين في عاصمة الشمال، أما اليوم فتخلى عنهم بعد انتهاء مهمتهم، ويسعى وزير العدل كغيره من مسؤولي “التيار الأزرق” لتحسين ظروفه وتقوية أوراقه السياسية في المرحلة المقبلة، التي ربما قد تشهد تسويات إقليمية، إضافة إلى التسوية الداخلية التي أدت إلى ولادة “حكومة فك الاشتباك”.

السابق
ثلاثة خيارات أميركية في الاستحقاق الرئاسي
التالي
متطرفون يهود إقتحموا قبر النبي يوسف في الضفة