خيارات بكركي: المرشّحون الأربعة… لكن الرئيس خامسٌ

يكاد استحقاق 2014 يكون بين يدي بكركي في المرحلة الحاضرة. رئيس المجلس نبيه بري يتريّث في توجيه الدعوة الى جلسة الانتخاب قبل اتضاح خيارات الافرقاء واستعدادهم لتأمين نصاب الانعقاد، قوى 8 و14 آذار تتفرّج بصمت على المرشحين الاربعة يستعجلون الفوز قبل ان ترشحهم

يتوخّى الدخول المباشر لبكركي على خط الانتخابات الرئاسية وجمع الزعماء الموارنة الاربعة وضع المبادرة بين يديها، كي تشكّل مرجعية الاحتكام لدى بلوغ الخيار النهائي للاستحقاق. ذاك ما رمى اليه بيان اللجنة السياسية المنبثقة منها والمحصورة الدور بالاستحقاق في 23 آذار، ثم اجتماع ثلاثة من الزعماء بعد تغيّب رابعهم في 28 آذار. ليس الاستحقاق الاول يجتمع الاقطاب تارة، وممثلو أحزابهم طوراً في ظل بكركي، وكانوا في ما مضى، في الاشهر التي سبقت التمديد لمجلس النواب في ايار 2012، ناقشوا وضع قانون جديد للانتخاب يحمي المناصفة ويوفر ضمّاناتها وحرية التصويت المسيحي. اكبّت اللجنة لاستراتيجية الام على عملها مذذاك لتحضير اوراق في اللامركزية والحياد والدور المسيحي في الشرق وصولاً الى الاستحقاق الرئاسي الذي نيط باللجنة المحدثة.
على مرّ ستة اشهر عقدت اللجنة السياسية ثمانية اجتماعات مثل فيها الوزير السابق سليم جريصاتي الرئيس ميشال عون، والوزير سجعان قزي الرئيس امين الجميل، والوزير السابق يوسف سعادة النائب سليمان فرنجيه، والنائب ايلي كيروز ثم النائب انطوان زهرا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. ضمّت اللجنة، ايضاً، النائب والوزير السابق ايلي الفرزلي والوزير السابق روجيه ديب والسفير عبدالله بوحبيب والاب سليم دكاش، الى المطران سمير مظلوم. دعي النائب السابق فارس سعيد الى عضويتها فرفض. حضر كيروز اجتماعين وتغيب عن اثنين آخرين، وآثر الصمت في الاجتماعات الاخرى. ابلغ زهرة الى المجتمعين فور انضمامه اليها ان لديه تعليمات بالاستماع اكثر منه التحدث، قبل ان ينخرط في ما بعد في المناقشات ودقائقها.
في اجتماعاتها الاخيرة، ناقشت اللجنة مواصفات الرئيس المقبل وتطورات المرحلة المقبلة المواكبة لانتخابه داخلياً واقليمياً، وانتهت الى تحديد ثوابت أقرّها بعد ايام اجتماع الزعماء الثلاثة ــــ ووافق عليها رابعهم ــــ تناولت مواصفات الرئيس الجديد. بيد انها أخفقت في التفاهم على آليات الترشيح والانسحاب والخيار البديل في ضوء كمّ من الاقتراحات تناولت الآلية تلك، وقد أوحى كل من الزعماء ــــ المرشحين الاربعة بأنه يفضّل إدارة معركته على طريقته. وأبرزت الآليات المقترحة بضعة افكار منها:
أولها، اتفاق الزعماء الاربعة في حضور البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على مرشح واحد يدعمونه قبل الوصول الى مجلس النواب.
ثانيها، يقتضي ان يدعم المرشحون الذين لم يتمكّنوا من نيل غالبية الثلثين في الدورة الاولى من الاقتراع، المرشّحين الاثنين اللذين يكونان قد حازا النسبة الاعلى من الاصوات في الدورة الاولى كي يفوز احدهما بالغالبية المطلقة في الدورة الثانية.
ثالثها مكمل للاقتراح الثاني الذي يترك لمن لم يحز غالبية الثلثين في الدورة الاولى الاستمرار الى الدورة الثانية. فاما يفوز بالغالبية المطلقة او ينسحب المرشحون الآخرون للمرشحين الاثنين اللذين حازا النسبة الاعلى من الاصوات كي يذهبا الى دورة ثالثة من الاقتراع. في حال لم ينل أي من المرشحين الغالبية المطلقة في الدورة الثالثة يعود الاقطاب الاربعة الى التداول في الخطوة التالية لجلسة اخرى للانتخاب يعقدها مجلس النواب في ما بعد.
في ظل ادارة مباشرة للبطريرك الماروني، في موقع الوسط بين مرشحي قوى 8 آذار ومرشحي قوى 14 آذار ممن يتحدثون عن مواصفات «الرئيس القوي» ويستبعدون سواهم، توصل الزعماء الاربعة المتنافسون الى قاعدة رئيسية سلّمت بدور بكركي اولاً في الاحتكام والكلمة الفصل قبل الوصول الى مجلس النواب، وترشيحهم جميعاً تالياً. قالت هذه القاعدة، ويوافقهم البطريرك، ان استعادة الدور المسيحي في الدولة والمشاركة الفعلية في الحكم لا يحققها الا احد المرشحين «الاقوياء» الاربعة هؤلاء. ليسوا افضل من سواهم ولا اكفأهم. الا انهم ينبثقون جميعاً من قواعد شعبية متينة، تتيح لكل منهم قيادة الرئاسة الى توازن حقيقي في النظام وممارسة السلطة والدور في آن يفتقده مذ وضع اتفاق الطائف موضع التطبيق. وشأن تمسكها بالاتفاق كتسوية ابرمها اللبنانيون، تعوّل بكركي على اهمية فرض قاعدة المشاركة في الحكم تلك عشية مئوية «لبنان الكبير» مع رئيس جديد تنتهي ولايته وقتذاك.
الا ان بضعة معطيات تحوط باجتماعات بكركي:
1 ــــ الزعماء الاربعة مرشحون لاستحقاق 2014. لا احد يفكر في الانسحاب للآخر قبل بلوغ الدورة الاولى من الاقتراع على الاقل. ومن غير المؤكد انه سيفعل. لا احد من بينهم يظن ان لسواه حظاً يتقدم حظه. كل منهم يعدّ نفسه «الرئيس القوي» وذا شعبية، قادرا على استعادة الدور المسيحي وترسيخه وضمان المشاركة الجدية. هم بذلك يدورون في فلك (Plan A)، ومفاده ان كلاً منهم هو مَن سيصل. لكن ليس بين ايديهم حتى الآن (Plan B) متى وجدوا انفسهم امام مأزق استبعادهم جميعاً، وتعذر انتخاب اي منهم من الدورة الاولى او تلك التي تليها.
2 ــــ تتحدث بكركي باستمرار عن الحاحها على «الدورة الاولى» ــــ والمقصود هو الجلسة الاولى ــــ لانتخاب الرئيس في المهلة الدستورية، تحدوها على ذلك مطالبة البطريرك رئيس المجلس نبيه بري بتوجيه الدعوة الى الجلسة الاولى منذ مطلع المهلة الدستورية تحوطاً. تبعا لذلك ليس بين الزعماء الاربعة مَن يتوهم انه سينتخب رئيسا من الدورة الاولى من الاقتراع، بغالبية ثلثي مجلس النواب، ويراهن على مقدرته على الفوز من الدورة الثانية بالاكثرية المطلقة. لم يتردد البطريرك في تأييد ترشيح الزعماء الاربعة للدورة الاولى، وهو يتوقع عدم فوز اي منهم بسبب انتماء هذا المرشح او ذاك الى فريق مناوىء للآخر، ولن يحظى تالياً بأصوات تكتلي 8 و14 آذار على السواء. بيد انه يدعم في المقابل ضرورة الانتقال الى الدورة الثانية من الاقتراع، او الدورة الثالثة اذا اقتضى الامر، وتفاهمهم العلني او الضمني من ضمن مناورات يحتمها في نهاية المطاف انتخاب رئيس واحد للجمهورية.
3 ــــ لا يُسقط فشل بلوغ اي من الزعماء الاربعة الرئاسة احتمال البحث عن مرشح خامس يتفق المسيحيون عليه. ورغم ان من المبكر الخوض في هذا الخيار الذي يعكس سلفاً تكهنا بأن ايا من المرشحين «الاقوياء» لن ينتخب، الا ان الخوض في مرشح خامس يقتضي ان يحظى بموافقة الاربعة ومباركة البطريرك ترجمة للتشبّث بارادة اختيار المسيحيين مرشحهم، وابقاء المبادرة لديهم.

السابق
الجيش يتدخل لمنع المياومين من الوصول الى رياض الصلح
التالي
قنصل غينيا بلبنان:لا يوجد أي لبناني بمنطقة إنتشار جرثومة إيبولا بغينيا