حماية الأسرة خطوة إلى الأمام.. ولكن

انتزع المجتمع المدني بإقرار المجلس النيابي، أمس، قانون «حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف»، مكسباً متواضعاً على طريق حماية النساء من العنف الأسري، ولو أن الإنجاز كان ناقصاً كثيراً نتيجة عدم أخذ النواب بملاحظات التحالف الوطني لتشريع حماية النساء من العنف الأسري، على الصيغة النهائية لمشروع القانون.

وقد تباينت مواقف المجتمع المدني بين مرحّب بما أنجز على طريقة «خذ وطالب»، وبين رافض، وعلى رأس هؤلاء منظمة «كفى»، لكون التعديلات تنسف جوهر القانون ولا تؤمن الحماية المرجوة.
النواب، وفق منظمة «كفى» ومعها التحالف، شملوا الأسرة كلها بالقانون، ما أطاح بالفلسفة الحمائية الخاصة بالنساء المعنفات من أساسه. جرّموا الأذى الناتج عن الاغتصاب الزوجي وليس الفعل بحد ذاته، وكرسوا «الحقوق الزوجية» بالجماع للمرة الأولى في قانون مدني، بعدما كانت محصورة بالتفسير الديني.
أيضاً ربط النواب، من خلال القانون، حماية أطفال المرأة المعنفة، بسن الحضانة وفقاً لقوانين 18 طائفة في البلاد، ومنحوا صلاحية استصدار قرار الحماية بقاضي التحقيق وليس بالنيابة العامة، ما يعيق حصوله في أيام العطل والأعياد. الأهم أن التعديلات قد راعت قوانين الأحوال الشخصية والأديان، وبالتالي حاول المجلس النيابي تجميل صورته أمام الرأي العام بانخراطه في حماية النساء المعنفات من جهة، وعدم معاداة مصالح الطوائف، من جهة ثانية.
في المقابل، يعتبر النواب، وخصوصاً أعضاء اللجنة الفرعية، أنهم توصلوا إلى «قانون مثالي» في ظل الظروف المتاحة وخصوصاً معارضة المرجعيات الدينية، لمعظم بنود القانون. ويؤكد أحد النواب أن تجريم الاغتصاب الزوجي قد تم وفقاً لروحية القانون الفرنسي، وأنه جرى تجريم التهديد لاستيفاء «الحق بالجماع» أيضاً وليس الاغتصاب فقط.
وزاد عدم إيفاء 71 نائباً، على الأقل، بتعهداتهم للمجتمع المدني بتأييد التعديلات في جلسة الأمس، من شعور المعترضين على القانون بالخيبة مما حصل، إذ لم يثر أي منهم الملاحظات على مشروع القانون في الجلسة، ليقتصر النقاش على مطالعة قدمها النائب علي عمار ودافع فيها عن التعديلات، فيما منع رئيس المجلس نبيه بري النائب سيمون أبي رميا من قراءة مذكرة «كفى» لأن المجلس «لا يشرّع تحت الضغط».
واكتفى نواب من كتلتي «القوات» و«الإصلاح والتغيير» بإبداء تحفظاتهم خارج قاعة الهيئة العامة بعد التصويت وببيانات مطبوعة سلفاً (النائب ستريدا جعجع)، معتبرين الخطوة «إنجازاً».
وبرغم تنظيم «كفى» عصر أمس اعتصاماً احتجاجياً ضد ما حصل في مجلس النواب، تداعى ناشطون مدنيون إلى اجتماع، لم يحدّد موعده، لدرس الخطوات المقبلة.
وغصت وسائل التواصل الاجتماعي أمس بردود الفعل السلبية تجاه إقرار القانون. واعتبر النشطاء أن قانون العقوبات يعاقب على قتل النساء الذي استشرى مؤخراً، وأن المطلوب كان تجريم العنف الأسري الذي يتراكم ليصل إلى القتل، وتأمين إجراءات حماية للنساء المعنفات تتيح لهن عدم الصمت على ما يتعرضن له، وهو ما لم يحصل(.

السابق
جريح بحادث اصطدام بين شاحنة وسيارة على جادة الاسد
التالي
متطوعو الدفاع المدني قطعوا طريق الكولا