هادي قصب قتلوه لسرقة أبحاثه

هادي صائب قصب العاِلم، زرع السنبلة التي امتصت أميركا جناها… وقتلته. كانت أحلامه باهظة الثمن، أدت الى اغتياله، لم يكن في المكان الذي يستطيع فيه تحويل احلامه واقعاً، ليس فقط في بلده، والمسؤولون في لبنان، لم يعنهم شيئاً ما حدث له، ولكن الغرابة اكثر أن احلامه لم يستطع تحويلها واقعاً حتى في البلد الذي تكبر اسطورته انه حاضن للمبدعين والمخترعين، وهادي احدهم.

هادي الذي تخصص في صناعة محركات الطائرات، كان قد قدم ابحاثاً نشرت في المجلات العلمية، وبرهن فيها امام اساتذته، كذلك شرحها بين زملاء له يدرسون معه بامكانية خفض الضجيج والاشعة التي تحدثها الطائرات النفاثة، النام عن احتكاك الهوءا بالمحركات، مما يؤثر في استهلاك الوقود، وبالتالي سرعة الطائرة. الضجيج الذي تسببه الدوامات الهوائية على الاجنحة، وبالتالي تحددت الحصيلة عن امكان خفض ليس الضجيج، فحسب، انما ايضا انخفاض استهلاك الوقود بنسبة تتجاوز الـ60%، كذلك رفع فاعلية أداء المحركات مما ينعكس على زيادة سرعة الطائرة.
اغتيل هادي صعقاً بالكهرباء، كما بدت على جسمه أثار تعذيب وقد يكون السبب الاساسي لسرقة ابحاثه. امتصت اميركا عقل هادي، وستقدم الذين قتلوه لاخذ براءة بالمخترعات التي كان من المفترض ان تسجل باسم هادي.
ذهب هادي الى المكان الذي اعتقد ان معاهده يمكن ان يتدرب فيها على اساليب حياة جديدة، خصوصا ان لاميركا رائحة زكية عند الكثير من النخب المهووسة “بالديموقراطية” الاميركية… وصائب، أبو هادي – كذلك دلال البزري – والدة هادي، كانا مقتنعين بهذه الكذبة او الاسطورة، وهما اقتنعا ايضا بأن يحقق اولادهما ما لم يستطيعا هما تحقيقه، فصائب ودلال هما الحاضر الماضي – وهادي هو الحاضر المستقبل.
الاجيال الجديدة لا تطير بمروحة فقط، ولكنها تطير بعقول مكهربة، كما لمح الى ذلك يوما جورج شحادة. امتصت مراكز الأبحاث والمعاهد الاميركية عقول الملايين من العلماء العرب وغيرهم، ولكن ماذا استفادت الدول العربية من عقول وابداعات هؤلاء العلماء؟ فيما المطلوب عربيا ايجاد قاعدة بل قواعد صناعية وعلمية يستطيع هؤلاء العلماء توظيف خبراتهم فيها…
ان مهمة مراكز الابحاث الاميركية امتصاص العقول الناضجة علمياً، وبعد ذلك التصفية الجسدية للبعض ممن لا يمكن الوثوق بطواعيتهم، أو تدجينهم… وهادي المغدور كان يعتقد ان البشر في اميركا لا يموتون، فكيف بالعلماء، فقط، الاميركي يموت خارج اميركا حيث الارهاب، اما في اميركا فهناك الامان والقوانين التي تحمي الاستقرار، خصوصا للعلماء الذين قتلوا هادي!!
هادي أراد مواجهة المدافع والصواريخ الموجهة، التي تقتل شعبه، بمدافع من نوع آخر، مدافع يساهم اصحابها بحماية السنبلة التي تعطينا غذاء أبدياً للحياة، والشجرة التي تزودنا ثمرة الحياة الأبدية.
وكفرشوبا بلدة هادي كانت المكان المستحيل، وأهل صائب ممن نفاهم جيران لا يحملون لجيرانهم الا القنابل والصواريخ، هذه وتلك التي تدمر البيوت وتقتل السكان وتشردهم، وعائلة صائب واحدة ليست وحيدة من المهجرين المنفيين، من العدو الصهيوني لا اليهودي، التي تحمي اميركا عدوانيته وشرعيته.
اذا كان صائب اراد المواءمة بين مكانين، صيدا التي نزح اليها، وبلدته التي تهجر منها، فهو في كلتا الحالتين كان منفياً. وهادي هو نتاج هذه المزاوجة والولادة القاصرة، وهل من أحاديث كان قد أبدى فيها هادي ما يعيشه بلده، قد حصلت مع زملاء له، أو مع أساتذته من مسببات اغتياله؟ وقد تكون فسرت تلك الاحاديث على غير ما يقصده هادي. وقد يكون هادي حاول أن يوائم بين مصالح وطنه وقوميته اللبنانية العربية، وبين البلد الذي يشرع مكاناً لقدره الجديد، والقدر هو اللاعب الاكبر، خصوصا ان هناك ارادة مخفية تلعب فينا وبمصائرنا دون علم منا، وان كانت بعلم من مسؤولينا الحاكمين. القطبة المخفية استقبال المفاجآت غير السارة، وهذا هو حال صائب ودلال، والتلميذ سلطان، فكيف اذا كان هذا التلميذ هادي قصب الذي اراد والداه تحويل المعارك الحمراء، الى معارك خضراء، بذلك فقط ستكون حياتنا جميلة وجميلة جداً.

السابق
فادي إبرهيم يهاجر الى استراليا
التالي
قاسم اسطنبولي يعيد المسرح إلى صور