لا تأثير لماضي المرشحين في الاستحقاق؟

ينقل سياسيون عن لقاءات مع بعض أبرز من تتردد أسماؤهم للرئاسة الاولى انطباعات توحي بان هؤلاء متيقنون الى درجة كبيرة بأن حظوظهم في الرئاسة باتت مضمونة لهم بنسبة كبيرة وانهم باتوا يتصرفون على هذا الاساس. وواقع الأمر ان لبنان يقترب من موعد انتخاب رئاسة الجمهورية بنسبة كبيرة من المرشحين الذين تتردد اسماؤهم كلما اقترب موعد الانتخابات ما خلا ربما قائد الجيش الذي بات يدخل اسمه الى جانب اسماء المرشحين الرئيسيين، منذ تزكية النظام السوري القائد السابق للجيش اميل لحود للرئاسة الاولى ومن ثم بروز الرئيس ميشال سليمان كمرشح توافقي بعد اتفاق الدوحة انطلاقاً من التأييد الذي كان قائماً حوله في قيادة الجيش ما قد يعزز حظوظ القائد الحالي في حال ارتقى الخلاف بين القوى المسيحية الاساسية الى عدم دعم مرشح آخر فتؤول الرئاسة اليه بدعم اقليمي ودولي لانقاذ الموقف. وهو واقع لا تحبذ غالبية القوى السياسية المسيحية وروده باعتباره يأخذ من دربها اذا صح التعبير في حين ترفض قوى اخرى التسليم بواقع عجز السياسيين وتكريس ما سعى النظام السوري الى ارسائه من خلال جعل لبنان على غرار الدول العربية التي لا ينقذها سوى قائد الجيش في موقع الرئاسة الاولى وتطميناً للنظام السوري وفق ما كان يروج هذا النظام. ولبعض المرشحين الرئيسيين الى رئاسة الجمهورية تاريخ طويل أما من التناحر مع الدول الكبرى على خلفية ممالأة النظام السوري الذي كان وصياً على لبنان لمدة طويلة او من العلاقات الممتازة مع النظام والتي كانت نقطة سوداء بالنسبة الى طموحهم للرئاسة الاولى بالنسبة الى الخارج فيما هي نقطة تمييز وحظ كبير في ضوء النفوذ السوري الذي كان مسيطراً. فهل لمواقع هؤلاء المرشحين سابقاً اي تأثير على حظوظهم الحالية او للتغييرات الطارئة أيضاً في الاسابيع الأخيرة على مواقفهم؟

من بين المواقف التي لفتت مصادر ديبلوماسية معنية في الآونة الأخيرة ما اعلنه العماد ميشال عون الى محطة عربية في معرض تقديم الصورة الجديدة التصالحية التي اختطها لنفسه تمهيداً للانتخابات الرئاسية قوله انه دفع ثمن تحالفه مع “حزب الله” خصوصاً في رئاسة الجمهورية. ومع ان هذا الموقف استباقي قد يهدف الى ضمان الحصول على دعم الحزب لترشيحه وحده للرئاسة وعدم وضعه جنباً الى جنب مع مرشحين آخرين من قوى 8 آذار او الى جانب قائد الجيش الذي يرى كثر ان قوى 8 آذار قد تفضله على العماد عون لاعتبارات لا مجال للدخول فيها في هذا السياق، فانه يفيد بأن اي مرشح قد يقترب جداً من الحزب على غرار ما كان بعض المرشحين او الرؤساء سابقا مع النظام السوري قد لا يكون حظه كبيراً خصوصاً في هذه المرحلة بعدما تغير وضع الحزب علماً انه ورث النظام السوري في لبنان كما نفوذه الى حد كبير وتغيرت النظرة اليه لدى الدول العربية التي لها كلمتها أيضاً وتأثيرها في الانتخابات المرتقبة. وهو موقف يؤدي الى الاستنتاج بناء على هذا الموقف انه قد يكون أجدى للرئيس العتيد وفي حال الاصطفاف السياسي القائم أن يكون أقرب ما يستطيع الى موقع وسطي الى حد كبير وتوافقي مع الجميع بحيث لا يكون محسوباً على طرف او جهة لئلا تضمحل فرص وصوله في حال وجدت. ومع استباق العماد عون هذه المرحلة بالانفتاح على تيار المستقبل وعلى المملكة العربية السعودية تمتيناً لموقعه الجديد او تمهيداً له، ومع الاستعداد الذي بات يبديه قائد القوت اللبنانية الدكتور سمير جعجع لمد اليد الى “حزب الله”، على رغم انتقادات يسوقها البعض له نظراً الى رفض القوات مشاركة الجلوس على طاولة واحدة مع الحزب في الحكومة، فانما يفيد ذلك أيضاً بادراك ان الفيتوات قد تطيح مرشحي هذا الجانب أو ذاك من قوى 8 و14 آذار ما لم يحظ انتخاب اي من هذا الطرف او ذاك بموافقة الجميع تحت وطأة احتمال الذهاب الى حرب أهلية او ما شابه في حال العكس اي في حال نجاح اي فريق في ايصال مرشحه من دون توافق الحد الأدنى مع الفريق الآخر.

الا أن المصادر الديبلوماسية الغربية لا ترى من جانبها اي تأثير للمواقع السابقة للمرشحين على حظوظهم الحالية. اذ تستند في تقويمها الى ان الناس يتغيرون وما كانوا عليه في السابق لجهة ميولهم او حساباتهم السياسية أمر قد لا يبقى ثابتاً علماً ان فن السياسة هو فن التعامل مع المتغيرات وفق ما تقول هذه المصادر. وليس مستغرباً والحال هذه وفي حال مال الحظ الى جانب مرشح يتمتع بالدعم الأكبر لدى غالبية القوى السياسية ان يساهم وصوله الى الرئاسة الاولى في تغيير أولوياته وبرنامجه وقد لا يكون عادلاً عدم اعطاء فرصة لمرشحين من هذا النوع ووضع الماضي جانباً نظراً الى ما يترتب عليه في موقع الرئاسة الأولى. فالحكم على أي من المرشحين لا يتم بناء على الماضي بمقدار ما بات يتم بناء على الاستعداد للمستقبل وكيفية التعاطي مع التحديات التي تواجه لبنان اقله في حسابات بعض الدول الكبرى. وعليه تبدو مهلة الشهرين المتاحة أمام انتخاب الرئيس حبلى بالمفاجآت التي قد تنسف الكثير من الانطباعات السائدة حالياً .

السابق
السفير: كل ماروني مرشح.. فمن هو الرئيس؟
التالي
سليمان لـ’المستقبل: قمة العرب تتبنّى ’إعلان بعبدا’