صواريخ المعارضة طالت اللاذقية

لم تعد مدينة اللاذقية التي يؤيد غالبية سكانها نظام الرئيس السوري بشار الأسد في مأمن من الحوادث العسكرية العنيفة التي تجتاح سوريا. فسقوط صواريخ “غراد” في حي الزراعة ينذر بالأسوأ، لا سيما وأن الحي المستهدف ذات غالبية علوية، ومصدر الصواريخ الريف السنّي حيث تتمركز فصائل إسلامية معارضة.

قرب مقهى “مينا” ذي الطابع الشبابي سقطت الصواريخ لتحدث حالة من الصدمة والهلع في صفوف الناس. “لم يتوقع أحد أن تقصف هذه المنطقة. كنا نظن أن النيران بعيدة عنّا”، يقول أحد قاطني الحي المستهدف لموقع NOW، موضحاً أن “أكثر من خمس سيارات تفحمت بالكامل وسقط ستة جرحى أحدهم بحالة خطرة”.

لا يجد شاهد العيان هذا، سوى كليشيهات التلفزيون السوري ليبرر بها سبب سقوط هذه الصواريخ، فيقول “هناك عصابات إرهابية تتمركز في الريف، وعلى الجيش أن يقتحم مقراتها وينهي وجودها، كي نرتاح بشكل نهائي”. لكن هذا التفسير البديهي لم يعد قادراً على إقناع سكان الأحياء العلوية في اللاذقية، وإعادة ترسيخ فكرة الأمان في نفوسهم.

تساؤلات كثيرة بدأت تُطرَح بجدية، حول القدرة الحقيقة التي تتمتع بها المعارضة المتمركزة في الريف، ولماذا لا يقوم جيش النظام باجتياح هذا الريف والقضاء عليها.

ويحمل موقع سقوط الصواريخ رمزية كبيرة، إذ إنه لا يبعد سوى أمتار قليلة عن قصر فواز الأسد ابن عم الرئيس الراحل حافظ الأسد، كما أن ذلك الشارع يعتبر امتداداً لساحة “دوار الزراعة” التي احتضنت ولا تزال، معظم المسيرات والمهرجانات المؤيدة لبقاء النظام السوري.

ما يعني أن كتائب المعارضة أرادت توجيه رسالة مزدوجة عبر إطلاق الصواريخ، تخصّ بشقها الأول عائلة الأسد، وفي الثاني الإجماع العلوي الذي يؤيد هذه العائلة ويخرج بشكل منتظم في مسيرات ضخمة ليعلن ذلك.

لكن الناشط عمر الجبلاوي الذي يرافق مجموعات المعارضة في ريف اللاذقية، يرى في حديثه لموقع NOW أن “الهدف الرئيسي من إلقاء الصواريخ هو ضرب المربع الأمني للنظام في اللاذقية، الذي يتمثل بفروع الأمن السياسي والجنائي والعسكري وليس استهداف المدنيين”.

وتزامن سقوط دفعة من صواريخ “غراد” على حي الزراعة مع سقوط دفعة ثانية في أحد شوارع حي المشروع السابع، الذي يضم عدداً من الفروع الأمنية التابعة للنظام، إلا أن هذه الصواريخ سقطت في مواقع سكنية محاذية لهذه الفروع من دون أن تحدث أضراراً فادحة، الأمر الذي برّره الجبلاوي بأنّ “صواريخ “غراد” غالباً ما تخطئ هدفها لأن رقعة تحديد الإحداثيات من المستحيل ضبطها بشكل دقيق”.

وبحسب الناشط المعارض فإن “من يقف وراء إطلاق هذه الصواريخ هي كتائب من “الجبهة الإسلامية” إضافة إلى كتائب “نصرة المظلوم” وكلاهما يتمركز في قرى سنية تطل على مدينة اللاذقية”.

بدوره، لا يجد أبو ناصر اللاذقاني، الشاب الذي انضم إلى المقاتلين المعارضين في ريف اللاذقية قبل حوالى سنتين بعد القمع الذي مارسه النظام ضد الأحياء السنّية، أي مشكلة في استهداف المدنيين العلويين في المدينة، كما يقول، مشيراً في حديثه لـNOW إلى أن “طائرات النظام تقصف المدنيين في حلب وحمص ودمشق بالبراميل المتفجرة، ما يعني ان المعارضة رحيمة جداً حين تستخدم صواريخ “غراد” ضد مؤيدي النظام المجرم”.

ويضيف اللاذقاني “لا بد من الضغط على النظام الأسدي عبر ضرب حاضنته الشعبية. هؤلاء يبررون قتل أهلنا في حلب ودرعا وحمص عند كل مسيرة تأييد يخرجون فيها”.

وبالرغم من أن النظام السوري سارع إلى قصف ريف اللاذقية حيث تتمركز مجموعات المعارضة بعد ساعات على سقوط الصواريخ، فإن العديد من الموالين يحمّلونه مسؤولية ما يحصل، وهذا ما ظهر على صفحات مؤيدة للنظام على مواقع التواصل الإجتماعي.

وتُعتبر هذه المرة الاولى التي يُستهدف فيها قلب المدينة، إذ تبنت “الجبهة الاسلامية” في التاسع من شهر آذار/مارس الجاري إطلاق صواريخ “غراد” سقطت آنذاك في مناطق الدعتور وقيادة الكلية البحرية ونادي الفروسية التي تعدُّ من ضواحي المدينة.

كتائب المعارضة أرادت توجيه رسالة مزدوجة عبر إطلاق الصواريخ. (وكالات)

قرب مقهى “مينا” ذي الطابع الشبابي سقطت الصواريخ

السابق
الموفد البريطاني الخاص إلى دمشق: سوريا تنقسم
التالي
مسؤول امني ايراني يؤكد نبأ مقتل احد افراد الحرس الايراني الحدودي