مؤتمر’التعددية الدينية’: دعوة لحوار بين النجف والأزهر

أقامت جامعة الكوفة بالتعاون مع معهد الدراسات العقلية في النجف مؤتمراً دولياً بعنوان “التعددية الدينية في أفق حوار الحضارات” في النجف، جنوب العراق، يومي 20 و21 شباط / فبراير، حضرته شخصيات سياسية ودينية وعلمية من دول عربية وإسلامية وغربية عدة، بينها: لبنان، مصر، الأردن، الجزائر، إيران، تركيا، الولايات المتحدة، وبريطانيا، والكثير من وسائل الإعلام.

اقامت جامعة الكوفة بالتعاون مع معهد الدراسات العقلية في النجف مؤتمراً دولياً بعنوان “التعددية الدينية في أفق حوار الحضارات” في النجف، جنوب العراق، يومي 20 و21 شباط / فبراير، حضرته شخصيات سياسية ودينية وعلمية من دول عربية وإسلامية وغربية عدة، بينها: لبنان، مصر، الأردن، الجزائر، إيران، تركيا، الولايات المتحدة، وبريطانيا، والكثير من وسائل الإعلام.
المؤتمر، الذي عقد برعاية رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، شارك فيه وزير التعليم العالي علي الأديب والشيخ محمد أختري، ممثلاً للرئيس الإيراني حسن روحاني، والأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية آية الله محسن الأراکي، وعدد من رجال الدين الشيعة والسنّة والمسيحيين، بينهم ممثل عن الطوائف المسيحية العراقية، والأب أنطوان ضو من لبنان. كما شارك رئيس منتدى الفكر العربي الأمير الأردني الحسن بن طلال بكلمة من خلال دائرة الفيديو.
وقال الأديب إن الفرقة التي يشهدها العالم الاسلامي “تحتاج من كل العلماء والمفكرين ومن شتى المذاهب والأديان إلى إعادة إنتاج حوار حضاري وفكري يشخّص كل الأسباب التي ولّدت هذا الصراع الطائفي في المنطقة”. وطالب الأديب “مفكري الأمة الإسلامية الى قراءة مكامن الفتنة والاختلاف، ومحاولة الإجابة عن السؤال الذي يشغلنا جميعاً: لماذا لم تتمكن كل المشتركات التي تربط المسلمين بعضهم ببعض، من ردع أصحاب الأفكار التكفيرية الضالة وتحجيم دورهم في تحديد مستقبل الأمة الإسلامية”.
الأمير الحسن بن طلال أكد على دور النجف التاريخي في توحيد المسلمين، وذكّر بدور مكة تاريخياً في جمع جميع المذاهب الإسلامية في مجلس واحد قبل حكم آل سعود، منتقداً ضمناً غياب هذا الدور. وقال الحسن إن النجف “أثرت العالم الاسلامي بما أنتجته من علوم وفكر وحضارة، وهي الآن بوسعها أن تعيد هذا الدور من خلال عقد طاولة مستديرة بين المرجعية الدينية” في النجف وعلى رأسها أية الله العظمى السيد علي السيستاني والمرجعيات الأخرى، والمرجعيات الفكرية في الأزهر، بهدف إحياء روح الأخوة والألفة بين كل المسلمين في العالم، وتوحيد كلمة المسلمين ودرء الفتن والصراعات التي عصفت بالعالم الإسلامي بعد انتشار التيارات التكفيرية.
كما دعا الحسن الوزير الأديب تبنّي عقد هذا الحوار بالتعاون مع مع “منتدى الفكر العربي”. الأديب رد مباشرة وأعلن تبنيه عقد طاولة مستديرة بين النجف والأزهر.
المؤتمر ناقش على مدى يومين في عدد من القاعات في جامعة الكوفة ثلاثة محاور هي: التعددية الدينية، وأثر الدين في حياة الانسان، وأزمة الطائفية.
الشيخ الآراكي أشار إلى أن الاتجاهات المتناقضة حول تفسير الحقيقة الواحدة والثابتة لا يمكن جمعها،..، وأنه لا مناص من الاختلاف في فهم هذا الدين ونصوصه، لأن الاختلاف ضمن هذه الحدود يثري الفكر الإسلامي”. وأضاف أنه “يجب الاعتراف بدين واحد متكامل أرسله الله بمراتب على الأنبياء لتحقيق هدف واحد، وهو إقامة العدل وحكم الله على الأرض”.
الأستاذ في جامعة الكوفة الباحث والشاعر محمد حسين الصغير تحدث عن معاناة العراق من الإرهاب التكفيري. وقال إن العراق لم يعرف الطائفية في تاريخه إلا في عهد صدام حسين، وبعد الغزو الأميركي تم إذكاء الطائفية. وأشار إلى تاريخ النجف من ثورة العشرين ضد الاستعمار البريطاني ومساهمة النجف في دعم القضية الفلسطينية منذ مشاركة المرجع الديني محمد حسين آل كاشف الغطاء في المؤتمر الإسلامي في القدس عام 1931 حيث، صلّى وخطب في المسجد الأقصى بجميع المشاركين في المؤتمر. وذكّر الصغير كيف رفض المرجع الديني محسن الحكيم استقبال الرئيس نوري السعيد بسبب عدم إرساله الجيش العراقي للقتال في فلسطين عام 1948.
وكان لافتاً مشاركة ثلاثة باحثين من الولايات المتحدة الأميركية وباحث من بريطانيا، بينهم الباحث الأميركي البارز إريك ديفس، أستاذ العلوم السياسية في جامعة روتجرز الأميركية، وهو خبير بالشأن العراقي، وقد قدم ورقة بعنوان “التعددية أو الطائفية”؛ والباحث الأميركي من أصل إيراني، روي متحدة، الأستاذ المعروف في جامعة هارفرد، وقد قدم ورقة عن التعددية الدينية في التقاليد الإسلامية؛ والباحث البريطاني جيري ميكنا الذي تحدث عن “حل النزاعات السياسية والدينية: دروس إيرلندا الشمالية”.
أما الباحث الأميركي عبد العزيز ساشدينا، أستاذ كرسي الدراسات الإسلامية في جامعة جورج ماسون، فقدم ورقة عن “مبادئ العلاقات بين الأديان ومستقبل النظام التعددي”، رأى فيها أن القرآن انتقد بشدة الإدعاءات بامتلاك حصرية الحقيقة في المجتمعات التي عاشت قبل الإسلام مما أدى الى انتشار العداء فيما بين هذه المجتمعات وتدمير حياتهم. وأوضح أن القرآن يدعو إلى الأخلاق كأساس للتعاون بين الأديان داخل المجتمع الواحد، وأن العلاقات بين الناس قائمة على أساس تعايش اجتماعي وسياسي فردي وجماعي، مع مسؤولية شخصية ومحاسبة اجتماعية كوسيلة لتحقيق العدالة والإنصاف في العلاقات الإنسانية. وأضاف أن “التأسيس لجتمع مدني في الإسلام ينبغي أن يكون قائماً على المساواة من حيث صفة المواطنة والتي ترتبط بشكل متساوٍ بين المسلمين وغير المسلمين. فالإسلام ليس مجرد طاعة الفرد لله، بل هو أيضاً عبارة عن ميثاق يلزم المسلم وغير المسلم ببعضهم البعض. وهذا الميثاق لم ينتهِ بوفاة النبي”.
الباحث محمد علوش قدم ورقة عن “التوتر المذهبي من منظور تيارات الإسلام السياسي: الأسباب والمآلات”، رأى فيها “أن أكثر ما يهدد العالم الإسلامي اليوم هو التوتر الديني المتمثل في الاحتقان المتزايد بين المذهبين السني والشيعي، وأنه في حال لم يسعَ المعنيون لتفكيك هذا التوتر والحدّ منه، فإننا سنواجه، على الأرجح، في السنوات القليلة القادمة حرباً دينية لا تبقي ولا تذر”.
وعرض علوش لمواقف كل من الإخوان المسلمين وحزب التحرير الإسلامي والسلفيين من الشيعة، وقال: “إن الإخوان المسلمين وحزب التحرير يريان أن مذهبي الزيدية والإمامية الإثنا عشرية هما من جملة المذاهب الإسلامية المعتبرة فقهياً مع بعض التحفظات في بعض المسائل العقدية”، بينما تعتبر كل من السلفية العلمية والجهادية الشيعة كرافضة وأهل بدعة وضلالة.
كما شرح علوش رؤية التيارات الإسلامية والسلفية السنّية لسياسات الشيعة في الماضي والحاضر، واتهامهم بالتحالف مع التتر والأوروبيين ضد الخلافة الإسلامية السنّية، وتعاون إيران وأميركا في العراق وأفغانستان وسوريا اليوم. ودعا علوش إلى الفصل بين الخلاف السياسي والاختلاف الديني، وإعادة مواضيع الخلاف المذهبي الى دوائره العلمية وسحبه من السجال الشعبي والسياسي، معتبراً أن لا جدوى من فكرة التقريب بين المذهبين، لأن الخلاف واضح وصريح، داعياً إلى تنظيم الخلاف والقبول به في إطار من الصيرورة التاريخية والمجتمعية.
من جهته، قدم الباحث اللبناني قاسم قصير ورقة عن تجربة المؤتمر القومي الإسلامي في الحوار بين الإسلاميين والعلمانيين، مشيراً إلى وجود قواسم مشتركة كثيرة بين الجانبين بحيث أنهما يسعيان إلى الأهداف نفسها، من الدعوة إلى الحرية والمساواة والديموقراطية والعدالة الاجتماعية والتحرر من هيمنة الاستعمار وتحرير فلسطين.
وقدم عادل زيادة من مصر ورقة حول التسامح الإسلامي مع المسيحيين عارضاً صوراً لترميم المسلمين لكنائس مصرية خلال العهود الإسلامية المتعاقبة. كما قدم ماجد الخواجة من الأردن ورقة عن مشكلة الطائفية والتعددية الدينية، فيما تحدث هيثم مزاحم عن ضرورة التعددية الدينية.

السابق
أوكرانيا: عن حيتان المال والسياسة
التالي
رحلة صعبة ودموية