بين العراق وشبه جزيرة القرم

في حديثه في بروكسل، قبل أيام، أعرب الرئيس الأميركي باراك أوباما عن موقف مبدئي وقوي ضد تآمر روسيا في شبه جزيرة القرم وأوكرانيا. وتحدث في بلاغة عن تاريخ أوروبا وحركات الاستقلال فيها، وعن دور ما كنا نطلق عليه «الغرب» مقابل الديكتاتورية السوفياتية والهيمنة والتوسع.
وقال الرئيس أوباما «إن روسيا تتحدى الآن حقائق كانت قبل أسابيع قليلة واضحة وبينة، وإنه لا يمكن إعادة رسم حدود أوروبا في القرن الحادي والعشرين بالقوة، فالقانون الدولي له دور مهم، وإن الشعوب والأمم هي التي تقرر مستقبلها».
وأكد أوباما، في ما يعتبر صائبا، أن الولايات المتحدة ستقف إلى جانب حلفائها في الناتو ضد أي تحركات عسكرية قد تقوم بها روسيا ضدهم (على الرغم من أنه من الصعب تصور حدوث ذلك). كما عبر عن تفاؤله، الذي أخشى أن يُفهم في غير موضعه، أن دول الناتو ستتحمل نصيبها من عبء الدفاع عن النفس.
لكن حديث الرئيس أوباما خرج عن المسار عندما دافع عن الحرب في العراق، التي كان عارضها في البداية، والتي بدأتها الإدارة السابقة بناء على معلومات استخبارية زائفة، وغلّبت دعاوى التهديد ضد الولايات المتحدة وحلفائها (لا يختلف ذلك كثيرا عن الادعاءات الزائفة التي قال أوباما إن الرئيس االروسي فيلادمير بوتين قام بها، في ما يتعلق بالتهديدات ضد الروس والمتحدثين باللغة الروسية في أوكرانيا). وقال «وصفت روسيا قرار الولايات المتحدة بخوض الحرب في العراق بأنه مثال على النفاق الغربي». وأضاف «صحيح أن حرب العراق كانت مثار جدل قوي، ليس فقط في بقية أنحاء العالم ولكن في الولايات المتحدة أيضا. لقد شاركت في ذلك الجدل وتلك المناظرات وعارضت التدخل العسكري هناك».
التدخل؟ إن الكلمة الصحيحة هي «الغزو». نقاش قوي؟ ذلك تصريح يقل عن الحقيقة بشكل مدهش وكبير. وواصل أوباما حديثه «ولكن حتى في العراق سعت الولايات المتحدة إلى العمل مع النظام الدولي. لم نطالب بالعراق، ولم نضم أراضيه، ولم نستولَ على موارده لمنفعتنا الخاصة. لكننا بدلا عن ذلك أنهينا حربنا وتركنا العراق لشعبه في دولة عراقية كاملة السيادة قادرة على اتخاذ القرارات المتعلقة بمستقبلها».
كان من الأفضل لأوباما ألا يذكر العراق على الإطلاق.

السابق
روسيا ماذا بعد القرم؟
التالي
سورية بعد 3 سنوات من الرعب لا بد للغرب محب السلام أن يفسر