لاجئو مخيم كترمايا: كنّا أصحاب بيوت.. صرنا بلا أكل

لاجئون سوريون
هم ليسوا من البدو اوالعرب الرحل، إنهم لاجئون سوريون هربوا من الحرب المشتعلة في وطنهم بحثاً عن الأمن و الأمان.منهم من ترك منزله خوفاً على حياته وحياة عائلته ومنهم من أجبر على تركه أو دمّر أصلا، آملين أن يجدوا سقفاً يأويهم في لبنان. لكنّ خسارتهم أموالهم وأملاكهم في الحرب أوصلتهم الى لبنان، الى تحت خط الفقر فلم يجدوا غير المخيمات تأويهم. "جنوبية" زارت "مخيم كترمايا" في إقليم الخروب، الذي يفتقد الى الحدّ الأدنى من مستلزمات الحياة الكريمة.

في المخيم يعيش نحو 300 شخص أغلبهم من النساء و الأطفال في 45 خيمة. للمخيم نساء تطبخن الطعام على “الوقيدة” ورجال يجمعون الحطب. منهم من يأخذ استراحة لتناول فنجان قهوة تحت اشعة شمس الشتاء وأولاد يلهون ويلعبون، والضحكة مرسومة على وجوههم. تأقلموا حتّى باتوا يضحكون. إذ أنّ الذين في مثل وضعهم لا يضحكون. أو ربما يظنّ الناظر إليهم أنّهم كانوا يعيشون هذه الحياة البسيطة من حيث أتوا. لكن عند الإقتراب أكثر وسؤالهم عن حالهم نتعرف الى معاناتهم أكثر: ” نحنا ولاد عزّ كنّا أصحاب بيوت وممتلكات. كنا نعيش برفاهية. خسرنا كل شيء في الحرب وهربنا الى لبنان”، تقول لطيفة، وتضيف، هي العروس الجديدة التي تبلغ من العمر عشرين عاماً والتي كان من المفترض أن تكون في شهر العسل تمضي أجمل أيامها الزوجية: “الأمل هون مقطوع، ما في إلا الأكل و الشرب. تيابي متل الختايرة ما بقى فيني طلّع بالمرايا عم حس كأنو عمري 50 سنة بسبب حياتنا بالمخيم ،حتى النوم انحرمت منّو”، وتنهي حديثها: “مبارح (أمس) أمضيت الليل وأنا واقفة على الكرسي بسبب الفئران”.
ومن العروس الجديدة الى الأم المفجوعة التي لا تفارق خيمتها ولا تختلط بالناس حزنا على أطفالها الخمسة وزوجها، الذين فقدتهم في قذيفة دخلت الغرفة التي كانوا نائمين داخلها: “الله نجّاني أنا وأبني الصغير وهربنا لعند بنتي وزوجها”. حرقتها على أولادها لاتنسيها مرارة وضعهم في المخيم: “جيت لقيت بنتي وأحفادي عايشين بالذلّ. مننطر المساعدات حتى ناكل”.
يحاول سكان المخيم تدبير أمورهم بانتظار العودة القريبة الى منازلهم. فالخيمة الواحدة التي لا تزيد مساحتها عن 16 مترا مربعا تأوي عائلة مكوّنة من 7 أفراد على الأقلّ، يفترشونها بالفرش الاسفنجية وفوقها النايلون بسبب تسرب المياه الى داخل الخيم. يمضون نهارهم في الشمس التي لا تشعرهم ببرد الشتاء وفي الليل يشعلون “الصوبية” التي صنعوها من “التنك والداخون والحطب” لكي يتدفأوا، لكن عند اشتداد حدة الأمطار تصبح هذه الخيمة بركة مياه.
ومع كل معاناتهم فهم لا ينسون فضل من آواهم وقدم لهم أرضه ويحاول مساعدتهم بقدر إمكانياته. وهم يحصلون على مساعدات من الجمعيات الاهلية في المنطقة ومن مؤسسات الأمم المتحدة .
يقول الناشط علي طافش لـ”جنوبية”: “بدأت فكرة المخيم عندما ازداد عدد اللاجئين ولم نعد نستطيع تأمين منازل لهم. فاقترحت عليهم فكرة نصب الخيم في أرضي. رحّبوا بالفكرة وكان همهم عدم العودة الى سوريا خوفاً على حياتهم. وبدأت بجمع المساعدات من تيار المستقبل ومن الجمعيات الدينية في المنطقة كلٌ على قدر إمكانياته. الجزء الأكبر كان من الأمم المتحدة وكله بدون مقابل ولكن يبقى النقص كبيرا لأنّ أعداد النازحين تداد كلما مرّ الوقت ونحن بحاجة الى دعم أكبر”.
ويختم كلامه معنا: “مثلا طلبنا “إطفائية” منذ أكثر من شهرين ونحن بحاجة ماسة لها ولم نحصل على واحدة حتى الآن”.

السابق
درباس: المرحلة خطيرة وتستوجب من الجميع اليقظة والانتباه
التالي
أنطوان أندراوس : نعوّل على مواقف المملكة الداعمة للبنان