الرئيس بري – أبو الزلف شي فاشل

نبيه بري
لم يبقّ "إبن مرا" في لبنان إلا وطالب بإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها. وما كثرة تأكيد ما يجب أن يكون مؤكّدا إلا من أجل التستّر على واقع مخفيّ. تماما كما جاء في مسرحية زياد الرحباني "شي فاشل"، كما في حوار زياد مع أبو الزلف عندما سأله الأخير: "لشو بكلّ رواية بدك تقول كلنا اخوة؟ إذا كلكن إخوة شوفي لزوم تضل تقولا؟".

مع اقتراب موعد الاستحقاق الرئاسي لم يبق مسؤول لبناني، أو حتّى متعاطٍ بالشأن العام، صغيرا كان او كبيرا، صاحب قرار أو مجرد متلقٍّ، رئيس كتلة نيابية أو نائب، مستقلا أو غير مستقل، كلّ هؤلاء فضلا عن رجال الدين من على منابر مساجدهم أو مذابح كنائسهم ومعهم كل ما الله خلق من مصادر مقرّبة أو إعلاميين نافذين، ومطّلعين على مطابخ القرار محليين واقليمين وحتّى دوليين.. لم يبقَ أحد من كلّ هؤلاء وأولئك إلا وعبّر عن إصرار واضح لا لبث فيه على “إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها”، ورفضه التام لأيّ تمديد أو فراغ أو تسوية.

أمام هذا البحر الهادر من التصريحات اليومية التي شنّفت آذان اللبنانيين، كان مفاجئا موقف الرئيس نبيه بري، الذي بات وحده يملك حصرية ترجمة حقيقة هذا الكم من “الأقوال والتصريحات”، وتجسيدها كأمر عملي واقع. خصوصا أنّنا دخلنا في المهلة الدستورية بعد 25 آذار. لأنّ السياق الطبيعي للامور كان يفرض عليه تحديد موعد لجلسة انتخاب الرئيس ووضع الجميع امام مسؤولياتهم، والاخذ بيد اللبنانيين إلى مرحلة جديدة من خلال انتخاب سلس لانتاج رئيسهم، بدل ما اقدم عليه من خطوة قد تبدو للوهلة الاولى غير مفهومة وغير مستساغة بتشكيل “لجنة” من “كتلة التنمية والتحرير” للشروع في الاتصالات لتأمين انعقاد هذه الجلسة!

خطوة الرئيس بري هذه يمكن تفسيرها على أنّها رغبة شخصية منه لفتح الابواب على مصراعيها أمام رياح التدخلات على أنواعها للتأثير على أشرعة سفينة الاستحقاق لأخذه كما يشتهي هو وفريقه صوب مرفأ التسوية وإبعاده عن شاطئ الانتخابات. فيما يرى البعض، وكاتب هذه السطور منهم، أنّ الرئيس بري، وهو العارف الالمعي بخبايا اللعبة اللبنانية وتشعّباتها الاقليمية والدولية، يعرف تمام المعرفة أنّ كلّ هذا الضجيج والصراخ المحلي ما هو الا زوبعات في فنجان لا قيمة فعلية لها. وما كثرة تأكيد ما يجب أن يكون مؤكّدا إلا من أجل التستّر على واقع مخفيّ. تماما كما جاء في مسرحية زياد الرحباني “شي فاشل”، كما في حوار زياد مع أبو الزلف عندما سأله الأخير: “لشو بكلّ رواية بدك تقول كلنا اخوة؟ إذا كلكن إخوة شوفي لزوم تضل تقولا؟”.

هنا أيضا يلعب الرئيس بري دور ابو الزلف ليسأل هو الآخر: “لو أنّ  الجميع حقا يريدون من مسرحية انتخاب الرئيس العتيد ان تكون “شي ناجح” ولا يريدون الفراغ أو التجديد أو رئيس تسوية: “شو في لزوم يضلوا يقولوها؟”. فيكفي حينئذ مطالبة الكتل النيابية بتحديد تاريخ انعقاد جلسة الانتخاب، وكفى الله اللبنانيين شرّ الصراخ .

السابق
كتلة المستقبل: نطالب الحكومة بخطة امنية للبقاع والشمال وطرابلس
التالي
100 حاوية نفايات الى بلدية كفررمان هبّة